وفيق صفا في ضيافة ميرنا الشالوحي… باسيل يُعيد التموضع
تستبق بكركي زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى باريس مطلع الشهر المقبل، بمحاولة الخروج بموقفٍ سياسي “مسيحي” موحّد من قضية الإستحقاق الرئاسي. لذا، تنشط الكنيسة المارونية في دعم التلاقي بين القوى السياسية المسيحية للإتفاق في ما بينها. وربطاً بما يتمّ تداوله، تحرص بكركي على البقاء مطلعة على تفاصيل النقاشات المسيحية – المسيحية الدائرة خلف الغرف المغلقة، في مقابل تأكيدها على أنها تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين، كي لا تُفسّر زيارتها أنها تأتي على حساب مرشّح دون آخر، دون أن تُنكر أن أحد أهداف الزيارة “جسر الهوّة” مع الفرنسيين، مع التشديد على أنها تفضل السيناريو القائم على خوض السباق الرئاسي بأكثر من مرشّح.
أزعور أم حنين؟
لا جديد يُمكن إضافته على ما سبق ذكره بالنسبة إلى “النقاش” القواتي – التياري حول رئاسة الجمهورية. لكن ما يمكن الإشارة إليه أن التواصل قائم من خلال قناتين منفصلتين من دون معرفة مدى التنسيق بينهما. الأولى قناة فادي كرم – جورج عطالله، والثانية يتولاها رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، الذي يأمل حجز دور سياسي مسيحي، بعد الخسارات المتوالية ضمن بيئته والإنتقادات المتتالية له بالإبتعاد عنها.
عملياً، بدأ النقاش بين القوى المسيحية الثلاث وتوسّع باتجاه القوى الأخرى على قاعدة “الورقة” التي حملها راعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران أنطون ابو نجم، وضمّت ما يقارب 11 إسماً، سرعان ما أفضت المفاوضات إلى تقلصيها لتنحصر ضمن أسماء عدد من الوزراء السابقين وهم جهاد أزعور، زياد بارود وصلاح حنين. وخلافاً لما ذُكر من أن النقاش قطعَ شوطاً في شأن تبنّي ترشيح أزعور من جانب “الثلاثي”، تؤكد مصادر “ليبانون ديبايت” ان “طريق الإتفاق طويل ولا يمكن الجزم بحصوله قريباً”. ومن بين الأسباب، عدم حسم “التيار الوطني الحر” لموقفه، في انتظار لقائه المرتقب مع مسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا الذي يزور ميرنا الشالوحي الأسبوع الجاري، علماً أنه اللقاء المباشر الأول بين الرجلين بصفتهما الرسمية منذ بدء مرحلة التباين السياسي بين الحزبين.
في المقابل، تجاوزت النقاشات المسيحية – المسيحية محور الثلاثي الطبيعي، التيار القوات والكتائب، وباتت تشمل النواب المسيحيين المعارضين والمستقلين و “قوى التغيير”. وبحسب المعلومات، يجري التواصل “تغييرياً” مع باسيل من خلال وسطاء، غالباً أصدقاء مشتركين يغلب عليهم الطابع الإجتماعي، مع حسم الخيارات بالنسبة إلى معظم نواب “التغيير” حيال تأييدهم ترشيح الدستوري صلاح حنين. وقد أبلغَ هذا الموقف إلى النائب غسان سكاف خلال حراكه الأخير، المتهم من جانب قسم من “التغييريين” أنه يعمل على تسويق جهاد أزعور، مدعوماً بمجموعة من النواب، أعضاء ما يسمّى بـ”جبهة المعارضة”، مع الإشارة إلى كون هؤلاء منقسمين بين أزعور وحنين.
باسيل لن يستفز الحزب
تقول مصادر مقربة من التيّار لـ”ليبانون ديبايت” إن السبب في عدم حسم باسيل أموره بالنسبة إلى مرشّحه، لا ترتبط بشخصية أزعور (المدعومة منه) إنما تعود إلى عدم رغبته في تجاوز مواصفات الحزب الرئاسية. إذ لوحظِ أن باسيل، بات يبدي حرصاً لا سيّما خلال الفترة الأخيرة، على عدم تبنّي مواقف تأخذ طابعاً مستفزاً للحزب. ونقل عن “عونيين” إعتقادهم أن باسيل مقبل على “تبريد” العلاقة مع الضاحية وجمهورها تمهيداً لبدء معالجة عميقة. وبحسب مصادر موثوق بها، سيقبل باسيل على إجراء تغييرات على خطابه، تحديداً في الشق المتعلق في مقاربة العلاقة مع جمهور الحزب أو البيئة الشيعية ككل. وبشرط ابقاء التباين قائماً في المسألة الرئاسية، يحرص باسيل ألاّ يسير في إسم مرشح يشكل استفزازاً (أو لا يمثل ثقة) بالنسبة إلى الحزب، وهو ما بيّنه من خلال المقربين منه، الذين أوصلوا إلى قيادة الحزب رسائل في هذا الإتجاه قوبلت بكثيرٍ من الود.
ومن الممكن ربط خطوة باسيل بأخرى أقدم عليها “حزب الله” أخيراً. إذ أعربَ عن رفضه تغطية جلسة لحكومة تصريف الأعمال إن ورد على جدول أعمالها بندٌ يتعلق بتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان بمعزل عن “شور المسيحيين”. وقد تواتر إلى باسيل من قبل أكثر من صديق مشترك مع الضاحية، أن الأخيرة سبق لها أن أدرجت أزعور “من ضمن الخيارات الغير مضمونة” ربطاً بخلفيته السياسية، وإن الحزب ليس في وارد القبول به حتى وإن جرى تجاوز مسألة ترشيح سليمان فرنجية، وهو أمر عبر عنه “حزب الله” في وقتٍ سابق على لسان رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد. ومن المرجّح أن موقف الحزب من أزعور، أتى كنتيجة للجلسات الثنائية بينهما.
المعارضة تلحق الرياض
وبمعزل عن كل ذلك، يبدو أن معركة النصاب قد دخلت سباقاً مختلفاً مع إشارة السفير السعودي وليد البخاري إلى نواب “تكتل الإعتدال” المحسوبين بمجموعهم على الرياض، بضرورة المشاركة في أي جلسة مقبلة لانتخاب الرئيس، ما فهم على أنه “قبة باط” من الرياض رئاسياً. وفي جديد أسرار “جلسة الفطور” بين البخاري ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الأسبوع الماضي، ينقل أن الرياض تفضل حصول جلسة انتخاب الرئيس الشهر الجاري، ما أعطى انطباعاً أن الرياض تأمل أن تتم الدعوة إليها بعيد اجتماع القمة العربية في 19 من الجاري، ويجدر أن تحظى بمشاركة الكتل وضرورة أن تعطي أي جلسة إنتخابات رئاسية طابعاً تنافساً بين أكثر من مرشح. وفهم أن الحراك الجاري على مستوى قوى المعارضة من أجل التفاهم على مرشّح مشترك، يأتي في قسم منه تفسيراً للرأي السعودي.
وبحسب المصادر، تأخذ المواجهة حول شكل الجلسة طابعاً تنافسياً بين رئيس مجلس النواب نبيه بري المتبنّي بالكامل ترشيح سليمان فرنجية والقوى المعارضة له. فدعوة برّي إلى جلسة في موعد أقصاه 15 حزيران المقبل، فُسّرت –إلى جانب اعتبارها نوعاً من التحفيز- أنها محاولة منه لجرّ “المعارضة” إلى جلسة مسستفيداً من موقف السواد الأعظم الرافض لمقاطعة الجلسات. وفي الطريق إلى ذلك يخوض برّي “معركة الأحجام” من خلال محاولته تأمين 65 صوتاً لسليمان فرنجية، مراهناً في ما يبدو على اللقاء المرتقب بين الحزب وباسيل.
في المقابل، تنتهج قوى المعارضة أسلوباً لا يقل مكراً من خلال محاولتها الإتفاق على مرشّح وتأمين عدد كافٍ من الأصوات تجعل منه رئيساً ضمن معدلات ال65، ما يؤهل الجلسة الرئاسية المقبلة لأن تصبح منازلة رئاسية بين فريقين. يحدث ذلك للمرة الأولى منذ إتفاق الطائف.
ليبانون ديبايت