هل يلجأ العرب إلى “الوسطية” في الحلّ الرئاسي اللبناني

هل يلجأ العرب إلى “الوسطية” في الحلّ الرئاسي اللبناني

المواقف السياسية باقية على حالها. لا شيء تغيّر، ولا شي سيتغيّر في القريب المنظور. ولا حلحلة ظاهرة في أفق الأزمة الرئاسية. فكل فريق من “محوري التعطيل” يخفي ما يملكه من أوراق لا تزال مستورة، أقّله بالنسبة إلى خيار “المعارضة”، التي لا تزال غير موحدّة الصفوف، يقابلها وضوح في الرؤية لدى الفريق الآخر، الذي لا يزال متمسكًا بترشيح رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، على رغم ما يبديه بعض قياديي هذا المحور من استعداد للبحث الجدّي مع فريق “المعارضة” في الخيارات الأخرى الممكنة، وذلك توصلًا إلى الحدّ الأدنى من التوافق على سلّة متكاملة للحل، وتشمل رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والحكومة والتعيينات الرئيسية، ومن أهمهما حاكمية مصرف لبنان.

إلاّ أن المعلومات المتوافرة حتى الآن لا تشي بأن ثمة حلحلة ممكنة في القريب المنظور، أقّله ليس قبل تبلّور ما يمكن أن يصدر عن القمة العربية في جدة من قرارات قد يستفيد منها لبنان في مرحلة لاحقة، خصوصًا أن هذه القمة تنعقد في ظل ظروف مغايرة عمّا سبقها من قمم، خصوصًا أنها تأتي متزامنة مع الاتفاق السعودي – الإيراني، وتحضرها سوريا بعد انقطاع دام اثنتي عشرة سنة متواصلة، مع ما تعنيه العودة السورية إلى الحضن العربي، وما يمكن أن يكون لهذه العودة من انعكاسات مباشرة على الوضع اللبناني.

من هنا، فإن أكثر من مرجع سياسي يعّلق أهمية كبيرة على مشاركة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على رأس وفد وزاري في القمة العربية، وما سيتخللها من لقاءات جانبية مع القادة العرب، تمهيدًا لصدور قرار عربي جامع سيكون، في رأي بعض المصادر في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في حجم التحدّيات المصيرية، التي يواجهها لبنان، والتي تتطلب وقوف أشقائه العرب إلى جانبه، إضافة إلى حرص جميع القادة العرب، من ملوك وأمراء ورؤساء، على أهمية الحفاظ على استقرار لبنان، وعلى ضرورة نزع فتيل أي تفجير محتمل نتيجة تفاعل أزمة النازحين السوريين.

وبما أن رئيس الحكومة يعمل بكل ما في وسعه، ومن خلال تفعيل العمل الحكومي بما تفرضه التحدّيات اليومية من قرارات مستعجلة وحاسمة، وهو الوحيد من بين مختلف المكونات السياسية، الذي يقف على الحياد في الملف الرئاسي وغير منحاز لأي من الخيارات المطروحة باعتباره واحدا من بين قلائل يريد أن يأكل اللبنانيون عنبًا رئاسيًا لا أن يُقتل الناطور لألف سبب وسبب، فإن انظار القادة العرب ستكون مرّكزة على الدور، الذي لا يمكن أن يقوم به سوى الرئيس ميقاتي، مطلق نظرية الوسطية، بما تعنيه من حاجة ملحة في مثل هذه الظروف التي يعيشها لبنان، مع هذا الكمّ من الانقسامات الحادّة، عموديًا وأفقيًا.

والواضح أن العرب مصممون على أن يبقى الاستحقاق الرئاسي اللبناني محصورًا ضمن دائرة “اللبننة”، مع كامل الاستعداد للتدّخل في مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية لمساعدة اللبنانيين على الوقوف على أرجلهم اقتصاديًا من جديد من خلال ما يُطرح من معالجات على مستوى صندوق النقد الدولي، الذي يُعتبر البوابة الوحيدة، التي ستعبر من خلالها المساهمات العربية الاستثمارية، والتي ستكون ركيزة لاستثمارات أوسع على مستوى إعادة الاعمار في سوريا.

إلاّ أن مصادر ديبلوماسية متابعة لحركة الاتصالات التي يجريها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري تشير إلى أن حصيلة ما تمّ التوصّل إليه من خلاصات واستنتاجات حول المأزق الرئاسي الناتج عن عدم التوافق الداخلي على الخروج من عنق الزجاجة الرئاسية، سيوضع أمام القادة العرب لتحديد الآليات الممكن اعتمادها في حال بقي اللبنانيون، من خلال نوابهم الذين يمثّلون مختلف الشرائح السياسية، مصرّين على ترك مصير بلادهم معلّقًا بـ “حبال الهواء”. وقد يكون اللجوء إلى تأييد فرض عقوبات أوروبية على معرقلي الانتخابات الرئاسية من بين الخيارات العربية المحتملة.

إلاّ أن الفرصة الأخيرة ستترك لوسطية رئيس الحكومة، مع بروز مؤشرات متسارعة حول إمكانية اعتماد هذه الوسطية كحّل محتمل وممكن للأزمة الرئاسية.

لبنان 24 اندريه قصاص

Exit mobile version