مواجهة مكتومة بين واشنطن وباريس حول “المركزي”
دفعت مذكرة التوقيف الفرنسية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بالعنوان المالي ـ القضائي إلى الواجهة، من دون أن توفر ارتدادات هذا التطوّر البارز، الإستحقاق الرئاسي، وذلك انطلاقاً من الترابط ما بين التحقيق بملفات الفساد التي يقوم بها القضاء الأوروبي، إذ أن أوساطاً سياسية مواكبة، لاحظت وجود ترابطٍ خفي ما بين الدور الفرنسي في لبنان والموقف الأميركي منه، واعتبرت أن ” باريس قد ردّت على دخول واشنطن على خط الإستحقاق الرئاسي، أولاً من خلال بيان وزارة الخارجية الذي غمز من قناة مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون، الداعم لترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وثانياً من خلال العقوبات بحق الأخوين رحمة، مع ما يحمله القرار من أبعادٍ سياسية، سواء من حيث التوقيت أو من حيث الرسالة المباشرة إلى الفريق المؤيد لترشيح فرنجية، ومعه باريس.
وعلى هذه القاعدة، تقرأ الأوساط، في القرار القضائي بحقّ سلامة، فصلاً من فصول المواجهة المكتومة في لبنان، وذلك، في سياق الدخول الفرنسي على موقع الحاكمية الذي تمتلك واشنطن الكلمة الفصل فيها.
وتقول هذه الأوساط لـ”ليبانون ديبايت”، إن الرئيس ماكرون لم يهمل الإعلان خلال زيارته إلى الصين أخيراً، بأن فرنسا “لا تتبع الولايات المتحدة”، ويتحرك على الساحتين الإقليمية وأيضاً الإفريقية، خلافاً للمصالح والإتجاهات الأميركية. وتستدرك مؤكدةً أن الإصرار الفرنسي على مواجهة “الفساد والهدر” في لبنان، يحمل طابعاً إنتقائياً، وإن كان سلامة مسؤولاً، وليس منفرداً، عن الواقع المالي في لبنان.
وبالتالي، فإن الأوساط، تعتبر أن السلطة السياسية والحكومات المتعاقبة تتحمل مسؤولية الإنهيار المالي، وسقوط النظام المصرفي، ولكنها تسعى، ومن خلال اعتماد سياسة الصمت والإنكار، إلى رمي هذه المسؤولية على الحاكم من خلال تحويله إلى “كبش محرقة”، وتمييع حقيقة هدر هذه السلطة لمئة مليار دولار من المال العام وأموال المودعين.
وعن طبيعة الردّ الأميركي على مذكرة التوقيف الفرنسية بحق سلامة، تتوقع الأوساط نفسها، أن يأتي على مستوى الإجراء المذكور، معتبرةً أن التداعيات الأولية قد تطال الإستحقاق الرئاسي أولاً، وتعيين حاكم جديد للمركزي ثانياً، وخيار التجديد لسلامة، ولو كان مستبعداً ثالثاً.
ليبانون ديبايت