“ليلة القبض” على سلامة: هذه هي ظروفها وكلفتها
كتب جورج شاهين في” الجمهورية”:
تعتقد مراجع قضائية وقانونية انّ كل ما سبق من مواقف واجراءات ومواقف سبقت وصول “النشرة الحمراء” بحق سلامة الى بيروت لم يعد لها اي قيمة قانونية او قضائية فعلية، ما عدا تلك التي صدرت عن وكلاء سلامة الذين بدأوا بالتحضير للرد على شكل القرار القضائي الفرنسي ومضمونه بما يمكن اتخاذه من إجراءات أمام دوائر القاضية بوريزي قبل ان تُحال الى التقاعد قريباً. وهي آلية قانونية وقضائية يمكن المضي بها بمعزل عن الإجراءات التي يمكن ان تتخذ في بيروت انتظاراً لما يمكن ان يتخذه المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات بعد دخول البلاد عطلة نهاية الاسبوع. فالمهل المفتوحة أمامه تسمح بعدد من الإجراءات المتعددة الوجوه التي يمكنه اللجوء إليها في هذه الفترة الفاصلة عن مرحلة اعادة التواصل مع القضاء الفرنسي.
وعليه، تنتظر الاوساط المراقبة ما يمكن ان يُقدم عليه عويدات من إجراءات وهي ممكنة بمعزل عن مباشرة الفريق القانوني لسلامة أمام القضاء الفرنسي الذي يسعى الى إلغاء “الإشارة الإجرائية” التي صدرت عن الانتربول بناءً لطلب القاضية بوريزي، استنادا إلى واقعة “تغيّبه عن جلسة الاستجواب التي حددتها له في 16 أيار الجاري، وهي خطوة ممكنة ان نجحوا بتبرير غيابه لسبب وجيه ومفاده “عدم إخطاره تِبعاً لأصول القواعد والقوانين المرعية الإجراء”. وهو ما لا يحول دون تحديد عويدات جلسة تخصّص للاستماع إلى سلامة الاسبوع المقبل، على ان يتخذ بعدها المُقتضى القانوني في شأنها.
وفي موازة ما هو منتظر من هذه الإجراءات الممكنة، فقد لفتت مصادر قانونية وقضائية ان أمام عويدات أكثر من خطوة تلقائية وتقليدية عليه اتخاذها تلبية لـ”لإشارة الدولية”. وانّ اولى الخطوات تقول باستدعاء سلامة والاستماع إلى أقواله قبل ان يقرر إمكان توقيفه في حال ارتأى ذلك. او اصدار قرار بضبط جواز سفره ومنعه من السفر في انتظار ورود الملف الموجود في عهدة القضاء الفرنسي الى بيروت بناء لطلبه كخطوة اجبارية لا يمكن ردّها.
وفي انتظار هذه الإجراءات التي سيعلن عويدات عنها في حينه، فقد لفتت المصادر القانونية والقضائية عينها الى انه سيكون على عويدات إن لم يقرر الاستماع الى سلامة شخصياً ويمكن تكليف من يقوم بالمهمة من بين أحد المحامين العامين وهم اربعة وللبعض منهم سبب قد يحول دون الخطوة. فالقاضي عماد قبلان سيُحال الى التقاعد خلال اسابيع قليلة ولا يمكن إحالته امامه قبل ان يغادر موقعه في اقل من شهر واحد لأسباب ادارية منطقية، وان أحيل الى القاضي غسان خوري فقد لا يتسلّم الملف لاسباب محددة لا نقاش فيها. وإن كلفت القاضية ميرنا كلاس قد يكون من السهل الطعن بمثل هذه الاحالة. ذلك أنها من القضاة الذين حققوا في ملف سلامة من قبل مع القاضي جان طنوس ويسهل على وكلائه الطعن وكَف يدها لأسباب وجيهة، ومنها ما يمكن ان تضمره من عداء مُسبق لتبقى احتمال احالته الى المحامي العام الرابع صبوح سليمان آخر المطاف.
وبمعزل عن هذه الخطوات التي يمكن عبورها بالطريقة التقليدية والعادية يبقى على المعنيين بالملف التوقف امام كلفة “ليلة القبض” على سلامة وانعكاس هذه الخطوة على كونه حاكماً للمصرف المركزي وما له من صلاحيات تُطاوِل مصير الوضع المالي والنقدي في البلاد، ان لم يتم توفير البديل منه في ظروف ادارية ومالية طبيعية وقانونية كما تقول به القوانين المرعية الاجراء لا سيما منها قانون النقد والتسليف. عدا عن تلك التي تحكم العمل في المصرف المركزي والمؤسسات والهيئات المكملة لعمله في السوق النقدية والمالية التي يشرف على إدارتها.
وبالإضافة الى هذه الملاحظات التي لا يمكن تجاهلها، يبقى ان هناك اهم واخطر منها تجلّى في الساعات القليلة الماضية عند تقدّم احدى كبريات الشركات المالية الدولية بسؤال الى المراجع الرسمية المعنية في لبنان عن مدى “قانونية وشرعية توقيع” سلامة، بعد القرار القضائي الفرنسي ليبنى على الجواب سلبا وايجابا، ما يمكن ان يتردد عليه من نتائج خطيرة – ومع الخوف من حفظه في مكان ما – فإنّ الجواب عليه سلباً يمكن ان يؤدي الى عزل لبنان نهائياً عن المصارف المراسلة والأسواق المالية العالمية ما يؤدي الى عزل لبنان نهائياً عن هذا العالم ووقف كل وسائل التواصل معه. وهو ما يُنبئ بكارثة حقيقية لم تعرفها اي دولة في العالم من قبل لبنان.