جنبلاط : القرار ليس مفاجئا
إختار زعيم المختارة وليد جنبلاط عيد التحرير ليعلن تحرّره من المسؤوليّات ويقدّم استقالته الرسمية من الحزب التقدمي الإشتراكي.
وبغض النظر عن التوقيت، فإن المفاجأة التي أصابت اللبنانيين من هذه الخطوة، لم تكن مفاجئة للدائرة المحيطة بالزعيم الإشتراكي التي كانت على علم بما ينوي الإقدام عليه، لا سيّما أنه مهّد لها منذ فترة ليست بقصيرة عندما أفسح المجال أمام إبنه تيمور لوراثة الزعامة.
وأكّدت مصادر مقرّبة لـ “ليبانون ديبايت” إلى أن كافة المحيطين بجنبلاط كانوا على علم بهذا القرار، وهو متوقّع، فالإستقالة اليوم تأتي برأي المصادر في سياقها الطبيعي، عبر تسليم الجيل الجديد المسؤولية التي ستمتدّ إلى سنوات أخرى في عمر الحزب ولبنان”.
لكن غياب جنبلاط الرسمي لا يعني تخلّيه عن المسؤولية في الإشراف على الأمور الأساسية والخطوط العريضة للعمل السياسي داخل الحزب، لكن التجديد يبقى ضرورة في أي حزب أو تيار، كما أنه لن يخرج من إطار المشهد السياسي فهو السياسي المخضرم الذي يبني المستقبل على أساس تجارب الماضي.
بدوره يرى الصحافي علي حمادة، أن “القرار لم يكن مفاجئًا فهو يأتي في سياق قرار إتّخذه منذ مدة طويلة وعدّة أعوام، وهو قراره في الدخول في مرحلة إنتقالية من أجل تسليم نجله تيمور مقاليد القيادة السياسية لهذا الفريق الذي يقوده وليد جنبلاط”.
ويشير إلى أن بداية المرحلة الإنتقالية تجلّت بدخول تيمور جنبلاط الندوة البرلمانية عام 2018، ومن ثم رئاسته للكتلة “كتلة النضال الوطني” و “كتلة اللقاء الديمقراطي”.
ويشير حمادة إلى أن “جنبلاط أبقى على رئاسته للحزب الإشتراكي لكي يكون آخر المرحلة الإنتقالية لتسليم نجله قيادة هذا الفريق وهذه القوى السياسية التي يقودها، فالآن حان الوقت فتيمور تمرّس بالمسؤوليات والعمل السياسي، وأخذ مكانه على صعيد العلاقة مع الناس”.
ويضيف, “شيئًا فشيئًا إستطاع تيمور أن يبني لنفسه حيّزًا في ظل هذه القيادة التاريخية التي يمثّلها والده، وشيئا فشيئًا تنتقل الأمور من يد وليد جنبلاط إلى نجله بشكل سليم ومتدرج بشكل يحمي هذه المرحلة الإنتقالية”.
وهنا يلفت حمادة إلى نقطة هامة، وهي “المسؤولية التي يتحمّلها تيمور أكثر فأكثر، فقد استطاع خلال الأعوام الخمسة الماضية بأن يكوّن فريقاً صغيراً حوله متنوع، البعض ممن واكبوا والده، والبعض الآخر يواكبنوه هو شخصيا، وهذا أمر طبيعي وخصوصا بأنه يُبنى الأمل على أن يحيط نفسه بقيادات أكانت حزبية أو غير حزبية وبشخصيات شبابية لأن المستقبل هو الأهم بالنسبة إليه”.
ويتناول التشابه بين الأب والإبن فوليد جنبلاط أكمل مسيرة كمال جنبلاط لكنه بنى حيّزه الخاص وزعامته الخاصة وحتى شخصيته الخاصة، تيمور جنبلاط الآن تبدأ مرحلته وهي مرحلة بناء قيادته الخاصة وشخصيته الخاصة وإسمه الخاصة، فيما يبقى جنبلاط هو بمثابة الحكيم حامل مفاتيح الحكمة والتجربة التاريخية، وتاركاً نجله يمسك بهذه القيادة بشكل يومي وبالتفاصيل ويتحمّل المسؤوليات، فالمسؤوليّات كبيرة جداً فيما يتعلّق بزعامة دارة المختارة”.
ويختم حمادة, “لا بدّ من القول بأن هذا القرار الذي إتّخذه جنبلاط لا يعني أنّه قرّر أن يتعاقد بمعنى أن يختفي من الساحة السياسية فهو موجود وهو في خلفية الصورة الشاملة بثقله المعنوي وثقله التاريخي، وبتجربته وإنجازاته، إنّما المرحلة هي دفع تيمور جنبلاط إلى الأمام وترك الساحة لأوسع مساحة له لكي ينطلق ويطير وحده بجناحيه”.