أيام حاسمة رئاسياً في بيروت كما في باريس، في ظل زحمة الزوار والمرشحين إلى رئاسة الجمهورية، ولا تبدو الحركة الدائرة محلياً منسجمةً مع حركة الإيليزيه، فيما تبدو واشنطن والرياض وكأنهما قد حيّدتا دورهما في الإستحقاق اللبناني، ما ترك المبادرة في ملعب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تبنّى المعادلة التي قدمها “الثنائي الشيعي” وعمل على تسويقها دولياً وعربياً.
وإذا كانت باريس محور الحراك الرئاسي، فإن زوارها في الأيام الماضية، كما في الأيام المقبلة، يعملون على مسارٍ موازٍ ولكن من دون التلاقي بالضرورة مع خيار الإيليزيه، التي لا تزال تعلن أمام الشخصيات التي دعتها إلى فرنسا، عن خارطة الطريق الرئاسية والتي تمر بدعم خيار ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية. فالتوافق على المرشح الأوفر حظاً وهو فرنجية، هو قاعدة التسوية التي تعمل عليها العاصمة الفرنسية، بحسب ما يؤكد المحلّل السياسي في باريس تمام نور الدين، والذي يشير إلى أن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، العائد أخيراً من فرنسا، قد عرض خارطة الطريق هذه في الإيليزيه، ولكن من دون ظهور أية نتائج حاسمة.
ويقول المحلِّل نور الدين لـ”ليبانون ديبايت”، إن باسيل عقد اجتماعاتٍ في الإيليزيه، حيث سُئل إذا كان يستطيع تأمين التغطية المسيحية لانتخاب فرنجيه، وفي المقابل، يحصل على حصة وزارية في الحكومة المقبلة وفي التعيينات المرتقبة في حاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش في العهد المقبل، فيما طلب أيضاً دعماً فرنسياً في مواجهة، ورفع العقوبات الأميركية عنه”.
ويكشف نور الدين أيضاً، عن أن هذه المفاوضات قد حصلت أيضاً مع “القوات اللبنانية”، ولكن من دون أي حسم، معتبراً أن الترقب هو عنوان المرحلة، مع العلم أن الموقف الخليجي الذي عبّر عنه الشيخ محمد بن زايد عندما فاتحه الرئيس ماكرون بخيار فرنجية، قد أبدى تأييده له. ولكنه يستدرك موضحاً أن هذه الموافقة لا تعني أن هناك رضى خليجياً لخيار فرنجية، بل “نصف رضى خليجي”.
أمّا عن الموقف السعودي، فيوضح نور الدين، أنه “ضبابي، أي بين الموافقة والرفض، وذلك بانتظار بلورة طبيعة علاقة الرياض بدمشق، ولكن السعودية ما زالت عند موقفها بدعوة القوى السياسية اللبنانية إلى انتخاب رئيس والإتفاق على الإصلاحات، على أن تحدّد بعدها كيفية التعاطي مع الرئيس المنتخب، وهذا ما يحيّر الفرنسيين”.
وعما إذا اقتربت التسوية؟ يجيب نور الدين، أنها “مرهونة بموقف “القوات” و”التيار”، ولكن عندما يتأكد الطرفان أن الغرب يسير بخيار انتخاب فرنجية، وأنهما مضطران للسير بالتسوية، سوف يبادران للتنازل والموافقة على انتخاب فرنجية، مقابل شروط ومطالب”، معتبراً أن “استهداف فرنجية، يأتي من أجل وضع اليد على حاكمية مصرف لبنان”.
ويخلص نور الدين، إلى أنه “عند نضوج التسوية وانطلاق قطارها، سيصعد الجميع إليه، مع العلم أنه في حال عدم حصول الإنتخابات الرئاسية قريباً، ستتأجل إلى نهاية الصيف، إلاّ إذا حصل تطوّر ما استدعى انتخابات رئاسية سريعة”.
المصدر: ليبانون ديبايت