“ميشيل الحجل”… صلاة وايجابية والكلمة الفصل للكنيسة
خلال مسيرة حياتها ووصولها الى مسابقة “ملكة جمال لبنان” كما خلال مرحلة مرضها وعلاجها ووفاتها شكلّت ميشيل الحجل علامة فارقة لكثيرين ممن تابعوها واحبوها او لم يتقبلوها لألف سبب وسبب.
وبالنسبة لكثيرين لم يستوقفهم من مسيرة ميشال سوى مشاهد وداعها التي ذكرتهم بمشاهد وداع صديقات لهم هزمهن ايضا المرض الخبيث.
واليوم، وبعد فتح مدفن ميشيل وبعد كل الجدل الحاصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يبدو واضحاً ان الرأي العام اللبناني ينقسم بين مؤيد ومعارض او بين متسرّع وساخر.
وفي هذا الاطار، وقبل الدخول في موضوع القداسة واستعراض الرأي الكنسي العلميّ والضروريّ، لا بد من الاشارة الى ان المجتمع اللبناني في هذه الأيام يبدو ميّالاً الى تبني السلبية في الكثير من الأحيان، فصحيح ان الروّية والهدوء في التعاطي مع ملف ميشيل مطلوبين، لكن عدم جلد الآخر مطلوب أيضا وليس فقط في موضوع ميشيل، بل ايضا في مقاربة بعض المواضيع الارضية والزمنية المتعلقة بنجاح الآخر وتميّزه وابداعه.
شهرة القداسة انطلقت
لمتابعة الملف بشكل دقيق تواصل “لبنان 24″ مع مرجع كنسي وعلميّ في الوقت نفسه، فأكد المرجع انه ” من الضروري العودة الى الكتاب المقدس، مستحضرين ما ورد في اعمال الرسل عندما حاول (جملائيل) وهو أحد اعضاء المجمع الفريسي المدافعة عن رسل المسيح منعاً لاضطهادهم، فقال: (تَنَحَّوْا عَنْ هؤُلاَءِ النَّاسِ وَاتْرُكُوهُمْ! لأَنَّهُ إِنْ كَانَ هذَا الرَّأْيُ أَوْ هذَا الْعَمَلُ مِنَ النَّاسِ فَسَوْفَ يَنْتَقِضُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ اللهِ فَلاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنْقُضُوهُ، لِئَلاَّ تُوجَدُوا مُحَارِبِينَ للهِ أَيْضًا)، ومن هذا المنطلق يجب التعاطي مع قضية ميشيل”.
ويضيف “هناك مسار كنسي لا بد من ان يأخذ مجراه قبل ان نحكم او ان نعطي اي رأي موافق اومعارض، لكن في الوقت نفسه لا بد من الاشارة الى مفهوم يُعتمد عليه كثيرا في مختلف دعاوى القديسين وهو مفهوم (شهرة القداسة).
وفي حالة ميشيل،هناك شهرة متعلقة بقداستها بدأت بالتناقل، وتحوّلت ميشيل الى حدّ ما لتصبح نموذجا او(Idol) وفقا للتعابير والمصطلحات السائدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.
اما عن موضوع فتح المدفن والجدل الذي رافقه فأشار المرجع الى ان ” المدفن عند المسيحيين غالبا ما لا يفتح الا بعد فترة طويلة على الوفاة، وذلك لاستبدال جثة بأخرى وهذا أمر روتيني يعلمه كل الآباء والكهنة، وفي حالة ميشال لا يمكن القول ان الكاهن الذي أقدم على الخطوة أقترف معصية، اذ انه قام بما فعله بعد الشهادات التي سمعها لاسيما شهادة السيدة القادمة من الاراضي المقدسة والاخرى اللبنانية اللتين أكدتا انهما شاهدتا ميشال في نومهما وقالت لهما (شعري طويل… انا قديسة).
اما اليوم وبعد فتح المدفن وتسلم مطران الابرشية الملف بانتظار ان يبدأ اعداده رسميا، فان اي عملية جديدة لفتح المدفن أصبحت ممنوعة الا باذن من السلطات الكنسية المختصة”.
بالتفاصيل-بعد حوالي ٤ سنوات على وفاتها بالسرطان.. وجهها طريّ وشعرها طويل.. ميشيل الحجل على درب القداسة؟ – Jbeil District
وعن المشاهدات التي رافقت فتح المدفن يقول المرجع ان “عدم تحلل الجثمان ليس سببا كافيا للحديث عن القداسة، اذ انه عبر التاريخ عرفنا مجموعة من القديسين الذين تحللت اجسادهم والعكس هو الصحيح، والاراء العلمية متضاربة في هذا المجال، اذ يقول البعض ان المواد الكيميائية تساعد في تحلل الجسم بشكل أسرع،فيما يتبنى البعض الاخر نظرية مخالفة تماما مفادها ان هذه المواد تساعد الجسم على الصمود .
لذلك يبدو من حقنا ان نطرح علامات الاستفهام حول عدم تحلل جثمان ميشيل حتى الساعة.
فضائل القديسين
ويقول المرجع انه ” عند الحديث عن قداسة اي انسان لا بد من البحث عن الفضائل التي عاشها في حياته وهي المساعد الأول في اعلانه مكرما، طوباويا ومن ثم قديساً.
وفي حالة ميشيل، لا بد من البحث في ملفها عن الفضائل التي عاشتها في حياتها قبل العجائب الممكن ان تصنعها، وهنا تساؤلات عن المحبة والرجاء والايمان.
ومن يتابع بعض مقاطع الفيديو المنتشرة لميشيل في أكثر من مناسبة، يمكن ان يقول ان هذه الفضائل عاشتها وصيفة ملكة جمال لبنان دون ان يجزم او يؤكد، فالتاكيد هو اختصاص الكنيسة لا غيرها.
وما يبدو لافتا في هذا المجال هو ما تردده ميشيل في أكثر من مناسبة أطلت من خلالها عبر الاعلام، اذ انها غالبا ما كانت تقول بنبرة قوية (الصلاة تصنع العجائب).
بين العلمانية والمسكونية
ويرى المرجع انه ” لا بد من التعاطي مع ملف ميشيل بجدية مطلقة وذلك من خلال افساح المجال للكنيسة بالتدقيق بعيدا عن صخب مواقع التواصل الاجتماعي وضوضائها، لكن في الوقت نفسه لا بد من القول ان القداسة كالنهر الجاري، اذ انه وبحال اراد الله ان يرفع احد أبنائه فان عطر قداسته سينتشر مهما طالت اوتعقدت الملفات الكنسية الروتينية”.
وفي قضية ميشيل يقول المرجع ” لا بد من الانتباه الى بعدين اساسيين:
الأول مسكوني اي ان هذه الفتاة الارثوذكسية ترعرت في الكنيسة الكاثوليكية وكانت مقربة من الكنيسة المارونية، وهنا قد نكون امام رسالة سماوية تدفعنا الى المزيد من الوحدة العملية ان لم نقل النظرية.
والبعد الثاني متمثل في الحياة العلمانية التي عاشتها ميشيل، وفي هذا المجال تبدو اليوم القداسة غير محتكرة على فئة واحدة من الناس انما يمكن للانسان ان يتقدس من خلال اعماله وجماله وعيشه حياة علمانية يمجّد فيها الله دائماً، وقد يكون من المجدي اليوم ان نستذكر الشاب الايطالي (كارلو أكوتيس) الذي اصبح طوباويا في الكنيسة وهو اليوم يسير على درب القداسة”.
ويختم المرجع مشيرا الى ان “الدعوة اليوم هي للصلاة، الصلاة من اجل ميشال ومن اجلنا جميعا، وان كان هناك حالة قداسة فعليه فلو سكت الجميع عنها سينطق بها الحجر، لافتا الى انه لا بد من التمعن جيدا في علاقة ميشيل مع القديس شربل وبطريقة الكشف عن جثمانها”.
وفي سياق متصل، علم “لبنان 24” ان المطرانية المسؤولة مباشرة عن الملف ستصدر منشورا تحدد فيه مختلف التفاصيل خلال اليومين المقبلين، مع العلم ان الكنيسة الارثوذكسية لها قوانينها الخاصة في مجال اعلان القديسين المرتبطة بفعل الايمان بشكل مباشر اكثر من ارتباطها بأية عوامل أخرى.
لبنان24