قروض جديدة من مصرف الاسكان.. للميسورين فقط
أعاد رئيس مجلس إدارة مصرف الإسكان، أنطوان حبيب، الحديث عن منح قروض جديدة للإسكان، بعد الحصول على قرض من صندوق العربي. وهو ما يساعد -حسب وصف حبيب- في تمكين الشباب اللبناني من الاستقرار في لبنان.
صحيح أن عودة قروض الإسكان تمثل بادرة أمل في ظل الوضع الاقتصادي الحالي، وتحديداً لأصحاب المداخيل المتوسطة والفقيرة، بعد توقف القروض لسنوات -وإعادة تفعيلها في العام 2022- لكن مشاريع الإقراض السكنية هذه، تمر عبر بوابة مصرف الإسكان وليس عبر المؤسسة العامة للإسكان، وهو ما يطرح علامات استفهام حول أسباب هذه الخطوة ونتائجها.
مجلس النواب والمصارف!
غابت أو غُيبت المؤسسة العامة للإسكان عن تقديم أي قروض إسكانية، على الرغم من أنها تستهدف -حسب القانون- الفقراء وأصحاب المداخيل المتدنية، والتي تشكل اليوم غالبية الشعب اللبناني. لكن الطبقة السياسية، وتحديداً مجلس النواب، وجد أن الحد من سلطات هذه المؤسسة في منح القروض تتماشى مع السياسة العامة في البلاد القائمة على أساس “الفوضى” ودعم مؤسسات على حساب أخرى.
يقول المدير العام للمؤسسة العامة للإسكان روني لحود لـ”المدن”: “عادة يتخذ مجلس النواب القرارت بشأن توزيع القروض. وبالتالي، فإن مشاريع الإسكان الحالية والتي تم إيلاؤها إلى مصرف الإسكان، جاءت نتيجة قرار من مجلس النواب، ولا علاقة لمؤسسة الإسكان في ذلك”.
من وجهة نظر مجلس النواب، فإن السماح لمصرف الإسكان بتوزيع القروض الإسكانية، يساعده في في إغلاق باب للنقاش والجدال مع الجهات الحاكمة الأخرى في لبنان. يتجنب مجلس النواب معركة مع المصارف. والأخيرة غير مستعدة لاستئناف عمليات الإقراض كالسابق، بسبب ضبابية الوضع الاقتصادي. كذلك الأمر ينطبق على المصرف المركزي. أما فيما يتعلق بالحكومة، فلا إمكانية لها لوضع أي خطط أو تصورات لمعالجة أزمة الإسكان في ظل الظرف السياسي الحالي. وبالتالي، وجد مجلس النواب أنه من الأفضل ترك المهمة لمصرف الإسكان، بدلاً من الدخول في معارك متعددة الجبهات.
قروض دولارية
في ظل غياب أي سياسة إسكانية من قبل السلطات اللبنانية، جرت العادة أن يتم منح المؤسسات الخاصة بالإسكان قروض مدعومة، أو منح من قبل العديد من المؤسسات، الأوروبية أو الأميركية، أو حتى الصندوق العربي، الذي له الدور في القرض الحالي البالغ 50 مليون دينار كويتي، أي نحو 165 مليون دولار أميركي، دخل في حساب مصرف الإسكان الخاص بـ”الفريش دولار”، الذي تم تأسيسه بناء على التعميم 165 الصادر عن مصرف لبنان، ومن ثم يتم توزيعه على المواطنين.
شروط تعجيزية؟
تستهدف قروض الإسكان في حلتها الجديدة الفئات المتوسطة الدخل، من دون تحديد ماهية هذه الفئات. وهو ما يعتبره المواطن علي عيد مجحفاً بحق العديد من العاملين وتحديداً في القطاع العام. يتقاضى عيد 10 ملايين ليرة، أي ما يساوي تقريباً 100 دولار. يقول لـ”المدن”: “في ظل الوضع الحالي، من الصعب جداً، على الموظفين شراء أو ترميم منازل لهم في القرى، لأن الشروط تعجيزية في ظل معدل الرواتب الحالي”. أضف إلى ذلك، حسب عيد، فإن قيمة العقارات في القرى والمناطق البعيدة عن العاصمة لا تزال مرتفعة رغم الوضع الاقتصادي. يشير إلى أنه قبل العام 2019، كان شراء منزل في بلدته في شمال لبنان، لا يتعدى 45 مليون ليرة أي 30 ألف دولار على سعر الصرف 1500 ليرة، في حين كان الراتب يوازي 800 دولار، فيما اليوم يتطلب شراء منزل 2.5 مليار ليرة نحو 25 ألف دولار. ووفق عيد، صحيح انخفض سعر المنزل بالدولار، لكن بالليرة اللبنانية ارتفع عشرات أضعاف ما يتقاضاه الموظف.
بحسبة بسيطة، على الموظف في القطاع العام العمل لمدة عشرين عاماً براتب 10 ملايين ليرة، من دون احتساب أي نفقات أساسية، لشراء المنزل.
صعوبات ولكن؟
حسب رئيس مجلس إدارة مصرف الإسكان، أنطوان حبيب، لايوجد أي صعوبات جوهرية في الحصول على القروض الإسكانية. يتطلب الأمر إظهار الأوراق الثبوتية، والمستندات الرسمية، بالإضافة إلى إظهار ملكية العقار، وغيرها من المستندات الأخرى. في المرحلة الراهنة، وعلى الرغم من أن الأوراق المطلوبة بسيطة نظرياً، لكن الحصول على إفادة عقارية على سبيل المثال، تبدو شبه مستحيلة في ظل غياب العمل في العديد من مؤسسات الدولة. ومن جهة ثانية، وبعيداً عن معيار الأسعار والرواتب وما إلى ذلك، فإن الفقراء في لبنان مستبعدون نهائياً عن التفكير في الحصول على منزل، خصوصاً الذين لايزالون يتقاضون أقل من 5 ملايين أو 6 ملايين ليرة.
المدن