ساعات حاسمة… أمام أزعور وبري

ساعات حاسمة… أمام أزعور وبري

تطوّرات مهمة شهدتها الساعات الماضية بين “القوات اللبنانية” والكتائب و”التيار الوطني الحر” والتغييريين والمستقلين وكتلة “تجدّد”، في شأن النقاش حول ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور رسمياً. الأمور لغاية الآن وصلت إلى التباحث في مشروعه والآلية المثلى لإخراج الترشيح. وفي ضوء التقدّم والتطورات الحاصلة، أصبح إعلان الترشيح رسمياً منجزاً ويتوقع حصوله قبل حلول نهار الإثنين المقبل.

في هذا الوقت، يُتابع أزعور مناقشاته مع بعض النواب، لا سيما “التغييريين” منهم عبر تقنية “الزوم” من مقرّ إقامته في واشنطن. ولغاية بعد ظهر أمس، لم يكن أزعور اجتمعَ بأكثر من 5 من أصل 10 نواب، جرى التباحث معهم حول مواضيع على صلة بشكل الحكومة والثلث المعطِّل وسلاح “حزب الله”، وموقفه من التعيينات وموقعه من الإصلاحات وانفجار المرفأ والمعضلة القضائية، وخطة التعافي وما إلى ذلك.

وكان أزعور صريحاً حين طاول العديد من النقاط الخلافية كسلاح “حزب الله” مثلاً، حيث ربطه بالإطار الإقليمي الأبعد. وقد كان لافتاً أن إثنين على الأقل من أصل 5 من نواب “التغيير”، جاروه في موقفه ما أُعدّ تحوّلاً سياسياً تجاه قضية سلاح الحزب. ومن المفترض أن يُتابع أزعور نقاشاته المنفردة مع هؤلاء، من دون إمكانية حصول لقاء “جامع”. وعلم “ليبانون ديبايت” أن السبب وراء ذلك، يعود إلى التماس أزعور إعتراضاً من جانب البنك الدولي حيث يعمل، استرعى حذراً في أن يدخل في نقاشات ذات بعد سياسي، وبشكل جامع، مع كتل نيابية في البلاد، ما يخالف مقتضيات وظيفته، فاستعاضَ عنها بلقاءات جانبية عبر “زوم”.

في هذا السياق، تُواكب الكتل المعارضة الباقية حراك أزعور الجاري مع التغييريين والمستقلين المعارضين، وبعد ظهر أمس، انعقد في مقر حزب الكتائب في الصيفي إجتماع ضمّ موفدين عن أحزاب المعارضة المسيحية (قوات + تيار) ومندوبين عن النواب التغييريين والمستقلين، ناقش الإجراءات الباقية تمهيداً للإعلان عن الترشيح. وقد نبتت “إشكالية” قوامها إيجاد التخريجة المناسبة لانسحاب رئيس حركة “الإستقلال” ميشال معوض من الترشيح.

مصادر متابعة للإجتماعات، أكدت أن معوض بات مقتنعاً بنتيجة النقاشات في المعارضة، وهو متكيِّف مع خيارها، وسيكون جزءاً من مشروع ترشيح أزعور. لكن مصادر أخرى رأت أن البحث في “التخريجة” مردّه إلى الثمن الذي سيحصل عليه معوض في المقابل.

الخطوة الثانية، والتي ستلي التفاهم على مبدأ إعلان الترشيح، هي الطريقة المثلى لإخراجه، وفق المصادر. فمعظم القوى خرجت من فكرة إعلان الترشيح من على منبر بكركي، وهي مسألة لم يحبّذها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، الذي أبدى اعتراضاً عليها، وهي حالة لا تستقيم مع إعلان سعيه بشكل دائم للوصول إلى حلّ جامع، وليس إلى إثارة غضب أحد.

الحل الوحيد الباقي أمامهم، إصدار بيان ترشيح يتبنّاه جميع المشاركين. ويتردّد أن ما يجري من اجتماعات يرتبط بالإتفاق على الصيغة والطريقة النهائية للبيان، والمفردات التي سيتضمّنها، وسط ميل من جانب البعض، أن يتولى كل فريق من المشاركين في “سلة التوافق” على أزعور، إعلان تبنّيه أحادياً من خلال بيان رسمي يحمل ذات المضامين.

هنا، وإن جاء التسليم في أن “القوات” والكتائب و”تجدّد” والآخرين من النواب المستقلين لا مشكلة لديهم، تكون المشكلة الحقيقية في موقف “التيار الوطني” ونواب “التغيير”. ف”التيار”، لديه أزمة تتمثل في بقاء النواب المعارضين الخمسة على موقفهم المعارض لخيار تبنّي أزعور. وما توصلت إليه الإتصالات الجارية معهم، لا يتعدى أكثر من ضمان “سكوتهم” عن الترشّح، وعدم دفعهم إلى تحرك موازٍ يفقد “التيار” صورته الموحدة، مع العلم أن هذه المسألة تحديداً موضع خلاف أساسي.

فالكتل الباقية تشترط على “التيار” تأمين دعم أعضاء كتلتهم مجتمعين. أمّا بالنسبة إلى نواب “التغيير”، فقد لمس أزعور عدم وجود تأييدٍ كامل له من قبلهم. ويلاحظ أن خلافات تحيط بتبنّيه بشكل جماعي، ما يجعل الخطوة متعثرة. وهناك أسباباً متنوعة، بينها اشتراط بعضهم تأمين التزام كامل من الكتل الباقية، فيسيرون في نهاية المطاف، وآخرون برّروا عدم التزامهم بوضعيتهم الشعبية وصعوبة القبول بمرشّح يدعمه “التيار” وأركان في المنظومة. ويزعم بعض النواب أن شرط تأمين تأييدهم هو مدى تأكدهم من نوايا الكتل الباقية المندرجة في خانة المعارضة. لذلك، نشطت الإتصالات مع باقي الأطراف خلال الساعات الماضية للتيقّن من التزام الجميع.

تبقى قضايا أساسية لا بد من حصولها أو توفّرها بعد الإتفاق، ومن ثم إعلان الإتفاق بتبنٍ واضح لأزعور. أولها مدى التزام القوى المشاركة السير بأزعور بشكل حاسم، وعدم الخروج عن الإتفاق، وهي أحد البنود الجاري مناقشتها وتؤخِّر الإعلان تبعاً لرغبة البعض في الإشارة إلى طبيعة الإلتزامات التي ستتوفر من جانب الجميع.

القضية الأخيرة دور بكركي، فوفقاً للتسريبات، اشترط البطريرك الراعي، عدم إعلان الترشيح من بكركي. في المقابل التزم بجولة إتصالات تشمل القوى السياسية الأخرى أوكل إنجازها إلى المطران بولس مطر، تمهيداً للبدء في حوار جدي. وبخلاف ما يتداول، لن ينطلق الراعي من أية أسماء، إنما سيستفيد من الجو الراهن في محاولته الوصول إلى “نقاط جامعة” ضرورية في مقاربة الملف الرئاسي، ولا تخرج عن الطابع الإسلامي – المسيحي.

السؤال الأهم الآن، هل سيمضي رئيس مجلس النواب نبيه بري، السير في ما أعلن عنه سابقاً لجهة الدعوة إلى جلسة منتصف حزيران المقبل؟ لا شيء مضموناً، وليس هناك من معطيات تضمن، في حالة الدعوة إلى جلسة، أن ينتج عنها انتخاب رئيس.

إستناداً إلى التطورات الراهنة، ليس هناك مصلحة لأحد في الذهاب إلى جلسة انتخابات تجرّ البلاد إلى انقسام عامودي، وهو أحد شروط أزعور نفسه، الذي كرّر ترداد عبارة أنه ليس في وارد تحدي أحد.

يُفهم من ذلك أن الحوار سيسلك طريقه قبل الوصول إلى أي جلسة، والتجربة اللبنانية تثبت أن الحوار يأخذ وقته، ما يفترض أنه يُسقط المهل السابقة في شأن الوصول إلى رئيس أقلّه خلال الصيف الجاري.

ليبانون ديبايت

Exit mobile version