اقتصاد

خفايا جديدة تُكشف عن سوق الدولار ومصرف لبنان.. ماذا ينتظرنا؟

قد يكونُ الهدوء والإستقرار الذي يُسيطر على سوق الدولار “حالياً”، هو المطلب الأساس لجميع المواطنين إثر جولات “الصعود” الجنوني التي حصلت خلال الفترات السابقة. ففي الواقع، يبقى وضع السوق اليوم هو الأكثر إراحةً لمختلف المؤسسات والقطاعات، فعملية الشراء والبيع تجري وفق أُسسٍ واضحة بعض الشيء باعتبار أنّ الدولار “ثابت” إلى حدّ كبير، وبالتالي يُمكن قياس نسبة الرّبح حالياً بشكل أكثر وضوحاً بعدما كانت “متذبذبة” كثيراً بفعل “التقلُّبات” الدولاريّة الحادّة.


“تحريض” على “صيرفة”

خلال الوقتِ الرّاهن، يدخلُ سوق “العُملة الخضراء” منحى الإستعداد لما هُو جديد وتحديداً للمعطيات التي قد تطرأ عليه فجأة. وفعلياً، فقد تزامن ذلك مع إنخراط جهاتٍ مرتبطة بـ”كارتيلات الدولار” نشطت على خطّ “إخافة” المواطنين من منصّة “صيرفة”، فالكلامُ الذي يطغى الآن هو أنَّه يجب الحذر من “سيناريوهات” مفاجئة قد تؤدي إلى وقف التداول بالدولار عبر تلك المنصّة، ما يعني إحتجاز “مليارات الليرات” التي تمّ إيداعها بغية الحصول على الدولار مُقابلها.

هذا “التحريض” الذي طال “صيرفة” يأتي بعد سلسلةٍ من الأمور التي حصلت خلال الآونة الأخيرة، أوّلها إنتقاد تقرير صادرٍ عن “البنك الدولي” الشهر الماضي لعمل المنصّة، وثانيها القضايا التي يُواجهها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في لبنان والخارج، وثالثها ترويج حديثٍ أنّ هناك إمكانية لدخول البنك المركزي في حالة شللٍ وفراغ. ضُمنياً، فإنّ عملية التخويف التي حصلت تأتي “إستباقية” بالنسبة لمصادر ناشطة في القطاع المالي، إذ اعتبرَت أنّ هدف بعض التُجار هو إحداثُ بلبلة “تمهيديّة” في السوق قبل الوصول إلى “مُنعطف” كبير يجري الترويج له، إذ يُقال إنّ الدولار سيشهدُ قفزة كبيرة خلال شهرين، ما يعني أنّ حالة “الإستقرار” السّائدة ستنتفي تماماً.

بشكلٍ أو بآخر، إرتبطت خطوة “الإخافة” من “صيرفة” بسبب أساسيّ وهو تقلُّص حجم تأثير “كارتيلات الدولار” على السوق خلال الأشهر القليلة الماضية. في هذا الإطار، تكشُف معلومات “لبنان24” أنَّ مصرف لبنان أنهى “تدريجياً” تعامله مع “صرّافين” كبار وحصر العلاقة مع شركاتٍ عديدة ناشطة في مجال تحويل الأموال “حصراً” ومن دون التفرُّع في السوق. بسبب ذلك، فإنَّ ما حصل سيعني “تناقص” أرباح وإستفادة “التجار” الكبار من عمليات بيع وشراء الدولار التي كانت تجري لصالح مصرف لبنان، الأمر الذي مهّد إلى “تقلُّص” سطوة تكرّست على مدى 4 سنوات. ولهذا، كان التحريضُ على “صيرفة” مُستمراً وقائماً والمُستهدف هنا “مصرف لبنان” بشكلٍ وثيق ودقيق.

تغييرات في قواعد العمل


وسطَ “الترقب” القائم و “التحريض” القاتم الذي يطغى على أوساط التُجّار، بدت هناك خياراتٌ عديدة تفرضُ نفسها على عمليات بيع وشراء العملة الخضراء ضمن السُّوق المُوازي. هنا، يقولُ أحد الصرّافين الناشطين في السوق لـ”لبنان24″ إنَّ مختلف الصرافين الكبار باتوا يسعون إلى تغييرِ “قواعد عملهم” خلال الإستقرار الحالي، فمنهُم من وسّع نطاقهُ باتجاه شركاتٍ ومؤسسات كُبرى وتجار إضافيين للتعامل معهم وتأمين الدولار لهم بـ”أسعار جيّدة”. فعلى سبيل المثال، ولكي تتجنب تلك الشركات الكبرى شراء الدولار مُباشرة من السوق بسعرٍ مرتفع، يأتي “ناشطو العملة الخضراء” للعب دور الوسيط وتأمين الدولار بسعر 94500 للمؤسسة بدلاً من أن تقوم الأخيرة بشرائه من السوق بـ95 ألف ليرة لبنانية. وللإشارة، فإنَّ التجار في السوق كانوا اشتروا الدولار من المواطنين على سعر يتراوح بين 93500 و 94000 ليرة لبنانية، ما يعني أن هامش ربحهم “الثابت” عن كلّ دولار يصلُ حالياً إلى 1000 ليرة.
 
ويُشير الصرّاف في السوق إلى أن “هذا الأمر لم يكن قائماً في فترات التقلّب، وعليه فإنّ ثبات الأرباح هو أمرٌ مطلوبٌ كثيراً بالنسبة للصرافين”، ويضيف: “في السابق، وحينما كان الدولار يشهدُ صعوداً كبيراً وإنخفاضاً مفاجئاً، كان أغلب الصرافين يخسرون من أرباحهم ومن الملاءة الدولاريّة الموجودة بحوزتهم، وفي أحيانٍ كثيرة يضطرُ البعض للمسّ برأس المال المرصود للتعاملات اليومية، علماً أن الهدف الأساسي يكمن في عدم حصول ذلك”.

ماذا ينتظرُنا؟

حتى الآن، لا يُمكن لأي جهة أن تحُسم المدى الذي سيصلُ إليه سعر الدولار، لكنَّ التوقعات تقول إنَّ المسار سيكون تصاعدياً في حال دخل مصرف لبنان مرحلة الفراغ بعد إنتهاءِ ولاية حاكمِه رياض سلامة .مُقابل كل ذلك، ترى بعضُ المرجعيات المصرفيّة إنَّ الضغط السياسي سيكونُ قائماً باتجاه الحفاظ على “أدوات سلامة” المستخدمة في السوق، لأنّ الأخير بُنيَ عليه في الوقت الراهن رغم الكثير من الشوائب، وبالتالي فإنّ إحداث أيّ خللٍ من دون أرضية مالية تحمي التغييرات، سيعني إنهياراً دراماتيكياً جديداً لليرة. وإزاء ذلك، ترجح الكثير من الجهات الناشطة مالياً إستمرار “صيرفة” التي تُعدُّ مطلباً أساسياً لإبقاء الإستقرار، فالمصلحة السياسية تفرض ذلك وأيضاً الحركة النقدية في البلاد تحتاجُ هذا الأمر. وفي حال بقيت المنصة قائمة وسط إمكانية تزايد عملها، عندها يُمكن أن يأخذ الدولار مساراً تنازلياً لا تصاعدياً، والأيام المقبلة كفيلةٌ بإظهارِ ذلك أو نقيضه

المصدر: لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى