هذا ما هو مطلوب من لبنان بخصوص قضية السّفير عدوان!
لا تزال قضية السفير اللبناني في فرنسا رامي عدوان، الذي يواجه امام القضاء الفرنسي تهماً بالتحرش بسيدتين، تتفاعل. وأكدت مصادر مطلعة على الملف لـ”فرانس برس” أن فرنسا فتحت تحقيقًا في قضية عدوان في أعقاب شكويين تقدّمت بهما موظفتان سابقتان في السفارة. ودعت الحكومة الفرنسية السلطات اللبنانية إلى رفع الحصانة الدبلوماسية عن عدوان لإتاحة محاكمته. من جهتها، كشفت وزارة الخارجية اللبنانية، السبت، أنها سترسل فريق تحقيق إلى باريس على خلفية شبهات بممارسة سفير لبنان لدى فرنسا الاغتصاب والعنف المتعمّد، فيما افيد ان فرنسا ستطلب الإثنين رفع الحصانة عن سفير لبنان في باريس،الكن، كيف يجب ان يتعامل لبنان الرسمي مع قضايا من هذا النوع؟
ad
الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر يؤكد لـ”المركزية” ان عدوان تم الادعاء عليه جزائياً في فرنسا، بجرائم اغتصاب وتعنيف، وبحسب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، يتمتع السفير بحصانة دبلوماسية بحيث ان البلد الذي يقام فيه هذا النوع من الدعاوى، يمكنه، في أقصى حد، ان يعتبر المدّعى عليه persona non grata ويرسله الى بلده باعتباره شخصا غير مرغوب فيه، إنما لا يحق للبلد المضيف ولا بأي شكل من الاشكال استجوابه او اتخاذ تدابير جذرية بحقه كالسجن او التوقيف”.
ويشير صادر الى “على البلد الذي يحترم نفسه ان يأخذ بالاعتبار هذا النوع من الدعاوى، خاصة وأنها لم تُقدَّم من قبل شخص واحد بل من شخصين اعطيا وقائع متشابهة تقريباً، فعندما يكثر عدد الاشخاص الذين يقيمون الدعاوى وعملوا مع المدّعى عليه، عندها يصبح الشك جديا”.
ويرى ان “أمام لبنان خيارَين، اما ان يطلب حضور السفير الى لبنان، وفي حال كان مطمئنا الى انه فوق الشبهات، ان يقبل برفع الحصانة عنه. فما الذي يمنع رفع الحصانة عنه، ان كان لبنان يعتبر ان من الممكن ان يكون هناك لغط في حقه. ومبدئيا من المفترض ان يعيده الى لبنان ويخضعه لمجلس تأديبي. لكن اذا كانت الحالة كما هي والفوضى كما هي، فإن الدولة تعيده الى لبنان وتنتهي القضية عند هذا الحدّ، ويُقفل الملف”. ويستطرد صادر الى القول: “علما ان الفرنسيين لا يطلبون رفع الحصانة عن سفير موجود لديهم إلا ان كانت بين أيديهم اسباب جدية، ليس كما يحصل في لبنان حيث يقوم بعض السياسيين برفع دعاوى ذات طابع خاص تنم عن حقد وانتقام شخصي، لأن القضاء في فرنسا مستقل عن السياسة. ومن المؤكد ان فرنسا وجدت ان هذه الدعاوى تستحق أن يحاكم فيها امام القضاء الفرنسي، فطلبت رفع الحصانة عنه. في المقابل، يبدو كأن لبنان يحاول ان يغطي ملاحقة السفير عدوان من خلال إرسال لجنة تحقيق، وكأنه بذلك يستبق التحقيق الفرنسي ويقول بأنه لن يرفع الحصانة لأنه يعتبر الشكاوى غير جدية، في حين ان المطلوب ان يترك القضاء الفرنسي يقوم بعمله، فهو على الاقل قضاء مُنزّه. لا يمكننا ان نعتبره متحاملا على السفير اللبناني. ولماذا يكون كذلك؟ المطلوب من القضاء ان يتحرك ويتعاطى بجدية مع القضية ويتأكد من حصولها، وهناك طرق عدة، لمن مر بقضاء التحقيق، لمعرفة ما اذا كان الادعاء من قبل المدّعيتين صحيحا ام لا”.
ويضيف: “بدل ان يرسل لبنان لجنة تحقيق وتقدّم تقريراً لوزير الخارجية بان السفير نفى كل التهم، المطلوب من عدوان في حال كان متأكدا من كلامه، عدم الهروب من المواجهة، وان يرفع الحصانة عن نفسه ويطلب محاكمته ويعلن براءته. هذا هو الرأي بالمطلق من دون سياسة. عندما يصل القضاء الفرنسي الى مرحلة طلب رفع الحصانة عن السفير من قبل القضاء اللبناني، قبل ان تتعرض سمعة لبنان للتشويه على الصعيد الدولي، فهذا لأن الدعاوى المقدّمة ضدّه ليست مزحة. وزارة الخارجية قررت إجراء التحقيق بنفسها، لكن لا يمكنها ان تعلم بالوقائع التي قدمتها المدعيتان هناك، جل ما يمكن ان تقوم به هو انها ستحقق مع الاشخاص في السفارة، وهذا لن يقدم ولا يؤخر، وهذا ما يسمونه “كسب الوقت”.
طبارة: من جهته، يؤكد السفير السابق في واشنطن رياض طبارة لـ”المركزية” ان “قضايا كهذه لا تحصل كل يوم، ولهذا ليس من روتين معين او اجراءات تتخذ بهذا الاطار، إنما المطلوب من لبنان استدعاء السفير واستجوابه، ومعرفة ما إذا كان الامر حقيقيا ام تم التجني عليه، وفي حال ثبُتَ انه بريء، فعلى لبنان ان يساعده بالاتصال المباشر بين وزارتي الخارجية الفرنسية واللبنانية، قبل ان تصل الى المحاكم وتنتشر، لأن المحاكم تستغرق وقتا طويلا”، مشيرا الى ان “الامر تتم معالجته على المستوى الدبلوماسي ومباشرة لمعرفة كيفية حلّه، وبأسرع وقت ممكن وبالتي هي أحسن، وبعدها تتخذ الاجراءات المناسبة، من استبدال سفراء، حتى لو تبين انه بريء، كي تكون للسفير فعالية في البلد المعني”.
يولا هاشم- المركزية