باسيل على قوائم عقوبات “حزب الله”… أزعور “خط أحمر”

باسيل على قوائم عقوبات “حزب الله”… أزعور “خط أحمر”

كل السياق السياسي الجاري داخلياً، لا يوحي بقرب إنتاج رئيس للجمهورية، إنما وضع العراقيل في الطريق نحو إنتاج الرئيس، ما يضعنا أمام سيناريو تمديد طويل للأزمة. وعلى ما أوحت به الأسابيع الماضية والسياق السياسي الحالي والنقاشات الجارية بين “المعارضات”، فإن لا هدف من ترشيح وزير المال السابق جهاد أزعور ، سوى وضع “عصا” في دولاب رئيس تيار “المردة” الحامل لصفة “الممانعة” سليمان فرنجية. تقرّ بذلك 3 مصادر على الأقلّ في المعارضة، بالإضافة إلى معطيات سياسية متوفرة، من بينها ترحيل الإتفاق على برنامج العمل والخطوط العريضة بين “المعارضات” إلى موعد لن يكون حصوله مضموناً، ويتوضّح أكثر من خلال “الإختلاف” على الصيغة المعتمدة في توصيف ما جرى التوصل إليه، هل هو إتفاق أم تقاطع؟

الآن كيف سيجري التعامل مع “الثنائي الشيعي” المتوجّس من الترشيح وتوقيته، أو على نحوٍ أدق، كيف سيتعامل مع ترشيح أزعور؟ وفق المعلومات الراهنة، تدرّج “حزب الله” من اعتبار أزعور “مرشح مواجهة” إلى اعتباره “مرشح تحدٍّ”. هذا التوصيف يجعل من ترشيح أزعور منتهي الصلاحية قبل أن يبدأ. والحزب كما تفيد المعلومات، مقبلٌ على بناء مواقفه وفق هذا التصوّر. خلال الساعات الماضية، عمّم “حزب الله” على نوابه ومسؤوليه إعتماد توصيف “مرشّح التحدي” والتصرّف على أساسه. يُفهم أن التعامل مع ترشيح أزعور، لن يكون أقلّ مما جرى التعامل فيه مع ترشيح ميشال معوض. هذه القراءة تعني أن “حزب الله” آخذ في التحوّل تدريجياً باتجاه رفع نبرته واستخدام “الفيتو الميثاقي”. فكما لا يُعقل أن يمرّ مرشّح رئاسي من خارج شور الغالبية المسيحية (وفق توصيف معارضي فرنجية) كذلك مستحيل أن يمرّ مرشّح “غصباً” عن الغالبية الشيعية.

في مقام ثانٍ، بات الحزب في صورة أن “التيار الوطني الحر” جعل من نفسه قاطرةً لترشيح أزعور ، في مقابل قاطرة موازية تقودها فرنسا. وبالتالي، لن تكون هناك قنوات خلفية أو أمامية مفتوحة معه متى اختار الإنقلاب على حلفائه. ما أوصل الأمور إلى هذه الدرجة، أسلوب تعاطي باسيل مع حلفاء سلّفوه 11 نائباً، و ليس ليستخدمهم في مواجهة من ساعده بهم! وحين عاد إلى الحزب منذ فترة يسأله عن موقفه من أي ترشيح، رسم الحزب خطاً جعل فيه خانتين: قوى معادية للمقاومة، وقوى صديقة أو تتقبّل وجودها. وكان موقف الحزب أن التحالف مع خصوم المقاومة وأعدائها هو الخطّ الأحمر، وكأنه يقول لباسيل “تبنّى ترشيح من تريد، أنت حرّ، لكن إبتعد عن خصوم المقاومة”. لكن ما فعله جبران أن انغمسَ كلياً مع أعداء يطلقون أوصافاً واتهامات في حقّها يومياً. وفق ذلك، يكون الحزب قد أصدر “عقوباته” في حق حليفه السابق جبران باسيل. في الموازاة لن تكون العلاقة مع فرنسا أقلّ سوءاً. تخطّت المسألة البُعد الداخلي، وفي الأيام المقبلة ستكون فرنسا مسرحاً لملفات سيجري فتحها.

في هذه الأثناء، قرّر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، إستباق “العاصفة” عبر البدء بورشة اللقاءات مع القوى السياسية، تطبيقاً لما وعد به الفرنسيين أثناء زيارته باريس. أتى تدشين الحراك من حارة حريك بالتزامن مع لقاءٍ مباشر أجريَ مع المرشّح سليمان فرنجية، الذي زار بكركي بعيداً عن الإعلام نهار السبت. في اللقاء الذي وصفته المصادر بـ”الطويل” بين الموفد البطريركي المطران بولس عبد الساتر ونصرالله، أعاد الأخير وضع الموفد في صورة أن ل”الثنائي الشيعي” وحلفاءه، مرشّح لا يحمل صفة التحدي على عكس غيره، مع إبداء الجهوزية للحوار. هنا كان إصرارٌ من المطران عبد الساتر على نزع أي توصيف كنسي عن أي مرشّح. لم يوحِ خلال حديثه بتبنّي أزعور ، أو بأي موقف سلبي من فرنجية، أو أنه سيكون لبكركي مرشّح. كل ما قاله إنه بات لدينا “مرشحين”، ويجب أن يسلك المسار الدستوري طريقه.

عملياً، كان لا بدّ من وجود مرشّح ثانٍ لفرملة ترشيح فرنجية، الذي تصفه فرنسا بـ”الترشيح الجدي والوحيد”. من هنا، جاءت إشارة رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين عن “حصول تدخل أميركي في الأيام الماضية بهدف العرقلة”.

ثمة نقطة يشير إليها أكثر من مصدر، عنوانها أن الوصول إلى مرشّح توافقي يمرّ في على جثة الترشيحين الحاليين. لذا، وقع الإختيار على وزير المال جهاد أزعور لأداء المهمة. هنا يحضر المسار الدولي. فلا حراك داخلي يحصل بهذا الشكل “النافر” بمعزل عن “قبّة باط” دولية. تُرجم ما تقدم على خطّ المعارضات التي انبرت فجأةً إلى “التقاطع” حول اسم مرشح بعد أشهرٍ من التباين والخلاف الذي طال أزعور أكثر من مرة. يعيدنا ذلك إلى التباينات الدولية حول الملف اللبناني. فالسعودية التي تراجعت خطوة إلى الوراء برفع “الفيتو” عن فرنجية، لم تتقدم مذاك بأي خطوة إضافية نحو الإفصاح عن تبنّيه أو دعمه.

بالنسبة إلى قطر، فما زالت تنسِّق خطواتها مع السعودية والولايات المتحدة، ولا تزال تتحرّك في معرض تقديمها قائد الجيش العماد جوزيف عون كحلٍ وسطي. الولايات المتحدة بدورها، يوحي أكثر من جو أنها تميل إلى المنطق القطري. وللحقيقة، من الصعوبة في مكان فصل التحرك القطري عن الرغبة الأميركية، فيما يمثل الجيش صورة عن طبيعة تلك العلاقة. إذاً هناك حراك دولي جارٍ وجد ترجمته من خلال التطورات التي حصلت على صعيد المعارضة. لكن السؤال، هل يثمر كل هذا الحراك إلى إنتاج رئيس؟ قطعاً لا.

في مناسبة الحديث عن الدور الأميركي – القطري، فإن شخصيات لبنانية تُجمع أنه ليس في مقدور المعارضة “التقاطع” من دون إشارة دولية. إلى هذا الجانب يُضاف آخر. فتأخير “اللقاء الخماسي” الذي كان مزمعاً انعقاده خلال الشهر الماضي، يرتبط بالرهان على حدوث تطورات هائلة في الملف اللبناني تؤدي إلى تغيرات هائلة. فلا يمكن للقاء أن ينعقد في ظل وجود “مرشّح” جدي، ومن دون وجود لمرشّح يواجهه، ولا يسري منطق الوصول إلى “مرشّح توافقي” من دون وجود “مرشّحي مواجهة أو تحدٍ”.

ليبانون ديبايت

Exit mobile version