مَنْ يريد عزل “حزب الله”!
سؤال أساسي في الحياة السياسية اللبنانية كان يطرح خلال المرحلة الماضية ويقوم على فكرة امكان تكرار تجربة عزل “حزب الله” التي حصلت في العام 2005 وأدت الى ما أدت اليه من تطورات حتى العام 2009.
لكنّ اليوم ثمة تبدّل طرأ في الواقع السياسي اللبناني سواء لجهة الظروف المحيطة أو لجهة تطور “حزب الله” سياسياً وتوسّع دوره في هذه المرحلة. فهل تبدو بعض القوى المحليّة، وفي ظلّ كل هذه التحولات، قادرة على إبعاد “الحزب” ووضعه في الزاوية السياسية؟
بحسب مصادر متابعة فإن التصريحات المتكررة والتي توحي بمساعٍ تهدف الى عزل “حزب الله” غير ناضجة سياسياً، بل تأتي غالبيتها من نواب لا يملكون الخبرة السياسية الكافية ولا التجربة الوطنية المصقولة، إذ إن القوى السياسية الاساسية الداخلية والدولية لا يمكن أن تكون في وارد الذهاب نحو هذا الحدّ من محاولة عزل “الحزب” لأنها تدرك طبيعة المخاطر التي قد تنتج عن مثل هذه الخطوة سواء في الداخل اللبناني وربما في المنطقة.
عملياً، فان المشهد اليوم يتلخص بأن “حزب الله” يمتلك بثنائيته مع “حركة امل” وحلفائه الثلث المعطّل في مجلس النواب، ما يجعله مُحصناً الى حدّ ما من مواجهات قد يفتعلها الخصوم تؤدي الى فرض خيارات سياسية ورئاسية لا تمرّ عبره. وتعتبر المصادر أن المرحلة الحالية تُظهر عقم عملية العزل بالرغم من أنها نسخة مطوّرة عن العام 2005 حيث كان التواصل جديّاً بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، وبالرغم من ذلك فإن العلاقة التي بدأ ببنائها “الحزب” في تلك المرحلة، لم تمنع شعوره بالعزلة السياسية الكبيرة والتي تمّ فكّها بوثيقة سُميّت آنذاك “وثيقة مار مخايل”.
اما اليوم فإن “الوطني الحرّ” يصطفّ في جبهة واحدة مع “القوات اللبنانية” و”حزب الكتائب” و”التقدّمي الاشتراكي” الذين يتشاركون في عملية سياسية تسعى الى اخراج “الحزب” من السلطة التنفيذية بشكل كامل عبر سلبه الثلث المعطّل في الحكومة المستقبلية ومنعه من إيصال مرشّحه الى رئاسة الجمهورية. وهذا الامر يبدو متعذراً بفعل التوازنات السياسية الداخلية والاقليمية وحتى النيابية، ما يُبقي “الحزب” مُرتاحاً من دون القيام بأي ردّة فعل.
الاهم من ذلك أن علاقة “الحزب” بالبيئة السنية تبدو أفضل بكثير مما كانت عليه في السابق عام 2005، وهذا بحدّ ذاته يشكّل متنفّساً حقيقياً لـ”الحزب” لا يمكن لاحد تجاوزه. وما يعزّز هذا الواقع هو التطورات الايجابية بين المملكة العربية السعودية وإيران من جهة، وبين المملكة وسوريا من جهة اخرى مع ما يعنيه ذلك من إمكان لعب “حزب الله” أدوارا كبرى في المنطقة واستفادته من هذا التقارب.
لبنان 24