رسالة من بوتين للأسد
بدأت روسيا في قص جناحي قوات مجموعة فاغنر في سوريا، بعد قيام قائدها، يفغيني بريغوجين، بمحاولة تمرد الأسبوع الماضي، في وقت سلط تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان الضوء على رحلة هذه المجموعة في سوريا وطبيعة عملها منذ نحو 8 سنوات.
وبعد ساعات على توقف زحف مرتزقة مجموعة فاغنر المسلحة بقيادة بريغوجين، باتجاه موسكو، شرع الكرملين في السيطرة الكاملة على الإمبراطورية العالمية التي بناها رجل الأعمال العسكري سيئ السمعة، كما قالت صحيفة “وول ستريت جورنال”، الأربعاء.
وتوجه نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، إلى دمشق لإيصال رسالة شخصيا إلى رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مفادها أن قوات مجموعة فاغنر لن تعمل هناك بشكل مستقل.
وتقول الصحيفة إن المسؤول الروسي حث الأسد على منع مقاتلي فاغنر من مغادرة سوريا دون إشراف موسكو.
وقال بيان صادر عن مكتب الأسد بعد الاجتماع إن الجانبين ناقشا التنسيق خاصة في “ضوء الأحداث الأخيرة”.
وصدرت أوامر لمقاتلي فاغنر، الذين عملوا بشكل مستقل إلى حد كبير في سوريا، الثلاثاء، بالذهاب إلى قاعدة جوية تديرها وزارة الدفاع الروسية في مدينة اللاذقية الساحلية السورية، وامتثلوا لذلك، حسبما قال شخصان مطلعان على الأمر للصحيفة.
ويعود تاريخ وجود قوات فاغنر في سوريا إلى شهر سبتمبر من عام 2015، مع التدخل العسكري الروسي المباشر إلى جانب قوات النظام، حيث اعتمدت القوات الروسية على مجموعة فاغنر لتقليل الخسائر ضمن صفوفها النظامية ولتنفيذ المهام الأمنية في سوريا، إضافة إلى المهام العسكرية ضد الفصائل المعارضة وتنظيم داعش، وفقا لتقرير مطول نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس.
وتوزعت مجموعات فاغنر، خلال السنوات الماضية في عدة مناطق سورية ومنها “اللاذقية وحماة وحمص وتدمر ودير الزور وحلب والحسكة ودمشق، إبان العمليات العسكرية في تلك المناطق، وكانت لا تزال تحتفظ بمواقع لها هناك حتى حدوث التمرد في روسيا قبل أيام” وفقا للمرصد.
ويقدر المرصد أن “عدد عناصر فاغنر من الجنسيات غير السورية يبلغ أكثر من 2000 عنصر، غالبيتهم من دول الاتحاد السوفياتي سابقا والبلقان”. كما جندت فاغنر “أكثر من 3000 سوري تحت إمرتها داخل وخارج سوريا”.
وتتراوح رواتب المقاتلين الشهرية بين 1200 و4000 دولار، كما يتقاضى موظفون وعاملون في الخارج أجورا أعلى.
كانت قوات فاغنر تؤمن الحماية الأمنية لحقول الفوسفات شرق مدينة حمص، والتي جرى استثمارها من شركات روسية وصربية في خنيفيس والشرقية، إضافة إلى منطقة الساحل غرب سوريا، في عين التينة وقلعة المهالبة وحمام القراحلة وعين ليون.
وإضافة إلى تمركز فاغنر في آبار الغاز بحمص وريف دمشق، شاركت مع قوات النظام في محاولتين منفصلتين لاستعادة تدمر من تنظيم داعش في العامين 2016-2017، وخسرت فاغنر حينها عشرات المقاتلين.
وبالتوازي مع العمليات العسكرية في تدمر والبادية السورية، شارك عناصر من فاغنر، في فبراير من عام 2016، بمعارك قرب مدينة حلب، وقتل العشرات من أفراد مجموعاتها المتعاقدين مع القوات الروسية من جنسيات غير سورية، وكان يسجل انتشار لها في قواعد بريف حلب.
وفي عام 2016 شاركت وحدات منها في السيطرة على أجزاء كبيرة بريف اللاذقية، وأنشأت مركزا لها في مدينة سلمى أصبح اليوم يستخدم كمعسكر لتدريب المقاتلين السوريين في صفوفها قبل إرسالهم إلى مناطق الصراع في العالم.
وفي بلدة ربيعة أيضا كانت تتمركز مجموعات من فاغنر إلى جانب الروس في عدة مواقع وضمن معسكرات خاصة بهم، كما تتواجد في منطقة القامشلي في أقصى الشمال الشرقي من سوريا، وفي ريف حلب الشمالي، ومواقع أخرى.
ويقول المرصد السوري إن فاغنر تعرضت لخسائر بشرية كبيرة في عام 2018، حيث أنكرت روسيا هجوم مجموعات تقاتل تحت عباءتها على بلدة خشام بدير الزور، مما عرض تلك المجموعات للاستهداف الأميركي المباشر وردعها عن تقدمها.
وفي التفاصيل، حاولت قوات من فاغنر قطع الطريق من معمل كونيكو للغاز وصولا إلى الحدود العراقية، لمنع تقدم قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي جنوبا والسيطرة على آبار النفط التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش.
وبعد منتصف ليل 7-8 فبراير 2018، تلقت وحدات فاغنر ضربات موجعة من قوات التحالف الدولي، في منطقة خشام بريف دير الزور التي تبعد نحو 8 كيلومتر عن حقل كونيكو، وأسفرت الضربات عن مئات القتلى والجرحى، فيما سمي حينها بـ”مجزرة فبراير الأحمر”.
وذكر تقرير آخر نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” في أيار الماضي، أنه “في مساء يوم 7 شباط 2018، بدأت قوات فاغنر هجوما على منطقة خشام، حيث الحقول النفطية التي تديرها شركة كونوكو في محافظة دير الزور السورية. حافظت الولايات المتحدة على موقع صغير للعمليات الخاصة هناك. وبمجرد تعرضه لقصف فاغنر، حاول البنتاغون التواصل مع شويغو، وأدلى وزير الدفاع آنذاك، جيم ماتيس، بشهادته أمام الكونغرس”.
وكان رد موسكو، وفقا لماتيس، “إنهم ليسوا من قواتهم فاغنر ولا يتبعون لهم”. وأمر ماتيس بإبادة القوة المهاجمة. وفي غضون ساعات، قتل وجرح المئات من المرتزقة الروس في غارات أميركية شاركت فيها مروحيات هجومية وطائرات مسيرة وطائرة حربية من طراز AC-130 وصواريخ هيمارس، فيما ظلت موسكو صامتة، وفقا للصحيفة.