بسرعةٍ ومن دون تأنٍ طاولة الحوار تشُق طريقها… ماذا يقول الدستور
بين الرفض والقبول وبين محاولات الدفع والتسريع وما يقابلها من محاولات تريّث، يبدو ان طاولة الحوار اللبنانية تشق طريقها بسرعة ومن دون تأنٍ نحو واحدة من العواصم العربية او الغربية، بحثاً عن مخرجٍ للدوران في الفر اغ المستمر منذ ما قبل نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون ان لم نقل منذ ما قبل بدايتها.
ومن المُرجح الا تنحصر مناقشات الحوار اللبناني المُتوقع في الموضوع الرئاسي، انما قد تطال بعض الامور المتعلقة بتطوير النظام او تعديله وآلية الحكم وغير ها من النقاط التي تُعتبر دستورية بامتياز.
لذلك، كيف يمكن مقاربة موضوع التعديل الدستوري وفقاً للأحكام الدستورية اللبنانية المرعية الاجراء؟ وهل من آليات مخصصة للتعديل لحظها الدستور اللبناني؟
بين التعديل والتطوير
في هذا الاطار أكد الاستاذ المحاضر في القانون في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف الدكتور رزق زغيب في حديث لـ “لبنان 24″، انه “لا يمكن الحديث عن فرق بين مصطلحيّ تعديل او تطوير الدستور، اذ ان الدستور يتم تعديله من اجل تطويره وجعله قادراً على مواكبة العصر والقضايا والحالات التي اظهرتها الممارسة بحاجة الى معالجة او تطوير وتعديل.
والحالات التي تظهر بحاجة الى معالجة، يمكن القول ان احكام الدستور المعمول به لم تتطرق اليها.
وفكرة تعديل الدستور غالباً ما تهدف الى تسهيل وتفعيل عمل السلطات المختلفة والمتنوعة او الى ضمان المزيد من الحريات الاساسية كحق المرأة في (الكوتا) للترشح للانتخابات النيابية مثلًا وغيرها من الحريات.
وبالتالي في ما يخص تعديل او تطوير النظام السياسي، يمكن التأكيد ان تعديل النصوص الدستورية تأتي بهدف تطويرها وجعلها اكثر ملاءمة للواقع الفعلي للمجتمعات التي تحتكم اليها”.
آلية التعديل الدستوري
وعن آلية التعديل المرتبطة باتفاق “الطائف”، قال زغيب ان ” وثيقة الطائف لا قيمة دستورية فعلية لها بحدّ ذاتها، اذ انها وثيقة أقرت عبر اجتماع عدد من النواب وليس المجلس النيابي خارج الأراضي اللبنانية، اذ ان مجلس النواب لا يمكن له بحكم الدستور ان يلتئم خارج الحدود اللبنانية.
وبعد اقرار الوثيقة في مدينة (الطائف) في السعودية، تمت المصادقة عليها في مطار القليعات في لبنان، وفي مرحلة لاحقة وتحديداً في 21 أيلول 1990، تم ادخال قسم من الاصلاحات الواردة في وثيقة الوفاق الوطني (الطائف) في الدستور.
فـ(الطائف) شمل عدة بنود منها ما هو متعلق مثلاً في العلاقة مع الجمهورية العربية السورية، تحرير الجنوب وغيرها من المواضيع التي لا تعنى مباشرة بالتعديل الدستوري، لذلك وبموجب تعديل دستوري أُدخل الجزء المتعلق بالاصلاحات الدستورية فقط في متن الدستور اللبناني.
لذلك عند اي تعديل دستوري ممكن او مطروح لا يمكن الحديث عن بنود تعديلية لحظها (الطائف)، انما لا بد من العودة الى الدستور والآلية التي وردت فيه”.
ويضيف زغيب ” يلحظ الدستور اللبناني في بعض مواده بعض البنود المتعلقة بالتعديل الدستوري، وتحديدا في مواده الأخيرة ( 76، 77، 78 و79)، التي وفقاً لأحكامها يحق لرئيس الجمهورية او لـ10 نواب مع موافقة ثلثي اعضاء المجلس في ان يتقدموا بطلب تعديل الدستور.
اما اعداد مشروع التعديل الدستوري اكان مطلوبا من قبل رئيس الجمهورية او النواب فهو من اختصاص الحكومة التي بعد اعداد المشروع ترسله الى المجلس النيابي الذي يحتاج الى أكثرية الثلثين (86 نائبا) حتى يتمكن من اقراره، وبعد اقراره في مجلس النواب يحتاج التعديل الدستوري ان يتم ارساله الى رئيس الجمهورية ليصدره، فيُنشر في الجريدة الرسيمة ويصبح نافذاً.
في المحصلة، يبدو الدستور واضحاً لناحية الآليات الواجب اعتمادها عند اي تطوير لازم ومطلوب، لكن الحسابات السياسية تبدو مخالفة لوضوح الدستور، اذ انها وحتى الساعة تدور في فلك الغموض ما يطرح العديد من علامات الاستفهام والتعجّب!