هل يتوقف القلب حقا عند العطس
لا بد أنك سمعت يوما من يزعم أن “القلب يتوقف عن العمل للحظة عندما تعطس، ثم يعود للنبض”، فهل هذا القول صحيح؟ هل هذا ما يحدث فعلا؟
الجواب ببساطة هو: لا!
فعندما تقوم بالشهيق قبل العطس، يزداد الضغط على القلب، لكن ما يلبث أن يخفّ بعد العطس. لذلك، من الطبيعي أن يتغير معدل نبضات القلب خلال هذه العملية، من دون أن يعني ذلك توقف العضلة.
عندما يعطس المرء، يرتفع الضغط داخل الصدر بشكل مؤقت، وهو ما يؤدي إلى تقليل تدفق الدم إلى القلب. ومع انخفاض ضخ الدم، يجد القلب نفسه مضطرا لتغيير الضربات المنتظمة، فيستغرق ثانية أو ثانيتين في عملية إعادة الضبط، من دون أن تتأثر الإشارات الكهربائية التي تتحكم في معدل ضربات القلب بالتغيرات الفسيولوجية التي تحدث عند العطس.
لذلك اعطس كما شئت، فقلبك دائما معك ويعمل، ولكن غط فمك حتى لا تنقل الرذاذ للأخرين!
خروج لا إرادي ومتشنج للهواء
العطس هو خروج لا إرادي ومتشنج للهواء من الرئتين عبر الأنف والفم، وهي حركة مفيدة للإنسان لأنها تمكن الجسم من التخلص من الجسيمات الدخيلة والمواد المثيرة للحساسية عبر الأنف ومن خلال المخاط الأنفي، وفقا لتقرير للكاتبة كريستينا روداكوفا في موقع “آف.بي” الروسي.
وهناك العديد من المواد المثيرة للحساسية والجزيئات الخارجية الموجودة في الهواء التي تسبب الإزعاج للغشاء المخاطي في الأنف، وهو ما يؤدي إلى العطس ومشاكل في التنفس في الطقس البارد.
كيف يحدث العطس؟
عندما تبدأ الدغدغة أو الوخز في الأنف، يأخذ الإنسان نفسا عميقا يملأ رئتيه بالهواء، ثم ترتفع اللهاة، ويتحرك ظهر اللسان ليصبح قريبا من الحنك الصلب، وتتقلص العضلات الوترية؛ مما يزيد الضغط داخل البطن والصدر بسبب الزفير القوي الذي يحدث عبر البلعوم.
وفي الوقت نفسه، يتحرك الهواء بسرعة 12 لترا في الثانية خارج الأنف والفم عند العطس، مرفوقا بقطرات صغيرة من المخاط واللعاب الذي ينتشر على مسافة مترين أو ثلاثة أمتار، وهو ما يمثل خطرا على الأشخاص المحيطين بك، خاصة إذا كنت مصابا بفيروس معد.
ولا تؤدي عملية العطس إلى توقف القلب، بل إنه لا يفوّت أي دقة، إلا أن نسق ضربات القلب قد ينخفض قليلا عند أخذ نفس عميق، ولكن هذا التأثير طفيف ولا يظهر على الإنسان.
ونحو ما بين 18 و35% من الأشخاص يعطسون عند التعرض للضوء الساطع. وهذه الظاهرة يرثها الطفل عن أحد والديه، وهي ليست حساسية ضد الشمس. وحسب العلماء قد يكون العطس إشارة من المخ حتى يقوم الجسم بتضييق بؤبؤ العين استجابة لكثرة الضوء.
والعطس مع إبقاء العينين مفتوحتين لا يؤدي لخروجهما من مكانهما، إذ إن هذا الأمر يحتاج لعضلات أكثر لدفع العينين إلى الخارج عند العطس. ومع ذلك، يغمض الإنسان عينيه عند العطس لأن هناك عصبا يربط العين والأنف مع المخ، وهو يرسل إشارة لغلق الجفون.
ولكن السبب وراء ذلك لا علاقة له بإبقاء العين في مكانها. وعلى الرغم من أن فتح العينين أثناء العطس لا يشكل أي خطورة، فإن بقاءهما مفتوحتين صعب جدا.
وفي العادة، يعطس الإنسان مرتين أو بضع مرات، حيث إن هذا الأمر يتكرر إلى أن يتحقق الهدف منه، وتختلف مدة العطس من شخص لآخر؛ فهناك من يعطس دائما مرة واحدة فقط، والبعض يعطسون مرتين متتاليتين، وآخرون يعطسون أكثر من عشر مرات متتالية.
خطورة حبس العطس
لا يمكنك غلق أنفك وفمك إذا شعرت بالرغبة في العطس، وإذا أجبرت نفسك على القيام بذلك، فإن تيارا قويا من الهواء سوف يندفع نحو الأذنين ويمكن أن يمزق طبلة الأذن، مما قد يؤدي إلى فقدان السمع.
وفي أحسن الأحوال، قد تصيبك هذه الحركة بالدوار، أو تضر الحجاب الحاجز. كما أن الشعيرات الدموية في العينين والمخ يمكن أن تنفجر؛ ولهذا السبب، من الأفضل الاستسلام للعطسة وعدم محاولة حبسها.
وكان حذر تقرير طبي في عام 2018 من كتم العطسة، وذلك لأن هذا الكتم قد يؤدي إلى مضاعفات تشمل تمزق الحلق، أو الإضرار بالأذن، أو حتى حدوث تمدد في الأوعية الدموية في الدماغ (brain aneurysm).
وكتب التقرير فريق يضم الدكتور سوديب داس، من مستشفيات جامعة ليستر “أن أتش أس” ترست، ونشر في المجلة الطبية البريطانية “كيس ريبورتس”، ونقلته الغارديان.
ووفقا للتقرير راجع رجل يبلغ من العمر 34 عاما الطوارئ وهو يعاني من تغيير في صوته، وتورم في الرقبة، وألم عند البلع. وذلك بعد أن كتم عطسة.
وبعد الفحص اكتشف الأطباء فقاعات هواء في الأنسجة في الجزء الخلفي من الحلق وفي الرقبة. مما يشير إلى أن كتم العطسة أدى لزيادة الضغط مما قاد إلى تمزق المنطقة الخلفية من الحلق، وتجمع الهواء في أنسجته الرخوة.
وقال الدكتور سوديب داس، إنه لأسباب تتعلق بالسلامة والآداب يكتم الشخص العطسة، ولكن في حالات نادرة قد يؤدي ذلك إلى مضاعفات محتملة خطيرة.
وحذر كاتبو التقرير من أن كتم العطسة أيضا قد يؤدي إلى تمزق طبلة الأذن أو حتى تمدد الأوعية الدموية في الدماغ.
المصدر : الجزيرة + الصحافة الروسية + غارديان + منظمة الصحة العالمية