هل تسريب مسابقات “الثانوي” عمداً

هل تسريب مسابقات “الثانوي” عمداً

يستطيع الطلاب البكالوريا الاحتفال من اليوم بنتائجهم “الباهرة” التي ستصدر في غضون أسبوعين، بعدما انتهت الامتحانات الرسمية لشهادة الثانوية العامة اليوم الخميس في 13 تموز. فنجاحهم سيكون بمعدلات ونسب مرتفعة، أسوة بالعام المنصرم، ولا يشكل مخاطر على السلامة العامة قياساً بنتائج التعليم المهني، التي صدرت بشكل غير نهائي منذ يومين. فرغم عدم تعلم طلاب المهني، وصلت نسبة النجاح في البكالوريا الفنية لاختصاص العلوم التمريضية إلى 98 بالمئة، ولم يرسب إلا خمسة طلاب من أصل أكثر من 2300 طالب. أو وصلت في اختصاص التربية الحضانية، التي رسب فيها فقط ثلاثة طلاب من أكثر من 1050 طالباً، إلى 97 بالمئة. هذا في وقت ما زال البلد يضج بقضية الحضانة التي كانت فيها “الحاضنات” تعنفن الأطفال والرضّع، لإسكات بكائهم.

تسريب مسابقات
في الوقائع الميدانية لآخر يوم للامتحانات الرسمية، كانت مسابقة اللغة العربية لفرع الاقتصاد والاجتماع متوسطة الصعوبة على الطلاب. لكن بعض الصفحات التربوية على منصة فيسبوك سربت محتويات النص وموضوع التعبير الكتابي فيها منذ مساء أمس. فكان نص الامتحان عن السعادة وموضوع التعبير الكتابي عن الاعتماد على النفس، وتم تسريبهما قبل 15 ساعة من موعد الامتحان. علماً أن هذه الصفحات على فيسبوك تلقى رواجاً بين الطلاب والأساتذة. أما مسابقة الرياضيات لفرع الاقتصاد والاجتماع فكانت سهلة، وتضمنت سؤالاً واحداً بحاجة إلى بعض التركيز فقط.
بما يتعلق بمسابقة الكيمياء لفرعي علوم الحياة والعلوم العامة، فكانت سهلة على جميع الطلاب، ووصفها البعض بأنها “تافهة” وليست مسابقة. أما مسابقة اللغة الأجنبية فكانت عن الذكاء الاصطناعي، وأيضاً كانت أكثر من سهلة وتم تسريبها، رغم أن أسئلتها سهلة لأنها تدرّس في صف البكالوريا قسم أول.
وسهولة الامتحان سرت على مسابقة اللغة العربية لفرع الإنسانيات، التي تتسم عادة بالصعوبة. فقد كانت المسابقة معدة لطلاب درسوا نحو شهرين من مجمل العام الدراسي، كما أساتذة المادة.

التسريب بعد وضع الأسئلة
بشكل عام، اتسمت الامتحانات الرسمية بأنها كانت شكلية على قاعدة “سيربح الجميع”. وكما سبق وكتبت “المدن”، باستثناء مادة الرياضيات، لفرع علوم الحياة، يوم الإثنين الفائت، كانت الامتحانات الرسمية سهلة المنال على جميع الطلاب، لأن الأسئلة وضعت على أساس تعلمهم أقل من ربع المناهج. ورغم ذلك لم يتوان البعض عن تسريب أسئلة مسابقات. وقد حصل استياء في صفوف الأساتذة من تسريب بعض الأسئلة في بعض المواد، لا سيما اللغة العربية والانكليزية (اليوم) والفلسفة، من صفحات معروفة ويديرها أستاذان هما أ.م.ع. وع.ر.و. وهي من الصفحات التي تلقى رواجاً كسائر الصفحات التي يديرها أساتذة وتنقل وجهات نظر بعض المسؤولين في وزارة التربية. وبما أن التسريبات حصلت قبل 15 ساعة من الامتحانات، فهذا يعني أنها حدثت بعد وضعها مباشرة من اللجنة الفاحصة التي يرأسها المدير العام للتربية، وقبل طباعتها بعد منتصف الليل.
ووفق بعض الأساتذة، تصل وقاحة الذين يديرون هذه الصفحات إلى ترويج أنفسهم بأنهم بمثابة العرّاف ميشال حايك الامتحانات. بمعنى التسريب وفق منطق التوقعات، فيما وقائع تسريب محتوى مسابقة اللغة العربية والانكليزية قبل 15 ساعة من الامتحان، تثبت بما لا يدع مجالاً للشك بوجود أشخاص في وزارة التربية، من الذين يضعون الأسئلة، يسرّبون المسابقات.

امتحان التربية والحكومة
بما يتعلق بالضغوط التي مورست من أجل السماح للطلاب المطرودين من الامتحان، بعد اكتشاف الغش، لم ترضخ دائرة الامتحانات. وأقصت هؤلاء الطلاب من دون حسم موضوع تمكينهم من التقدم للامتحان في الدورة الثانية. لكن حيال إفلاس الدولة من المبكر الحديث عن إجراء دورة ثانية للطلاب الراسبين أو الذين تغيبوا عن الامتحانات (أقل من خمسة بالمئة تغيبوا). فوزارة التربية لم تحسم أمر إجراء دورة ثانية للطلاب الراسبين بعد، كما جرت العادة لمنح الطلاب المتعثرين حظاً ثانياً.
وزير التربية عباس الحلبي سيسجّل “انجاز” الامتحانات الرسمية في سجلّه الوزاري، رغم كل الظروف القاهرة في البلد. لكن “سكرة الامتحانات” ستتبدد بعودة “فكرة” كيفية إطلاق العام الدراسي المقبل. وبعيداً من الامتحانات الرسمية التي أنجزت، يبقى امتحان فتح المدارس الرسمية وإطلاق العام الدراسي المقبل هو الأساس. ففي هذا الامتحان ستكرم وزارة التربية والحكومة اللبنانية أو تهان.

Exit mobile version