جريمة عنف جديدة.. الضحيّة مسنّة وهذه هي المعنّفة
قبل أيام ضجّت قضية تعنيف أطفال في إحدى الحضانات في حادثة مروّعة هزّت الرأي العام والموضوع الذي استحوذ على تعاطف واهتمام واسع فتح الباب على التفكير بأوضاع المسنّين في دور الرعاية الاجتماعية أو أولئك الذين يلجأ أبناؤهم الى توظيف شخص لرعايتهم وخدمتهم في المنزل نظرا الى انشغالهم بالعمل أو بعائلاتهم وعدم القدرة على الموازنة بين الطرفين.
قد يكون العنف ضدّ كبار السنّ غير مسلّط الضوء عليه ونادرا ما تشمل الدراسات الاستقصائية حول العنف هذه الفئة العمرية إلا أن التقديرات الأولية بحسب منظمة الصحة العالمية تشير الى أن واحدًا من بين كل ستة أشخاص تخطّوا الستين عامًا قد تعرض لشكل من أشكال إساءة المعاملة في بيئته المجتمعية. وهذه المعدلات تنسحب بشكل خاص على كبار السنّ في دور الرعاية حيث أبلغ اثنان من بين كل ثلاثة موظفين عن ارتكابهم إساءة معاملة، تبعا للصحة العالمية.
في مرافق الرعاية كما في المنازل ايضا، الحوادث تقع.. تروي السيدة ناديا (اسم مستعار) لموقع “ليبانون فايلز”، أنه بعد وفاة والدها، تدهورت صحّة والدتها وهي في ثمانينات العمر، ورفضت ترك منزلها والعيش مع أي من بناتها لرعايتها، فلجأن الى توظيف امرأة (تدعى رابعة ضاهر) تبيت معها ليلا نهارا للاهتمام بالوالدة داخل جدران بيتها الآمن.
في البداية كانت الأمور جيدة، تقول ناديا، لكن بعد حوالى الستة أشهر، أبلغنا الجيران أن أمّي ليست بخير وأن المرأة تسيء معاملتها إذ يسمعون صراخها وتأنيبها لوالدتي طيلة الوقت وأصواتا أخرى كتحطيم أغراض و”تطبيش” أبواب..
وكانت ناديا قد لاحظت سابقا وجود كدمة زرقاء على جسم والدتها فسألت رابعة عن السبب وكان الجواب ان والدتها وقعت في المرحاض ولم تتمكّن من إمساكها جيدا.. “اقتنعت بالموضوع لأن أمي كانت تتناول أدوية مهدئة لكنني لم أتوقع أن يكون السبب الحقيقي هو تعنيفها وضربها!” تشهق ناديا بالبكاء وإحساس الذنب يتآكلها..
اللافت في الموضوع أن الوالدة لم تشتك لبناتها عمّا كانت تتعرّض له لأنها كانت تخاف من أن تؤذيها تلك المرأة التي باتت كالشبح. فالوالدة كانت تلقى معاملة سيئة جدا وتعرّضت للتعنيف اللفظي بشكل يومي على شاكلة “يا شرم… كلي أحسن ما كسرك”، “انقبري وقفي خلصيني منّك”.. وما الى ذلك من ألفاظ مهينة لا يتمنّاها الإنسان لعدوّه.
ناديا التي كانت قد استقدمت رابعة الضاهر، ابنة عكار العتيقة، من مكتب مرخّص، قامت بتوثيق ارتكابات المرأة وأرسلتها الى صاحب المكتب الذي جنّ جنونه وقام بطرد المعنّفة على الفور.
لكن في حصيلة الأمر، بقيت تلك المرأة حرّة طليقة قادرة على استكمال أفعالها عبر التوظف في مكتب آخر أو بوظيفة حرّة.. لذا كان من المفترض أن تتقدّم ناديا بشكوى قضائية ترفقها بالأدلّة الموثقة لتنال رابعة العقاب اللازم غير أن ما ردع ناديا عن هذا المسار هو خشيتها من أن تقوم تلك المرأة بإيذاء والدتها أو أحد أفراد العائلة انتقاماً.. ففضّلت الاكتفاء بإجراء الطرد!
هذه واحدة من حوادث كثيرة تحصل داخل جدران مظلمة لا تخرج الى الضوء، والمعنّف او الظالم قد يكون أحد أفراد العائلة في كثير من الأحيان فاحذروا جيداً وكما تفتّشون وراء أولادكم للتأكّد من أن كل شيء على ما يرام، كونوا سنداً حقيقيا لأهلكم ولا تهملوهم لحظة أكان عن قصد أو عن غير قصد، مهما كان حملُكم ثقيلا!
ليبانون فايلز