“ما نَقَشِتْ مع طلاب البروفيه”… الإفادات محصورة بالناجحين

“ما نَقَشِتْ مع طلاب البروفيه”… الإفادات محصورة بالناجحين

تعتبر الشهادة الرسمية مستندا صادرا عن الجهة الرسمية التي تمنح شهادات المراحل الدراسية، بنتيجة الاختبارات الرسمية التي تنظمها الوزارة المعنية أي وزارة التربية والتعليم العالي.

وفي سياق تربوي متصل، كان وزير التربية قد أصدر تعميما يحمل الرقم 481 لجهة اعتماد العلامات المدرسية للترفيع الى الصف الأعلى لا يشمل الشهادة المتوسطة، وبما ان لا ثقة بالعلامات المدرسية لاعتمادها كمخرج من هذا النفق المظلم ، كونها قابلة للتعديل والتلاعب، وفي الأصل غير مؤمنة بسبب الإضرابات التي كانت قائمة في المدارس الرسمية، الى جانب الفاقد التعليمي الذي يعاني منه الطلبة، جاءت القرارات الارتجالية لتُدخل المدارس اللبنانية التي لها باع تربوي متين في المنطقة بسراديب غامضة. فنُسف خيار اجراء الامتحان الوطني الذي كان مطروحا، وحل مكانه إعطاء الافادات الى جميع التلاميذ، بمن فيهم الضعفاء والراسبين وأصحاب الطلبات الحرة.

بالمقابل، كان الاجدى ان تُؤخذ القرارات التربوية بمشاركة أصحاب العلاقة الى جانب الوزارة، كل من المركز التربوي ونقابة وروابط المعلمين، باعتبارهم المعنين بشكل مباشر في المجال التربوي، ولا دخل للسياسيين الذين اخذوا البلد الى الهاوية، ويسعون الى ادخال هذا القطاع في الجحيم.

ورقة عبور

في الواقع، شهادة “البروفيه” ليست كأي اجازة، كونها تعتبر في النظام اللبناني جواز مرور أساسي من مرحلة تعليمية الى أخرى أكثر جديّة. لذلك فإن القرارات المتخبطة الأخيرة التي طالت الجسم التربوي بأكمله، افقدت الناس والتلاميذ الثقة بالمدارس، لان الجميع تساووا في المستوى، وهذا الامر ولّد فتورا واحباطاً لدى الفئة التي كانت تدرس بكد لتُحصّل الشهادة بمجهودها وتعبها. بغض النظر عن الخلل في الامتحانات الرسمية، فإن الدولة لم تعين مستوى محددا اجباريا لضبط المحتوى وتقدير كفاءة كل تلميذ، فالتنميط الجغرافي الحاصل لجهة اعتبار أن كل المدارس الخاصة تتمتع بمعدل جيد ليس دقيقا.

ومن هنا، كانت الحاجة لإجراء هذا الاختبار في ظل غياب الامتحانات الوطنية البديلة التي تقدر حدود كل تلميذ وامكانياته. عدا ان التعطيل أوقف الاستعداد الذي كان يتحضر له التلامذة. وهذا الإلغاء أثر على طلاب المرحلة الثانوية وكاد ان يطيح بتحضيراتهم، بسبب المواقف الارتجالية غير المسؤولة التي اثبطت عزيمة التلاميذ الجيدين والمسؤولين، واضعفت المرجعية الرسمية، وولدت شعورا لدى الجميع بأن القانون مطاط، ويمكن اتخاذ أي قرار دون الاخذ بعين الاعتبار النتائج الكارثية على صعيد بناء جيل متعلم لديه تطلعات وطموحات في تحقيق مستوى علمي جيد.

القرار “الايسر”

وعلى خطٍ موازٍ، كان أعلن وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال عباس الحلبي مساء الخميس الفائت، ان الوزارة اتخذت قرارا يقضي بإعطاء إفادات لطلاب “البروفيه” تخول حاملها الانتقال الى المرحلة الأعلى.

وفي هذا الإطار، وصف نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض هذه الخطوة “بالأسهل”، مؤكدا “ان أي خيار ستأخذه الوزارة تطغى السيئات عليه أكثر من الإيجابيات، لان قرار مجلس الوزراء بإلغاء الشهادة المتوسطة اخذنا الى مكان خاطئ، والأجدر كان ان تختار العلامات المدرسية، وليس توزيع إفادات لجميع الطلاب”.

كاشفاً في تصريح اعلامي، “ان اغلبية المدارس الخاصة لن ترفع الطلاب الذين رسبوا خلال العام الدراسي، وستطلب منهم الانتقال الى مدارس أخرى”. معتبرا “ان المدارس الخاصة التي تحترم نفسها تربويا ستقدم على هذه الخطوة، لأنه لا يعقل نقل تلميذ راسب الى صف اعلى”. وتوجّه “الى من يريد المحافظة على ما تبقى من القطاع التربوي، عدم ترفيع أي تلميذ راسب”، لافتا الى “ان هذا القرار سيؤدي الى نزوح عدد كبير من طلاب المدارس الخاصة الى الرسمية التابعة للدولة”.

النهج الداخلي يحدد المُرَفّعين!

في سياق متصل، قال مدير عام المدارس الكاثوليكية الاب يوسف نصر لـ “الديار”، ان كل مدرسة “تملك نظاما داخليا موافق عليه من قبل وزارة التربية، وانطلاقا منه يتم تخصيص او تعيين معدل النجاح في المدرسة، وهذا ليس محصورا بصفوف الشهادات الرسمية وانما لكل المراحل المدرسية، ومن خلاله يتم تحديد السقف الذي يشكل الحد الأدنى لأهلية الطالب للترفّع الى المرحلة الأعلى”.

تابع “كنا نتمنى الا تلغى الشهادة المتوسطة بهذه الطريقة العشوائية المتسرّعة، وغير المدروسة لان البديل غير موجود او مضمون، وكنا نفضل اعتماد النتائج المدرسية، لان هذا الخيار يعزز فرص المدارس الخاصة لتتحمل مسؤولياتها بعملية النجاح والترفيع”.

اضاف “قد نكون وصلنا الى ما كان لدينا خشية منه وهو قرار منح الافادات، والذي أصبح امرا نافذاً، لكن امام هذا الواقع يبقى للمدرسة الخاصة ان تعتمد على نظامها الداخلي وترفع من يستحق الترفع حفاظا على المستوى التربوي، واحتراما لتعب المعلمات والمعلمين ولمجهود التلامذة”. وقال: “لا يمكن ان يتساوى جميع الطلاب معا ويجب منح الافادة لمن تعب وكدّ وناضل بتمييزه بإعطائه حقه”.

ولفت الاب نصر “الى ان الافادات سمحت للجميع بالحصول على النجاح، وهذا الامر يحمل أكثر من نقطة ضعف وإساءة للمستوى التربوي العام في البلد واهتزازا للسمعة التربوية، خاصة ان لبنان يتغنّى ويتفاخر بالتربية والتعليم”. أردف “علينا ان نقدر مجهود الهيئة التعلمية التي كدحت طيلة السنة الى جانب التلامذة الذين اجتهدوا وتهيأوا كما يجب، منتقداً عدم تثمين عناء المدرسة، كون هدف الأخيرة تربية وتنشئة وتطوير الأجيال وتجهيز مواطنين مسؤولين كفؤين يتميزون بإبداعات القرن الحادي والعشرين. غامزا الى رواسب هذا القرار على البيئة التربوية بشكل عام خاصة بما يتعلق بأصحاب الطلبات الحرّة”.

وختم “ينبغي على الدولة اخذ قرار إلغاء الطلبات الحرة او ان يخضع مرشحوها لفحص كنوع من الاختبار فلا يجوز منح الافادات بشكل فوضوي احتراما لسمعة التربية في لبنان، ومن يستحق النجاح فليترفع، ومن لا يستأهل يتحمل المسؤولية، وعلى الجميع القيام بواجباتهم”.

ندى عبد الرزاق – الديار

Exit mobile version