كتبت ليا-ماريا غانم في “نداء الوطن”: باتت فروع شركات تحويل الأموال تنبت وتنمو أينما كان، على الأوتوستراد الساحلي، في المدن الكبرى وفي الـمراكز التجارية، وكأن القاعدة أصبحت أقفل فرعاً مصرفياً وافتح أفرُعاً باللون الأصفر أو باللون الأحمر… أو الأزرق، كل البدائل “المالية” إنما وُجدت لخدمة المواطن وتسهيل معاملاته وحياته.
تراجع عدد فروع المصارف في لبنان من حدود 1058 فرعاً في 2019 إلى 786 فرعاً في نهاية 2022، كما تراجع عدد الصرافات الآلية التابعة للمصارف من قرابة 2000 صراف آلي إلى نحو 1500 صراف آلي معظمها خارج الخدمة الفعلية. لذا نمت البدائل بشكل مطّرد.
تُعدّ خدمة OMT من الطرق الأسهل لتحويل الأموال داخل لبنان وبين لبنان والخارج بالإتجاهين، وبوجود عدد “هائل” من الفروع يزيد على الـ1400. ليس على اللبناني أو المقيم في لبنان أن يتكبد عناء الإنتقال من منطقة إلى أخرى لإجراء معاملاته النقدية، فإرسال الأموال واستلامها عملية سهلة وسريعة لا تتعدى الـ15 دقيقة تكفي هوية المرسِل أو المستلم أو جواز سفر ساري المفعول.
وفي ما خص الـwish money، المنافِسة الأقرب للـOMT فهي شركة لتحويل الأموال المحلية والدولية تأسست في العام 2019 تحت اسم WOO Cash SAL بناء على قرار من مصرف لبنان رقم 19542، وفي العام 2021 غيرت اسمها لتصبح wish money وخدماتها “المنظورة” واسعة تبدأ بتسديد الميكانيك وفواتير الهاتف وصولاً إلى ضخ مبالغ الـliste de marriage للمقبلين على الزواج. ولدى wish money أكثر من 400 مركز موزعة على الأراضي اللبنانية و»الخير لقدام».
يشكو مالك شركة “wish money” توفيق كوسا، من عملية التخوين التي يتعرّض لها يومياً عبر اتهامه بأنه مدعوم من “حزب الله” وحركة “أمل” والنظام السوري. كما ذكر في اتصال هاتفي مع “نداء الوطن”، وقد تكون سبب الهجمة عليه لكونه مجنساً ومن شركائه أحد المسؤولين السابقين في الـOMT من آل معوّض.
مع الأزمة المصرفية وفصولها الكارثية المتتالية، وصعوبة إجراء المعاملات المصرفية البسيطة من دون حجز مواعيد وتعقيدات مصطنعة، زاد اعتماد اللبنانيين على شركات تحويل الأموال ما دفع أصحاب هذه الأخيرة إلى الاستفادة من الموضوع وتوسيع مروحة “خدماتهم” والقيام حتى بأعمال الصرافة.
الخدمات المجانية تدعو إلى التساؤل هل wish money شركة خيرية لا تتوخى الربح أو أن خدمات التحويل تكفي وتزيد على المصاريف التشغيلية. والأرجح أن 0% عمولة التي لجأت إليها الـOMT تدخل في إطار حرب الـmarketing أو التسويق بين الشركات كي تنحصر المنافسة بين الشركات الأقوى.
تبوّأ لبنان المركز الأوّل في المنطقة والمرتبة الثانية عالميّاً من حيث مساهمة تحويلات المغتربين في الناتج المحلّي الإجمالي، والتي بلغت 37.8 في المئة في العام 2022، مع وصول حجم التحويلات إلى 6.8 مليارات دولار أميركي، كما يصنّف ضمن قائمة الدول الأكثر تلقياً للأموال من المغتربين في العالم، وذلك بحسب تقديرات البنك الدولي، واعتمد المغتربون على مكاتب تحويل الأموال لتنفيذ هذه التحويلات، بدلاً من المصارف.
وفي هذا الإطار يؤكد مصدر رفيع المستوى من OMT عبر “نداء الوطن” أن شركات تحويل الأموال في لبنان لم ولن تأخذ دور المصارف، بل هي متضرّرة من انهيار القطاع المصرفي، حيث إنه وبعد الأزمة وجدت هذه الشركات نفسها مضطرّة إلى تطبيق آلية عمل معقّدة وطويلة، ومتطلّبات إضافية على مستوى التأمين والحراسة المشدّدة لتوزيع الأموال يومياً، فبتنا نرى حراساً أمام فروع الـOMT، ومعهم آلات لكشف المعادن لمنع أي إشكال أو حتى أعمال سرقة بعدما شهدنا عدداً كبيراً منها في الآونة الأخيرة.
وعن الخدمات المستحدثة كخدمة هدايا الزواج والبطاقات المسبقة الدفع التي كانت محصورة بالمصارف، يقول المصدر انها «جاءت استجابة لطلب عدد كبير من الزبائن نظراً لاشتداد الأزمة وإقفال أبواب المصارف (بوجه من لم يحجزوا مواعيد)، في حين أن إطلاق البطاقات مسبقة الدفع، فإنما يتم من خلال التعاون مع المصارف.
إن اعتماد بعض شركات تحويل الأموال إلى إصدار بطاقات ائتمان تخوّل حاملها سحب المبالغ المحولة له من الخارج بالعملة الأجنبية، إضافة إلى قبض المساعدات المحولة من مؤسسات الدول المانحة، بعدما كانت المصارف تقوم بهذا العمل، والتي عانت في الفترة الماضية من الإغلاقات المستمرة وأعمال الشغب والدعاوى القضائية.
يؤكد الخبير المالي نسيب غبريل في حديث مع “نداء الوطن”، ألّا بديل عن المصارف التجارية، “فالشركات والمؤسسات والأفراد يستخدمون المصارف لأنهم بحاجة إليها، وهناك 220 ألف حساب فريش دولار في المصارف (وألف رحمة على حسابات الدولارات البائتة)، وتُستخدم لعدة أمور كسحب المعاشات والتحويلات إلى الخارج والمعاملات التجارية ودفع فواتير الاستيراد، إذاً على الرغم من أن العملية الإصلاحية جامدة، وعلى الرغم من أن صندوق النقد الدولي مصرّ في تقريره الذي أصدره قبل فترة قصيرة على شطب 60% من الودائع من القطاع المصرفي، هناك حاجة للمصارف وهدف الأخيرة أن تعود وتلعب دورها الأساسي وهو تسليف وتمويل الاقتصاد والقطاع الخاص تحديداً.