“ليبانون ديبايت”
لم يعد لحاملي الدولار أي امتيازات بظلّ الإرتفاع الهائل الذي تشهده أسعار السلع, فالأسعار تواصل إرتفاعها منذ مدّة وها هي تعود إلى معدلاتها ما قبل الأزمة التي شهدها لبنان عام 2019.
وبالرغم من أنّ بعض موظفي القطاع الخاص باتوا يتقاضون جزءًا أو حتى كامل رواتبهم بالدولار “الفريش” إلا أنّها لم تعد تكفي مع إرتفاع المستوى المعيشي، وعليه يبدو أنّ حتى الدولار لم يعد له قيمة في لبنان!
وفي هذا الإطار رأى الخبير الإقتصادي خالد أبو شقرا, أن “أسعار معظم السلع والخدمات, ارتفعت بنسب مئوية أكثر مما كانت عليه قبل الأزمة الإقتصادية, حتى إذا أخذنا أسعارها بالدولار وليس بالليرة اللبنانية, وذلك بحجّة إرتفاع الأسعار العالمية من بعد الحرب الروسية على أوكرانيا, فأصبح هناك إرتفاع في أسعار السلع, وترافق ذلك مع إرتفاع في كلفة النقل والمواصلات نتيجة إرتفاع النفط, ونقص الإمداد بالحبوب, والكثير من الزيوت, ما أدى موجة من إرتفاع الأسعار”.
وفي حديث إلى “ليبانون ديبايت”, لفت أبو شقرا, إلى ان “إرتفاع الأسعار بالنسبة المئوية في لبنان غير منطقي, وغير مبرر, فحجم إنهيار الليرة اللبنانية مقابل الدولار يساوي 90 ألفاً, إذا الأسعار كان من المفترض أن ترتفع بحدود الـ 60 ضعف, فالسعلة التي كان سعرها 1500 ليرة قبل الأزمة يفترض ان يصبح سعرها اليوم 90 ألف ليرة, إلا ان ما نراه اليوم هو أعلى”.
وأضاف,”سبب ذلك يعود لتفلّت الأسواق, وعدم تطبيق قانون منع الإحتكار في لبنان, واستغلال التجار للفرق بسعر الصرف, ما بين البيع والشراء, إضافة إلى التسعير الإحتياطي رغم التسعير بالدولار, إذا يتم التسعير بأعلى من القيمة تحسباً لارتفاع سعر الصرف, وطبعاً إضافة إلى غياب الرقابة وعدم وجود ضابط للأسعار, فكل هذه العوامل تساعد اليوم بأن تعاود أسعار السلع والخدمات بالدولار ارتفاعها اكثر مما كانت عليه قبل الأزمة”.
وتطرّق أبو شقرا إلى المخاطر الإجتماعية وراء إرتفاع أسعار السلع, والذي أدى الى إرتفاع نسبة الفقر, وقد ينظّر البعض في لبنان أن اليوم البلد بدأ يتعافي بالنظر إلى بعض مظاهر الصرف المفرط في بعض المطاعم وبعض المرافق السياحية, إلا أن هذا لا يعبّر عن الواقع, فهناك 80% من اللبنانيين تحت خط الفقر”.
ولفت إلى أن “التقارير الدولية, من منظمة الزراعة العالمية, الفاو, واليونسيف, التي تضيئ على الصعوبات التي تواجهها الأسر, من خلال تراجع التأمينات الصحية, النقص بأخذ الأدوية, التسرّب المدرسي, ما يؤدي إلى تكيّف سلبي”.
واعتبر أبو شقرا, في الختام أن “لبنان سيلمس النتائج السلبية ليس في القريب العاجل, إنما بعد فترة زمنية, من خلال فقدان لبنان لكل المهارات التي كان يتمتّع بها على الصعيد الطبي, والتعليمي, ولكل القيم المضافة التي كانت تميّز لبنان, مشدّدا على أن “الأمور ستتأزم أكثر وأكثر مع مرور السنوات”.