إستأنفت رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر، ما اسمته “قرار” ترك المدعى عليه حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة من قبل قاضي التحقيق الأول شربل
أبو سمرا، أمام الهيئة الاتهامية في بيروت، عبر وكيلتها القانونية المحامية برتا نعيم، حيث قبلت الهيئة الاستئناف وحدّدت جلسة لسلامة الأربعاء المقبل.
ولكن قرار الهيئة الإتهامية استند إلى قرار ضمني، فماذا يعني ذلك من وجهة النظر القانونية؟
يوضح المحامي صخر الهاشم لـ “ليبانون ديبايت” المخالفة في الاستئناف أولاً وفي قبول الهيئة الاتهامية لهذا الاستئناف ثانياً.
ويشرح الهاشم أن النيابة العامة تستأنف عادة القرار الصادر عن قاضي التحقيق، لكن عكس ما روّج له فإن القاضي أبو سمرا لم يترك رياض سلامة بسند إقامة ولم يتركه حراً، وما حصل أن القاضية اسكندر طلبت تأجيل الجلسة لأن لديها ارتباطات أخرى توجب عليها مغادرة جلسة الاستجواب، لذلك قام القاضي أبو سمرا بإرجاء الاستجواب لمدة أسبوع.
ويشدّد في هذا الاطار أن لقاضي التحقيق الحرية في استدعاء المدعى عليه أكثر من مرة قبل عرض الأوراق على النيابة العامة، حيث تعرض الأوراق على النيابة عند انتهاء التحقيق مع الشخص، ويستطيع أن يترك المدعى عليه رهن التحقيق شهراً أو أكثر.
ويلفت إلى أن النيابة العامة هنا لم تطلب عرض الأوراق عليها في كل مرة، وهي عند تسلّمها الأوراق تأخذ القرار إما بالترك أو تترك الأمر للرئاسة أو مخابرتها بعد انتهاء التحقيق.
وينبّه إلى أن قرار الهيئة الإتهامية مبني على “استنتاج” مفاده أن تأجيل الجلسة يعني قراراً ضمنياً بترك سلامة، فهل من المعقول أن تأخذ الهيئة الاتهامية قرارها بناء على قرار ضمني؟ معتبراً أنها هرطقة غير معقولة .
ويوضح أنه في العادة ما يكون الإستئناف مبني على القرار المؤرخ بتاريخ معين لكن في الحالة الراهنة ليس هناك من قرار فكيف يمكن الاستئناف.
ويرى أن الأخطر أن الهيئة قبلت الإستئناف شكلاً وتتصدى اليوم بالأساس، وهي بذلك حلّت محل قاضي التحقيق شربل أبو سمرا, ويؤكد أن العدالة لا تعني الثأر، غامزاً من ملف المرفأ فلو كان الهدف منه العدالة مثلاً وليس الثأر من بعض السياسيين لما كان واجه أي عرقلة.
وجاء في متن قرار الهيئة الإتهامية:
أنه حيث كان المجلس المركزي لمصرف لبنان هو شخص عام قد فرض عمولة على جميع مشتري الأوراق المالية من مصرف لبنان، وتم تسديد هذه العمولة بصورة إلزامية من المصارف التجارية عند شرائها لأيّ أوراق مالية من مصرف لبنان، دون أن يحصل أي مصرف منها على أيّ خدمة أو منفعة من جراء شراء هذه العمولة، ما يجعل هذه العمولة مالاً عاماً مستوفى لصالح مصرف لبنان وفق ما أكّده جميع المستجوبين في هذه القضية.
وحيث أن إيراد المدّعى رياض سلامة عبارة من خارج أموال مصرف لبنان عند تحويل المبالغ المختلسة إلى حساب شركة فوري الوهمية في سويسرا دون أيّ فاتورة ودون أي تدقيق ودون أي إيصال، ليس من شأنه أن يغير من طبيعة الأموال العمومية لا بل إنه يشكّل دليلاً على محاولة المدّعى عليه رياض سلامة منذ البدء على تبرئة نفسه في حال انكشف مشروعه الجرمي.
وحيث أن قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت قد استجوب المدّعى عليه رياض سلامة لمرات عدة، آخرها يوم 2 آب 2023 عندما طرح أسئلة رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل، ولم يعد لديه أي سؤال يطرحه عليه فقرر تركه رهن التحقيق دون عرض الملف على النيابة العامة الاستئنافية.
وحيث الترك رهن التحقيق يعني أنه متروك بسند إقامة رهن التحقيق أي غير موقوف رغم أن الملف يتضمن ما يكفي من الأدلة على وجود اختلاس لأموال عمومية في مصرف لبنان.
وحيث المادة 107 أ.م.ج. تجيز توقيف المدّعى عليه للمحافظة على أدلة الإثبات أو المعالم المادية للجريمة أو للحيلولة دون ممارسة الإكراه على الشهود أو لمنع المدّعى عليه من إجراء أي اتصال بشركائه في الجريمة أو المتدخلين فيها أو المحرّضين عليها.
ولما كان امتناع حضرة قاضي التحقيق الأول عن إصدار مذكّرة توقيف وجاهية بحق المدّعى عليه الذي سبق أن أصدر بحقه القضاء الفرنسي والقضاء الألماني مذكّرات توقيف غيابية وتمّ تعميمها على الإنتربول الدولي بالجرائم التي تمّت على الأراضي الأوروبية تبعاً لتحويل مبلغ 330 مليون دولار أميركي المختلَس من مصرف لبنان يعطي المدّعى عليه حرية الاتصال بشركائه والمتدخلين معه في هذه الجريمة كما يمنحه القدرة على ممارسة الترهيب والإكراه على الشهود نظراً إلى إمكاناته المالية الهائلة.
وطلبت القاضية اسكندر قبول الإستئناف لوروده ضمن المهلة القانونية مستوفياً لشروطه الشكلية كافة وفسخ القرار المستأنف واصدار القرار بتوقيف المدعى عليه رياض سلامة وجاهياً.
وأشار قرار الهيئة الاتهامية من حيث الشكل إلى ما خلص إليه قاضي التحقيق في جلسة 2/8/2023 وما حرفيته “لإنشغال رئيس هيئة القضايا، بقضايا مهمة تقرر إرجاء الجلسة الى يوم الخميس الواقع في 10/8/2023 واعتبار الحاضرين مبلغين، وحيث أن العبارة المدونة في محضر الجلسة” بعد استجواب المدعى عليه رياض سلامة ” تفيد بوجود قرار متخذ من قاضي التحقيق الأول بترك المدعى عليه رياض سلامة ضمنياً وهو قد جرى تنفيذه واقعياً دون أن يصار إلى استطلاع رأي النيابة العامة الاستئنافية وفقاً للأصول.
واعتبر قرار الهيئة بما أن الاستئناف يتناول فراراً صادراً عن قاضي التحقيق بترك رياض سلامة ضمنياً بعد استجوابه ووردوه ضمن المهلة القانونية فيقتضي قبوله شكلاً.
ورأت الهيئة من حيث الأساس أنه بالنظر إلى ماهية الجرائم المدعى بها ولمعطيات الملف كافة ولما هو وارد في التحقيقات والمستندات المبرزة وسنداً للمادة 107 فإن القرار المستأنف واقع في غير موقعه السليم ويقتضي بالتالي فسخه، ودعوة المدعى عليه رياض سلامة الى جلسة يوم الاربعاء في 9/8/2023 الساعة الحادية عشرة صباحاً.