“السفارة السعوديّة نفذّت عملاً تخريبياً”… مصدرٌ أمنيّ يكشف

“السفارة السعوديّة نفذّت عملاً تخريبياً”… مصدرٌ أمنيّ يكشف

ماذا يعني أن تُصدر السفارة السعودية في بيروت تحذيراً إلى رعاياها قرابة الساعة 12:00 من منتصف الليل، تدعوهم فيه إلى مغادرة الأراضي اللبنانية “على وجه السرعة”؟ هذا إذا ما سلّمنا جدلاً أن ثمة في لبنان رعايا بهذا الكمّ؟ وهل أن الأمر خطير إلى حدٍ لم ينتظر بزوع شمس النهار كي يجري الإعلان عنه؟

إستبطن الإعلان السعودي إستنفاراً لدى الأجهزة الأمنية كافةً، ولدى السياسيين، وسمّم الأجواء اللبنانية وموسم الإصطياف، وأضرّ بعطلة نهاية الأسبوع.

وانعكست مصطلحات البيان السلبية على المغتربين والوافدين الموجودين في لبنان، وعلى النشاط التجاري والسياحي في أكثر من منطقة، ودفع بسفارات عربية وغربية إلى قطع إجازاتها والتفرّغ لاستيضاح ما يجري، والذي أظهر أن في لبنان مخاطر غير منظورة لغير السفارة السعودية.

كما أنه استبطنَ نوايا مريبة وأوحى أن أمراً ما يُحضّر أو جارٍ تحضيره في هذا البلد، وأن السفارة تمتلك معلومات، قد لا تمتلكها الدولة اللبنانية. في هذه الحالة، كان لا بدّ لسفارة المملكة في لبنان أن تتواصل مع وزارة الخارجية والمغتربين لإطلاعها على مضمون ما لديها من معلومات وانتظار حلول النهار، غير أن السفارة وجدت أن تنفيذ عملٍ تخريبي في لبنان، هو أفضل من التواصل مع الجهات المعنية.

معلومات “ليبانون ديبايت” تؤكد، أن وزارة الخارجية بشخص الوزير عبدالله بو حبيب، لم تكن لديها أدنى فكرة أو علم عمّا يجري أو حول مضمون ما سيخرج ليلاً عن السفارة السعودية، ولم توضع في صورته، وتفاجأت كما تفاجأ سائر اللبنانيين.

يُفترض بهذه الحالة أن تُقدم الوزارة على استدعاء السفير السعودي، أقلّه، لسؤاله حول ما لديه، بعد أن تبلّغه رسالة اعتراض شديدة اللهجة حول الأسلوب “غير الدبلوماسي” الذي استُخدم، لكن هيهات.

ولغاية هذه اللحظة، لم يصدر أي بيان توضيحي عن وزارة الخارجية، فيما يؤكد معنيون أن الوزارة ليست في هذا الوارد حالياً، من دون معرفة ما إذا كان قد حصل تواصل بين الوزير والسفير السعودي وليد البخاري أم لا!

في سياق موازٍ، علم “ليبانون ديبايت” من مصادر أمنية متعددة، أن لا شيء لديها يؤكد وجود تهديدات “إستثنائية” تطال مصالح وطنية، غربية أو عربية، أو تحضيرات للقيام بأعمالٍ إرهابية أو عدوانية.

وإذا كان المقصود التحذير ممّا يجري في مخيم عين الحلوة من اشتباكات، فإن حالة الإستقرار تعود تدريجياً إلى المخيم، واصفةً مضمون البيان بـ”المريب والمستهجن”.

وبعيد صدور مضمون التحذير السعودي، تداعت الأجهزة كافةً إلى التنسيق في ما بينها، وعملت على مقاطعة ما جاء في التحذير السعودي من دون أن يتبيّن لديها أي معطى يؤكده.

وأكدت المصادر أن الأجهزة لم يردها شيء، لا في الأمس ولا اليوم، من الوزارات المعنية نقلاً عن السفارة السعودية يشرح مضمون التحذير الذي ورد.

وعلم “ليبانون ديبايت”، أن أحد الأجهزة طلب من وزارة الوصاية عليه التواصل مع وزارة الخارجية، والطلب منها استفهام طبيعة التهديدات التي تخشى منها السفارة ودفعتها إلى إصدار هذا البيان.

عملياً، ما أسفرَ عنه الوضع الراهن، إعتقاد واسع مفاده أن السفارة السعودية تتعمّد توتير الأجواء والأوضاع في لبنان وربما تخريب الأجواء، لغاياتٍ سياسية تحتاج وقتاً لمحاولة معرفة مضمونها وأهدافها، رغم اعتقاد أطراف معنية ومسؤولة، أن الخلفيات يمكن فهمها من وراء مسألتين أساسيتين: حديث الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله الأخير، خلال مهرجان تأبين آية الله الراحل الشيخ عفيف النابلسي، قبل يومين، حين تطرق إلى مخاطر محدقة بالوضع اللبناني.

يُفهم أن نصرالله قد يمتلك معطيات حول تصعيد خارجي، وبيان “اللقاء الخماسي” للدول المعنية في الملف اللبناني، الذي انعقدَ أخيراً في العاصمة القطرية الدوحة، تضمّن لغةً تستبطن تهديدات، ما فُهم أنه كناية عن محاولة ضغط للدفع نحو انتخاب رئيسٍ للجمهورية وفق المعايير التي يريدها “الخماسي”، ولن يخلو ذلك من تسخين للأجواء اللبنانية.

المريب أن بيان السفارة السعودية “العاصف”، جاء بعيد مسارٍ بدأ منذ اندلاع الإشتباكات في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين.

إذ تعمّدت وجوه إعلامية ومحللون ووسائل إعلام، عطف ما يجري في المخيم، على الساحة السياسية الداخلية، والمبالغة في الإشارة دوماً إلى تحذيرات من حصول عملياتٍ إرهابية تستهدف الداخل اللبناني، وقد ذهب البعض حدّ الإعلان عن وجود تقارير لدى الأجهزة الأمنية تتحدث عن تحضيرات جدية ودخول إرهابيين إلى الأراضي اللبنانية لتنفيذ أعمال إرهابية، وهو ما تنفيه وتدحضه مصادر رسمية في أجهزةٍ أمنية أساسية تهتم عادة بمتابعة مثل هذه المواضيع.

Exit mobile version