عُلقّ العمل بـ”صيرفة”، وتقرَّر الخروج منها تدريجاً. وفيما أعلن رئيس الحكومة أنّ الدولة عاجزة عن تأمين رواتب القطاع العام، تدور هواجس لدى المواطنين لناحية مصير رواتبهم، وعلى أيّ سعر ستُسدَّد فواتيرهم التي كانت مقرَّرة على سعر “صيرفة”.
عضو لجنة المال والموازنة النائب رازي الحاج في حديثه لـ”النهار”، يؤكد أنّ “رواتب القطاع العام ستُدفع بالليرة اللبنانية كالسابق قبل “صيرفة”. وما يهمّ هو القدرة الشرائية لدى الموظفين، سواء كانوا من القطاع العام أو الخاص، وهي مربوطة بكيفية لجم تدهور العملة الوطنية، وهناك أدوات نقدية عديدة يمكن للمصرف المركزي استخدامها لتنفيذ هذا اللجم، منها وقف تمويل الدولة فهذه ليست وظيفته، والتخفيف من الكتلة النقدية المتداوَلة بالسوق بالليرة، وزيادة الطلب من ناحية أخرى على العملة المحلية”، وفق الحاج.
وعن السيناريوهات التي تطرحها الحكومة لتسديد الرواتب، يرى الحاج أنّه “تهويل، لأنّ الدولة لا تريد تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، فهناك في الحد الأدنى 3 مليار دولار تهرب جمركي وضريبي وقطاعات غير شرعية، ولا يمكن للحكومة اللجوء إلى المصرف المركزي، فهي على كامل دراية بذلك، ونائب رئيس مجلس الوزراء أرسل بكتاب إلى رئيس الحكومة أكّد فيه أنّ الحكومة لن تتمكّن من إعادة الأموال التي ستقترضها من المصرف المركزي، فهم مستمرون بالسياسات المتبَعة منذ عقود بالاقتراض من المصرف المركزي دون أي إجراء إصلاحي”.
وبحسب الحاج، “من المفترض أن تكون رواتب القطاع العام بالليرة موجودة، ولا سيما أنّ وزارة المال أقرّت بأنّ بحوزتها 21 مليار ليرة كانت قد جبتها من الضرائب”.
أمّا عن الفواتير الأخرى التي تُسدَّد على سعر منصة “صيرفة” من الكهرباء والاتصالات والدولار الجمركي والضرائب وغيرها، فبرأي الحاج “من المتوقَّع أن تُدفع جميع الفواتير على السعر الذي لا يزال على المنصّة حتى اليوم لكونها لم تُلغ رسمياً بقرار رسمي، إلى أن يتم اعتماد المنصة الرسمية”، ويضيف أنّ “على المركزي أن يعلن رسمياً، وهي وظيفته، ما هو سعر الصرف الذي يجب أن يُتّبع، رغم أنّنا من دعاة توحيد سعر الصرف مع منصة شفافة تعكس العرض والطلب الحقيقيين”.
لا حاجة لاستدانة الحكومة من المصرف المركزي
من جهته، يورد رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني في حديث لـ”النهار”، أنّ “الحكومة اللبنانية قادرة على تسديد رواتب القطاع العام بالليرة اللبنانية من إيرادات الجباية”.
ففي موازنة 2023، تقرّ الحكومة بأنّ معدّل الجباية الشهري لديها هو حوالي 12 تريليون ليرة، وكل الرواتب والأجور في القطاع العام تساوي 7 تريليون ليرة، بالتالي هي مؤمَّنة.
فقد تحسّنت الجباية في الحكومة اللبنانية أخيراً، ومعدّلها زاد عن 12 تريليوناً، والحديث حالياً عن جباية تراوح بين 15 إلى 20 تريليون ليرة صيفاً، وهذا النهج هو المتّبَع في كل دول العالم وهو نهج غير تضخمي، بحسب مارديني.
أمّا بالنسبة إلى القيمة الإضافية التي كان يتقاضاها الموظفون بسبب تقاضيهم الرواتب بالدولار على سعر “صيرفة”، فهي قيمة لا تُذكر الآن لأن سعر صرف الدولار في سوق السوداء هو 89 ألف ليرة، بينما سعر الصرف على “صيرفة” هو 85 ألف ليرة، بحسب ما يشرح مارديني. ويعطي مثلاً، أنّ مَن راتبه 12 مليون ليرة، يكون الفارق حوالي 6 دولارات فقط بين تقاضيه راتبه بالليرة أو بالدولار على منصة “صيرفة”.
لذلك، ليس أمام الحكومة أيّ مشكلة في تسديد رواتب وأجور القطاع العام، و”التهويل بعدم القدرة على تسديد الرواتب في غياب “صيرفة” هو كلام غير موزون”، يقول مارديني.
وعن أنّ المصرف المركزي لم يوقف منصة “صيرفة” رسمياً بعد ولن يوقفها فجأة بل بالتدريج بحسب ما صرّح نائب حاكم مصرف لبنان، برأي مارديني نواب الحاكم أعطوا لأنفسهم 6 أشهر للخروج من “صيرفة”. بالتالي اليوم، نجد سعر صرف على منصة “صيرفة”، على أساسه تُسدَّد جميع الفواتير إلى حين الانتقال إلى المنصة الإلكترونية الأخرى.
ومن المفترض أن تشمل “صيرفة” أو غيرها من المنصات جميع عمليات السوق، لتوحيد سعر الصرف، ولا سيما أنّ الفارق بين سعر الصرف في السوق السوداء و”صيرفة” هو فارق بسيط.
لكن إن لم يقرض المصرف المركزي الدولارات للحكومة، فكيف ستسدّد هذه الأخيرة فواتير الاتصالات والكهرباء؟ يجيب مارديني أنّ لدى الحكومة إيرادات كافية في موازنتها لتسديد نفقاتها ولا سيما الرواتب. وهي كانت قد زادت من فاتورة الكهرباء والاتصالات على المواطن وحوّلتها إلى الدولار على سعر “صيرفة” لكي تتمكّن من تسديد أكلاف الكهرباء والاتصالات وغيرها من الفواتير من هذه الزيادات وتغطية نفقات كهرباء لبنان.
بالتالي، “لا حاجة لاستدانة الحكومة من المصرف المركزي لا لتأمين فواتير الكهرباء والاتصالات ولا لرواتب وأجور موظفي القطاع العام”، وفق مارديني.
المصدر: النهار