تتواصل الاحداث الامنية منذ فترة، وتدور في خانة واحدة هدفها إطلاق الشرارة لفتنة طائفية، قابلة للاشتعال بدقائق في مختلف المناطق اللبنانية، من دون ان يكون لها اي رادع سياسي، اذ باتت النار تحت الرماد مع تكرار الاحداث الدامية، الامر الذي ينذر بالمآسي والويلات لبلد مشلّع تطوقه الانهيارات من كل النواحي، ولم يكن ينقصه سوى الفتنة الطائفية التي ترمي بثقلها وتتنقل من منطقة الى اخرى، من الطيونة الى شويا وخلدة والقرنة السوداء وعين ابل وصولاً الى الكحالة قبل ايام، كل هذا ينذر بما لا يحمد عقباه ويشير الى ايام مظلمة مقبلة، بحسب ما يشير مراقبون سياسيون مطلعون على التطورات الاخيرة للوضع الامني، ناقلين عن مصادر امنية وجود تحذيرات ابلغوها الى بعض الشخصيات السياسية بضرورة توخي الحذر الشديد.
ويلفت المراقبون الى انّ التحذيرات التي صدرت من بعض السفارات العربية، وخصوصاً السفارة السعودية لم تأت من عدم، بل وفق معطيات ومعلومات مؤكدة حاولوا وضعها ضمن إطار مخيم عين الحلوة، وتطور الاشتباكات وانتقالها الى مخيمات اخرى، لكن حقيقة تلك التحذيرات كانت في اتجاه آخر، هو تنقل الفتنة الطائفية اللبنانية واشتعال الوضع وتوسعه نحو المناطق المختلطة، على الرغم من التطمينات التي صدرت لطمأنة السياح والمغتربين، لكن ما جرى خلال الفترة الاخيرة اطلق العنان للمخاوف والهواجس.
الى ذلك اشار المراقبون نقلاً عن المصادر الامنية الى إمكان حدوث هزّات امنية لانّ الجو العام يشبه مرحلة العام 2005، خصوصاً انّ ما جرى يوحي بذلك ويشير الى الاسوأ المرتقب، وبالتالي فالوضع اليوم مخيف اكثر من تلك المرحلة، لانّ العام 2005 شهد تقارباً بين الطوائف، لكن اليوم هنالك انقسام عمودي في البلد مخيف جداً، لانّ الحلول في لبنان تأتي على ظهر التداعيات السلبية والحلول والتسويات القاتمة، فلا حل إلا بعد معركة او إغتيال، معتبرين أن الوطن ليس لطائفة او حزب او فئة، والساحة اللبنانية محتاجة الى مواقف جريئة لم يقم بها السياسيون لغاية اليوم، بل اكتفى بعضهم بالتباهي بالتحديات التي لا توصل الى اي مكان، لذا فالحل في انتخاب رئيس بأسرع وقت، والمطلوب من الشعب اللبناني التظاهر بصورة حضارية سلمية امام المجلس النيابي، كي يتحقق هذا الحل، لان السياسيين وعلى ما يبدو لا يريدون رئيساً لدولتهم، وهذا يعني بأن الوضع يحتاج الى موقف شعبي متشدّد، لذا نأمل منهم ان يتمسّكوا حتى النهاية بهذا المطلب اليوم قبل الغد، وألا يتراجعوا بل يتخذوا المواقف الحاسمة من اجل وصول رئيس صُنع في لبنان، مع تطبيق ما قاله البطريرك بشارة الراعي: “ان الوطنية السياسة تقوم على ثلاثة امور: اولاً العيش المشترك، ثانياً الميثاق الوطني وهو ميثاق قائم على شعار لا شرق ولا غرب، كقاعدة لتأسيس دولة تحقق اماني اللبنانيين، وتبعدهم عن المحاور والصراعات كأساس لبناء العلاقات مع الخارج، وثالثاً الصيغة التي تطبّق عملياً هذا الميثاق بتنظيم المشاركة في النظام السياسي”.
وأملوا في أن تكون هذه الصرخة موحدة لوضع حدّ لعدم الوصول الى قعر الهاوية، لان الخطر من حدوث خضة امنية كبرى قائم بقوة، كاغتيال شخصية بارزة لفرض رئيس يكون على قياس البعض سياسياً، وهذا يعني التدهور السياسي والامني الكبيرين في توقيت حساس وصعب جدا، لان التاريخ علّمنا في لبنان أن كل شيء يُحّل بعد حدوث مصيبة كبرى، معتبرين أن البعض يتعامل مع الاستحقاق الرئاسي كأنه أمر عابر في الحياة السياسية، في حين هنالك رمزية خاصة لدور المسيحيين فيه، لكن للاسف لم يعرفوا إدارة هذا الدور، بسبب النزاعات والخلافات على الزعامة التي اوصلتهم الى هذا الوضع.
صونيا رزق- الديار