شكّل “كوع” الكحالة حالة سياسية غير مسبوقة، بحيث نقل البلد من مكان لآخر في السياسة والأمن والتحالفات، بحيث تتحدّث معلومات، بأن هذا الحادث خلط الأوراق الرئاسية من اليرزة إلى بنشعي، وباتت كل الإحتمالات واردة، إذ لوحظ بداية أن الحزب التقدمي الإشتراكي غاب عن مشهد الكحالة درزياً ومسيحياً، بمعنى أن النواب المسيحيين الحاليين والسابقين تجنّبوا زيارة هذه البلدة تهيّباً للموقف وحساسيته، وإن كانت العلاقة بين الطرفين الإشتراكي و”حزب الله” غير سوية، إذ لوحظ أن الحزب قد يكون الوحيد الذي لم يهنئ رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط عندما أصبح رئيساً للإشتراكي، إنما تنظيم الخلاف بين الطرفين مستمر ولم يتوقف، بمعزل عن الخلافات والتباينات السياسية بين كليمنصو وحارة حريك.
أما على صعيد الرئاسة، فإن هذه الحادثة، يضاف إليها ما جرى من معركة عين الحلوة إلى إشكالات أخرى، فذلك، قَلَبَ مسار الإستحقاق رأساً على عقب، فالبعض يقول إن قائد الجيش العماد جوزيف عون حظي دوره وموقفه من حادثة الكحالة بترحيب من “الثنائي الشيعي”، وفي المقابل لم يلقَ صدى إيجابياً عند الأطراف المسيحية، ولكن في موازاة هذه المسألة الأمر مناط باللقاء الخماسي، وموقف واشنطن تحديداً، إذ يعتقدون أن لبنان مقبل على تطوّرات كبيرة، ما يستدعي إستقراراً في الداخل، ولهذه الغاية فإن انتخاب العماد عون من الإحتمالات الأساسية، ولكن هذا الخيار غير محسوم بشكل نهائي، بانتظار عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، وانعقاد طاولة العمل وما ستفضي إليه، وكذلك، ما يمكن أن يحدث خلال الأسابيع المقبلة من تطورات أمنية بعدما بات الخيار الأمني متاحاً ومباحاً، وصولاً إلى التطورات في الإقليم وارتداداتها على الداخل اللبناني.
أما على صعيد الإصطفافات ربطاً بهذه التحوّلات التي حصلت، ولا سيما تداعيات حادثة الكحالة، فإن المعطيات التي كانت موجودة من خلال تقاطع المعارضة وتجميعها والإقتراع للوزير الأسبق جهاد أزعور، فهذا المعطى لم يعد موجوداً تماشياً مع الأحداث الأخيرة حيث العيون شاخصة باتجاه تكتل “لبنان القوي” و”اللقاء الديمقراطي”، وبعض النواب المستقلين أي هل باتوا خارج التقاطع أم ماذا؟
هنا ترد المصادر المواكبة، بأن الجميع يترقّب وينتظر عودة لودريان، وما يمكن أن يحصل في هذه المرحلة، على اعتبار أن كل السيناريوهات تبقى واردة، لكن المؤكد أن لا انتخاب رئيس في المدى المنظور لجملة اعتبارات وظروف داخلية وخارجية، إلا وفق أسئلة تكشف عنها الأكثرية الساحقة من القوى السياسية والحزبية والكتل النيابية، عما إذا كان سيُنتخب الرئيس تحت ضغط الوضع الأمني المتفجِّر؟ أم ثمة إسم أو إسمين على أجندة لودريان بالتناغم والتنسيق مع اللقاء الخماسي؟ ذلك يبقى مجرد فرضيات واحتمالات ممكنة في هذه الظروف، ولكن وفق المتابعين، ليس ثمة ما يُطبخ على نار حامية، وإنما ترقّب للمسارين الداخلي والخارجي، وحينها يبنى على الشيء مقتضاه.
المصدر: ليبانون ديبايت