هل نشهد ارتفاعاً دراماتيكياً لسعر الصرف مع انتهاء موسم الصيف
شهد سعر صرف الدولار في الفترة الأخيرة استقراراً لا بل انخفاضاً طفيفاً تزامن مع الموسم السياحي الصيفي. وتكرّر هذا “الاستقرار الصيفي” بسعر صرف الدولار للعام الثاني، إذ تلاه في العام الماضي ارتفاعٌ بسعر الصرف وصل حد الـ140 ألف ليرة في الشتاء. هل يعود سعر الصرف في السوق السوداء إلى تقلّباته الدراماتيكية مع انتهاء موسم الصيف؟
تبيّن في السنوات الماضية أنّ سعر الصرف بتقلّباته، لا يعود لأسباب تقنية أو نقدية، بل في معظم الأوقات تعود هذه التقلبات إلى ضغوط سياسية أو اتفاقات سياسية، هذا ما يشرحه عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف الدكتور فؤاد زمكحل في حديث لـ”النهار”.
ويعطي زمكحل دلائل على قوله بالتالي: منذ عامين، مع بدء منصّة “صيرفة” وبدء ضخ الدولارات، قفز سعر الدولار في السوق السوداء إلى ما فوق الـ10.000 ليرة. أيضاً، استقرّ سعر الدولار عندما تم الاتفاق السياسي لإجراء الانتخابات النيابية، رغم أنه كان خاضعاً أكثر للتقلبات. وما يثبت أيضاً وجهة النظر هذه، أنّه في موسم الصيف العام الماضي، ورغم ضخ حوالي 3 مليارات دولار من عائدات السياحة، ارتفع سعر الصرف في السوق السوداء حوالي 5000 ليرة.
“نعم، لا شك في أنّ وراء السوق السوداء أيادي خفية، لكنّه أيضاً مرتبط بأجندات سياسية، وبعض الاستقرار السياسي عند اللازم”، وفق زمكحل. ففي شهر رمضان المبارك مثلاً، جرى العمل من الأطراف السياسية على استقرار سعر الصرف، وصولاً إلى موسم الصيف الحالي الواعد الذي استقطب حوالي مليوني وافد، ومن المتوقَّع أن يُدخل ما يفوق 4 مليارات دولار.
وبرأي زمكحل أن “استقرار سعر الصرف الحالي مرتبط باتفاق سياسي حصراً لتمضية الوقت بعد رحيل الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة وطيّ صفحة ثلاثة عقود من ولايته، ومن جهة أخرى، التمهيد لنواب الحاكم ليتسلّموا مهام الحاكمية بالإنابة ويبدؤوا عهدهم ببعض الاستقرار”.
ويضيف أنّ الجانب التقني لتقلبات أسعار الصرف في الفترة الأخيرة، يعود إلى الطلب الرسمي من الحكومة للاستدانة من مصرف لبنان بما يفوق 600 مليون دولار لتسديد رواتب القطاع العام والفيول، لكن المجلس المركزي في مصرف لبنان رفض الطلب منعاً لاستنزاف المزيد من الاحتياطي إذ لا يمكن للمصرف المركزي إقراض الدولة إلّا بموجب قانون. وقد شهدنا في الجلسات التشريعية في اليومين الماضيين عدم إقرار أي قانون بهذا الاتجاه، “ما يعني أنّ الدولة ستضطر إلى ضخ سيولة بالليرة لتسديد رواتب القطاع العام، وقد ترفع هذه السيولة من سعر صرف الدولار في السوق السوداء”.
وآخر عوامل استقرار سعر الصرف في السوق السوداء، هو منصّة “صيرفة”، ونحن في اتجاه لوقفها نهائياً، ما قد يؤدي إلى ضغوط إضافية على سعر الصرف.
من جانبها، توضح الخبيرة الاقتصادية الدكتورة ليال منصور في حديث لـ”النهار”، أنّ “التقلبات في سعر الصرف تعود عادة إلى أسباب مفتعلة، لكن الدولار وإن كان مستقراً، فهو يضغط بالاتجاه الصعودي دائماً وهذا مساره الطبيعي ومساره ليس التقلبات، رغم أنّه قد يستقرّ أحياناً في مساره الصعودي هذا، لعوامل عديدة كتدخّل مصرف لبنان في الفترة الماضية مثلاً للجم سعر الصرف”.
لكن لا يمكن أن ننتظر التقلبات في بلد كلبنان وبسعر صرف لعملة كالليرة اللبنانية، بحسب منصور. وتضيف أنّه “عندما تخف أموال المغتربين الآنية في موسم الصيف، سيعاود الدولار مساره الطبيعي وهو الصعودي”.
فالاستقرار الذي نشهده منذ فترة في سعر صرف الدولار في السوق السوداء، هو نتيجة ثلاثة عوامل أولها الدولرة، بحيث أصبح الاقتصاد الموازي بـ90 في المئة منه بالدولار، وبالتالي نحن أمام شبه عدم حاجة لليرة بعد الآن.
أمّا العامل الثاني، فالحاجة التي لا تزال بالليرة اللبنانية وهي ضئيلة، تدعمها نوعاً ما منصّة “صيرفة” وكان المصرف المركزي يتكلف عليها شهرياً بين نصف مليار ومليار دولار، وهذا الأمر أدّى أيضاً إلى بعض الاستقرار في سعر الصرف.
والعامل الثالث هو أنّ لبنان لطالما كان بلداً موسمياً ودائماً ما تأتي تحويلات المغتربين صيفاً وليس على مدار العام، على الرغم من احتسابها سنوياً، وهذا عامل أساسي أيضاً أدّى إلى نوع من استقرار لسعر الصرف خلال موسم الصيف.
فرح نصّور – النهار