يوحي التضارب في المواقف بين كل المعنيين بملف الطاقة من مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة المال، كما مصرف لبنان المركزي، وصولاً إلى الشركات المشغلة لمعامل الكهرباء، بأن الهدف ليس تأمين التيار للمواطن، بل تأمين السيولة بالعملة الصعبة وتحويل مليارات كهرباء لبنان إلى الدولار، إنما وفق سعر للدولار يوازي 52 ألفاً، بينما تسعيرة الكهرباء الجديدة ما زالت تصدر بالليرة، ولو بأسعار مضاعفة عن السابق، حيث يحتسب الدولار فيها وفق “صيرفة” زائد عشرين بالمئة، وذلك، على الرغم من تراجع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، ما دفع بالعديد من النواب كما المواطنين للمطالبة بالتسعير بالدولار لينخفض السعر من 103 آلاف ليرة إلى 86 ألفاً. فهل يحقّ للمؤسسة التسعير بالدولار؟
وعن قانونية تقاضي بدل فاتورة الكهرباء بالدولار، يقول عميد كلية العلاقات الدولية في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ ورئيس “جوستيسيا” المحامي الدكتور بول مرقص، إن “قانون حماية المستهلك، الذي يطبق أيضاً على أشخاص القطاع العام، الذين يمارسون نشاطاً يتمثل بتوزيع أو بيع أو تأجير السلع أو تقديم الخدمات، يُلزم بالإعلان عن الثمن بالليرة اللبنانية بشكل ظاهر، من أجل تمكين المستهلك من معرفة ثمن السلعة أو الخدمة بالليرة اللبنانية”.
وبالنسبة لانعكاس التسعير بالدولار على المواطن، يوضح مرقص أن “التسعير بعملة مستقرة كالدولار الأميركي يُسهِّل على المواطن والدولة احتساب الفاتورة والمقارنة بين الأسعار المُعلنة كل شهر مثلاً، وعلى نحو مستمر وبعملة ثابتة حسب سعر الصرف المعتمد، الأمر الذي من المفترض أن يؤدّي إلى تخفيض الأسعار تلقائياً عند انخفاض سعر الصرف واستقرار الأسعار لهذه الجهة”.
وبالإستناد إلى ما تقدّم، لا يرى مرقص، ما يمنع التسعير بالدولار الأميركي، شرط أن يتمّ إظهار الثمن بالليرة اللبنانية بالمقابل، بحيث يتمكن المشترك من تحديد الثمن والدفع بالليرة اللبنانية، وإلاّ فتعتبر بمثابة إلزام للدفع بالدولار حصراً، وهو الأمر المخالف والمجرّم في القانون اللبناني، وقد أكّد على ذلك التعميم رقم 7/1/أ.ت الصادر بتاريخ 6/11/2019 عن وزير الإقتصاد والتجارة، والذي ينصّ في فقرته الأخيرة على ما يلي: “إن أي إشارة إلى عملة غير الليرة اللبنانية في الإعلان عن الأسعار تُعتبر من قبيل أخذ العلم فقط، ولا يُعتدّ بها على الإطلاق”.
لكن هذا الرأي، يقول مرقص، إنه “لا يمنع بروز إشكالية تتمثّل بتحديد سعر الصرف الذي سوف يُعتمد في الدفع، إذ أن أسعار الصرف المطروحة حالياً تبقى غير قانونية ما دامت لم تُقرّ بموجب قانون في مجلس النواب وفقاً لأحكام المادتين /2/ و/229/ من قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي، ومع مراعاة مبدأي العدالة والإنصاف، وبالتالي، يبدو من المؤكّد أن التسعير بعملةٍ كالدولار الأميركي في بلدٍ يفتقد له ولوسائل الإنتاج، ويعاني من شحّ بالعملة الأجنبية بشكل عام، ومن أزمة اقتصادية خانقة، ليس الحل القانوني ولا الاقتصادي الأنسب لحماية المستهلك ولازدهار الإقتصاد، إلاّ أنه أهوَن الشرّين للمساهمة في عملية استقرار الأسعار”.
المصدر: ليبانون ديبايت