هل تتجدّد الاشتباكات المسلحة التي وقعت نهاية الشهر الفائت داخل مخيم #عين الحلوة في صيدا، بين مسلحي حركة فتح ومسلحي الجماعات الإسلامية المتشدّدة، والتي أسفرت عن مقتل 14 شخصاً أبرزهم مسؤول قوات الأمن ال#فلسطيني القيادي الفتحاوي محمد العرموشي “أبو أشرف” ومرافقيه الأربعة وإصابة ما لا يقل عن 65 عنصراً ومدنياً، فضلاً عن الدمار والحرائق التي أصابت بيوت وممتلكات أهالي وسكان المخيم، أم يستمر قرار تثبيت وقف إطلاق النار؟
هذا السؤال لا يزال يشغل ويقضّ مضاجع الناس وجميع القوى والفصائل الفلسطينية واللبنانية المعنية بالوضع داخل المخيم وخارجه. وبرأي جميع القوى والفصائل أن انفجار الوضع من جديد مرهون أو يتوقف على تقرير لجنة التحقيق الذي يفترض تسليمه إلى #هيئة العمل الفلسطيني المشترك، والأهم من ذلك كله هو تسليم المتهمين بجريمة اغتيال العرموشي ورفاقه ومقتل عبد فرهود، لاستجوابهم وتسليم كل من تثبت إدانته إلى القضاء اللبناني لمحاكمتهم وفرض العقوبات اللازمة عليهم.
وفي هذا الإطار، تستبعد معظم القوى والفصائل أن يتجاوب أي متهم بتسليم نفسه لا إلى لجنة التحقيق ولا إلى أي جهة فلسطينية أو لبنانية، سيما وأن بعض المتهمين باغتيال العرموشي ومرافقيه، ما زالوا يتحصنون في مواقعهم داخل الأحياء التي يتواجدون فيها وهم في حالة تأهب واستنفار، تماماً كما هم مسلحو حركة فتح داخل مراكزهم وخارجها في الأحياء التي يتواجدون فيها، وخصوصاً في حي البركسات وبستان اليهودي والطيري وجبل الحليب وبعض أجزاء الشارعين الفوقاني والتحتاني.
دور القوى الإسلامية وخيارات “فتح” محدودة وصعبة
ورأت بعض المصادر في المخيم، أن الخيارات الموجودة لدى قيادة حركة فتح وفصائل منظمة التحرير بعد حادثة اغتيال العرموشي باتت صعبة ومحدودة جداً من أجل تهدئة الوضع الأمني والمساهمة بعودة الحياة الطبيعية في المخيم، وهي تتعلق أولاً وأخيراً بضرورة تسليم واستجواب المتهمين وتسليم من يثبت تورطه إلى الجيش اللبناني والقضاء المختص، وبإمكان القوى الإسلامية وخصوصاً عصبة الأنصار المساعدة في تسليم المتهمين وإلاّ فإنّ حركة فتح وبعد كشف اسماء المتهمين، ستلجأ إما إلى خوض معركة جديدة لجلبهم بالقوة أو العض على الجرح وانتظار الفرصة المؤاتية لاعتقالهم أو قتلهم، لأن دم الشهيد العرموشي ومرافقيه الأربعة لن يذهب هدراً ومن دون معاقبة القتلة، كما شدد أحد مسؤولي حركة فتح.
“النهار” داخل المخيم
يُعتبر المدخل الغربي للمخيم عبر حاجز الجيش والذي يعرف بحاجز الحسبة، لقربه من حسبة صيدا لبيع الخضر والفاكهة بالجملة، أحد الممرات السالكة للدخول إلى المخيم، إضافة إلى المدخل الجنوبي من جهة درب السيم، بعد الاشتباكات وإقفال المدخلين إلى الشارعين الفوقاني والتحتاني من الجهة الشمالية بسبب قربهما من منطقة الاشتباكات في البركسات والطوارئ.
وخلال جولة “النهار” داخل المخيم، لوحظ أن حركة خروج السيارات والناس من المخيم أكبر من حركة الدخول إليه، وسط إجراءات أمنية مشددة من قبل عناصر حاجز الجيش الذين يواصلون عملية تفتيش السيارات بالاتجاهين. وخلال الجولة الميدانية، سجلت “النهار” وجود حركة شبه طبيعية وخجولة في الشارع التحتاني والأحياء والأزقة الموجودة على طرفي الشارع بدءاً من المدخل الغربي وحي حطين وصولاً إلى مدخل ومنطقة بستان اليهودي، وبعض الأجزاء في الشارع الفوقاني والأحياء المجاورة، فيما بدت الحركة شبه معدومة للناس والسيارات باستثناء وجود المسلحين المتواجدين بشكل علني أو متخفٍّ وخصوصاً في أحياء البركسات والطوارئ والصفصاف وجبل الحليب، مع وجود بعض الدشم والستائر التي تحجب الرؤية والتي وضعت بين هذه الأحياء والشوارع والأزقة.
لقاء مع اللواء ماهر شبايطة
في أحد مكاتب حركة فتح داخل المخيم، التقت “النهار” أمين سرّ قيادة حركة “فتح” وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في منطقة صيدا اللواء ماهر شبايطة الذي واكب عن قرب الأحداث الأمنية واللقاءات والاتصالات السياسية، وأكد أن “حركة فتح التزمت بعد جريمة اغتيال اللواء العرموشي ومرافقيه والاشتباكات المسلحة التي حصلت داخل المخيم بتنفيذ قرار هيئة العمل الفلسطيني المشترك وبعض القوى والأحزاب اللبنانية، والتي تنص على وقف إطلاق النار وتثبيته، وتشكيل لجنة تحقيق خاصة لكشف منفذي جريمة اغتيال العرموشي ومرافقيه ومقتل عبد فرهود، ونحن بانتظار تنفيذ البند الثالث المتعلق باستجواب المتهمين بحادثة الاغتيال ومقتل فرهود، وتسليم من تثبت إدانته للقضاء اللبناني”.
وأشار إلى أن “لجنة التحقيق، شارفت على إنهاء عملها، ومن المقرر أن ترفع خلاصة تحقيقاتها اليوم أو بعده إلى القيادة السياسية للقوى والفصائل الفلسطينية ولجنة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، لاتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه المتهمين المجرمين، علماً أن الإسلاميين المتشددين في الطوارئ لم يسلموا لجنة التحقيق كل أشرطة كاميرات التصوير لديهم وإنما بعض المقاطع المجتزأة منها”.
وتوقع شبايطة عدم تجاوب أي من المتهمين وتسليم أنفسهم إلى لجنة التحقيق، وبعد ذلك على القيادة السياسية ولجنة العمل الفلسطيني اتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجة القضية.
وتحدث شبايطة مطولاً عن ملابسات وتفاصيل مقتل عبد فرهود، وقرار حركة فتح تسليم المتهم بقتله، وقال: “خلال تحرك العرموشي لتوقيفه، تعرّض لكمين مسلح نُصب له من مباني تجمّع مدارس الأونروا، حيث أُطلقت عليه وعلى مرافقيه النار بغزارة ولمدة 15 دقيقة من قبل نحو 8 مسلحين، ما أدى إلى استشهاده على الفور مع مرافقيه الأربعة. وبعد تنفيذهم جريمة الاغتيال فتحوا نيران أسلحتهم الرشاشة داخل أماكن تواجدهم في الطوارئ والصفصاف باتجاه مراكزنا في البركسات وبستان اليهودي وحطين ومحلة تعمير عين الحلوة. وكان من الطبيعي أن نرد على المهاجمين الإرهابيبن دفاعاً عن مراكزنا وعن أهلنا في المخيم”. واعتبر شبايطة أن الجهة والمجموعات التي دمرت مخيم اليرموك في سوريا ومخيم نهر البارد في شمال لبنان هي نفسها التي تحاول اليوم تدمير مخيم عين الحلوة.
مسؤول الجبهة الديمقراطية
واعتبر مسؤول الجبهة الديمقراطية في مخيم عين الحلوة فؤاد عثمان أن “الاشتباكات التي حصلت داخل المخيم كان لها نتائج كارثية على أهلنا داخل المخيم والجوار، وهي حصلت في ظروف سياسية وأمنية معقدة في لبنان والمنطقة”.
وأكد أن “الجبهة مع فصائل أخرى ركزت جهودها على كل الصعد والمستويات من أجل وقف إطلاق النار وتشكيل لجنة التحقيق وتسليم كل من تثبت إدانته في جريمة اغتيال العرموشي ومرافقيه وحادثة مقتل عبد فرهود”، موضحاً أن “الجبهة لم تشارك في الاشتباكات لأن قرارها المركزي ضد أي اقتتال داخلي، وأي خلاف أو حادثة تحصل يجب معالجتها بالحوار والأطر السياسية بين جميع القوى والفصائل في المخيم”.
ونبه من الانجرار وراء الشائعات المغرضة التي تسهم في تصعيد وتوتير الأجواء وتربك أهلنا داخل المخيم وخارجه، وتمنى على وكالة الأونروا التراجع عن قرار وقف خدماتها وعملها داخل المخيم، متمنياً على جميع المسلحين إخلاء مدارسها ومؤسساتها حتى لا تكون مبرراً للدول المانحة لوقف التزاماتها تجاه الوكالة واللاجئين.
ممثل القوى الإسلامية ومسؤول الحركة الإسلامية المجاهدة في المخيم الشيخ جمال خطاب، اعتذر عن عدم الإدلاء بأي تصريح لكل الوسائل الإعلامية في هذا الوقت كما قال لـ”النهار”.
المصدر: النهار