في مؤتمره الصحافي أمس، تقصّد حاكم مصرف لبنان بالإنابة، وسيم منصوري، أن يوجّه رسالة واضحة إلى القوى السياسية، مفادها أن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق السلطة، فهو أمّن رواتب العاملين في القطاع العام بالدولار للشهر المقبل، لكنه لا يضمن الاستقرار النقدي المحدود «بالزمان والظروف السياسية والاقتصادية والأمنية المتعلقة به»، وهو يدرك أن هناك حاجات للحكومة بالعملة الأجنبية، إلا أن الانتظام المالي للدولة لن يتحقق من دون إقرار القوانين الإصلاحية وتحديداً الـ Capital Control، وقانون إعادة التوازن المالي وقانون إعادة هيكلة المصارف.
هذه الرسالة ليست سوى تذكير من منصوري بأنه ماضٍ في قرار الامتناع عن استعمال سيولة مصرف لبنان بالعملة الأجنبية من أجل تمويل حاجات الدولة، طالما أن السلطة الحاكمة ما زالت متقاعسة عن تأدية واجباتها في إدارة الأزمة وتأمين الطريق نحو التعافي. لكنه في الوقت نفسه، يحاول إيجاد مبرّرات لما يقوم به على جبهة تسديد رواتب العاملين في القطاع العام بالدولار، إذ إن تكريس مسألة الدعم عبر السياسة النقدية، لا يختلف جوهرياً عما كان يحصل سابقاً، أي إن المصرف المركزي يقوم بعمل هو أصلاً من واجب الحكومة التي تتحكّم عبر وزارة المال بالسياسة المالية. وخطوة تكريس تسديد الرواتب بالدولار، قد تنسحب على سائر حاجات الخزينة بالعملة الأجنبية، وهو أمر يتطلب أن تكون هناك مداخيل بالدولار لدى الحكومة. هذا النفق ليس مبشّراً بالخير، وإن كان يقصد منه الخير. فالأجدى بالحكومة أن تزيد الرواتب، وأن تسدّدها بالليرة، بدلاً من الاستغناء عن عملة لبنان الرسمية، ثم تتفق مع مصرف لبنان على كيفية تكريس التوازن في الكتل النقدية بالليرة والدولار تأميناً للاستقرار النقدي.
المصدر: الاخبار