يدخل الحوار المستجد بين «حزب الله» ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في سباق مع الوقت في محاولة لإرساء تفاهم رئاسي يؤدي إلى إعادة خلط الأوراق بما يسمح للحزب إدراجه على جدول أعمال اللقاءات التي سيعقدها الموفد الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، في زيارته الثالثة لبيروت لإخراج انتخاب رئيس الجمهورية من المراوحة التي لا يزال يدور فيها انطلاقاً من رهان الحزب على تبدّل موقف باسيل باتجاه تأييد ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
ويبدو حتى الساعة أن الحوار بين «حزب الله» وباسيل يسير ببطء ويغلب عليه الروتين والمراوحة، بخلاف رهان الحزب على أن الظروف السياسية أصبحت مؤاتية بما يسمح لحليفه بالانخراط في المحور الداعم لترشيح فرنجية، وهذا ما خلصت إليه مصادر سياسية مواكبة للمراحل التي قطعها الحوار، التي ما زالت في مرحلة التأسيس ولم تبلغ الأهداف المرجوة منها، برغم أنهما اتفقا على تشكيل لجنة مشتركة يقف على رأسها النائب ألان عون عن «التيار الوطني»، وعبد الحليم فضل الله عن «حزب الله»، أوكل إليها وضع تصور أولي يتعلق بتطبيق اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة.
ولا يعود تباطؤ الحوار بين «حزب الله» وباسيل، كما تقول المصادر المواكبة لـ«الشرق الأوسط» إلى ارتفاع منسوب التوتر العلني بين «حركة أمل» و«التيار الوطني» من خلال رد المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل على الرئيس ميشال عون والوزير باسيل، وإنما إلى أن الأخير يشترط قوننة ما أورده في ورقته السياسية التي سلمها إلى مسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، في مقابل التزام الحزب بتأييد كل ما يُتفق عليه بين الطرفين، على أن يعود إقرارها من قبل البرلمان فور انتخاب رئيس للجمهورية.
وتلفت المصادر نفسها إلى أن حركة «أمل»، وإن كانت تواكب المسار العام للحوار بين الحزب وباسيل، فهي ليست طرفاً فيه، وأنها اضطرت للرد على الحملات التي استهدفتها من قبل الرئيس عون وباسيل. وتسأل: كيف أن الأخير يتطلع إلى تصويب علاقته بحليفه في ورقة التفاهم، ويبادر في نفس الوقت إلى فتح معارك جانبية؟
وتؤكد أن حركة «أمل» لا تعترض على إقرار اللامركزية الإدارية والمالية، لكنها تتعامل معها تحت سقف التقيُّد باتفاق الطائف وعدم الخروج عن نصوصه في هذا الشأن، لقطع الطريق على من يروّج لمشاريع يراد منها استخدام تطبيقها لأغراض سياسية تتعارض وروحية الطائف.
وترى أن «أمل» منفتحة على استكمال تطبيق الطائف، لكنها تتعاطى بحذر مع محاولات تفكيك المالية العامة للدولة بذريعة تحقيق الاستقلالية المالية المترتبة على تطبيق اللامركزية الإدارية، شرط تأمين التوزيع المالي المتوازن الذي يسمح بتوفير الخدمات من دون تفكيكها، ما يحول دون الحفاظ على مركزية الدولة في كل ما يتعلق بشؤون الأمن والدفاع والسياسة الخارجية والمشاريع المؤدية إلى تعزيز التواصل بين المناطق اللبنانية.
وتسأل كيف أن باسيل وفريقه السياسي يعترضان على تشريع الضرورة في ظل استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية، ويشترطان في نفس الوقت تشريع ما يُتفق عليه بين الحزب و«التيار الوطني»، وتقول بأن الحزب يتعهد الالتزام بالعمل لقوننة ما يتم الاتفاق عليه بين الطرفين، في مقابل مبادرة باسيل إلى حسم قراره بدعم ترشيح فرنجية.
وتؤكد المصادر نفسها أن الحوار بين الحزب وباسيل لن يرى النور في حال أصر الأخير أن ينتزع من الحزب دفعة على الحساب من دون أن يلتزم مسبقاً بتأييد فرنجية، لأن مجرد تأييده سيقود حتماً إلى تأمين الأكثرية النيابية داخل البرلمان بما يسمح بقوننة ما سيُتفق عليه بين الطرفين، كون أن للحزب اليد الطولى في تسويق الاتفاق لدى حلفائه.
وتضيف أن الحزب يلوذ بالصمت ويتقيّد بالطلب من مسؤوليه عدم الانجرار إلى ردود الفعل لأن هناك ضرورة لإعطاء فرصة لإنضاج الحوار الذي يُفترض أن يؤدي إلى طي صفحة الخلاف مع «التيار الوطني» على قاعدة تأييده لترشيح فرنجية، كما أن من غير الجائز الدخول في مقايضة مع باسيل تقضي بالتزام الحزب ما سيُتفق عليه في حواره المستجد مع حليفه اللدود، في مقابل موافقته على إدراج اسم فرنجية في عداد المرشحين لرئاسة الجمهورية بخلاف مناوأته في السابق لترشيحه.
وتؤكد المصادر نفسها أن العبور بالحوار إلى بر الأمان يقضي بالتلازم بين التزام الحزب بالسعي لتسويق ما يتفق عليه مع باسيل، في مقابل تعهد الأخير بتأييد فرنجية، وتقول بأن الحوار لن يستقيم من دون التقيُّد بهذه المعادلة، باعتبار أن الحلول الوسط لن تقدّم أو تؤخّر لجهة إعادة خلط الأوراق بما يسمح بتقدُّم فرنجية على مرشح المعارضة، في حال أصرت على ترشيح أزعور أو ارتأت أن هناك ضرورة للتوافق على مرشح بديل.
وتختتم المصادر بقولها إن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يواكب من كثب ما يدور في الحوار بين «حزب الله» وباسيل، من خلال التواصل المفتوح بين معاونه السياسي النائب خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل، لكنه يربط موقفه بما سيؤول إليه الحوار.
محمد شقير – الشرق الأوسط