خلال عام 2022، لجأت الحكومة إلى خطة الطوارئ الوطنية لقطاع الكهرباء التي اقترحها وزير الطاقة لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان، وهدفت إلى تأمين الكهرباء 8 الى 10 ساعات يومياً، بالتزامن مع رفع التعرفة، وتماشياً مع الخطة الوطنية للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء، التي كان قد وافق عليها مجلس الوزراء.
ولكن حتى اليوم لا يزال تحقيق التوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان وتأجيل رفع تعرفة مبيع الكهرباء يشكلان العقدة والسبب الرئيسي لتحميل مالية الدولة أعباء التعويض عن رفع التعرفة من خلال المساهمات والمساعدات وسلف الخزينة التي بلغ مجموعها التراكمي مبالغ قياسية ناهزت، مع فوائدها، أربعين مليار دولار. وحسب تقرير التدقيق الجنائي الصادر عن “ألفاريز أند مارسال”، فقد ارتبط نصفها تقريباً بفترة الإصلاح التي بدأت خلال عام 2010، عندما وافق مجلس الوزراء على ورقة سياسة قطاع الكهرباء التي وعدت بتغذية 24/24 ساعة بنهاية عام 2015، فيما ربطت رفع التعرفة بهذا الإنجاز الذي لم يتحقق. واستمرت كهرباء لبنان في طليعة مصادر نمو الدين العام طيلة هذه الفترة، دون معالجة أساس المشكلة. وقد توالت الخطط المتفرعة عن “خطة 2010” بتسميات مختلفة، خلال عهود وزراء الطاقة المتعاقبين، بالرغم من الاستعانة بالبواخر وبمقدمي الخدمات لخفض الهدر والتعليق على الشبكة، من خلال تركيب العدادات والشبكة الذكية. واستمر مع كل ذلك تفاقم العجز المالي للمؤسسة. في المقابل، استمر النزف المالي للخزينة دون تعديل التعرفة، بالرغم من اقتراح المؤسسة ذلك أقله بدءاً من العام 2014. وبالرغم من موافقة مجلس الوزراء، خلال عام 2017، على اقتراح وزير الطاقة رفع التعرفة تدريجاً للحد من العجز المالي للمؤسسة حتى تحقيق توازنها المالي، وإعفاء الخزينة من تغطية هذا العجز. وبقيت التعرفة على حالها حتى اندلاع الأزمة وحصول الانهيار، دون استغلال الظروف والإمكانيات المالية للدولة والاقتصاد والمواطن التي كانت أفضل من اليوم.
تضمّنت “خطة طوارئ الحكومة” رفع التعرفة، قرر مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان الموافقة عليها وربط موافقته بتحقيق أمور وشروط عدة لكي تكون المؤسسة مسؤولة في حال عدم تحقيق هذه الخطة وتبعاتها. وكان من تلك الشروط: ضرورة موافقة والتزام جهات خارجية كالوزارات المعنية والقوى الأمنية ومصرف لبنان، بغية تأمين الأموال اللازمة وتحديداً بالعملة الصعبة لتسديد التزامات مؤسسة كهرباء لبنان المالية، والتمكن من إعادة تفعيل عمليات نزع التعديات على الشبكة الكهربائية في مختلف المناطق اللبنانية وبالتالي خفض الهدر غير الفني على الشبكة، باعتبار أنه بدون تجاوب هذه الجهات المعنية، وبدون ورود أجوبة صريحة من جانب كل منها، لن تكون هذه الأهداف ممكنة التحقيق.
الطعون بقرار رفع التعرفة بدأت ترد من سياسيين ونواب يمثلون الشعب، ومنهم النائب السابق زياد أسود ونواب حاليون من بينهم النواب عبد الرحمن البزري، وإبراهيم #منيمنة الذي باشر مكتبه الحقوقي تعاوناً مع المدير العام للاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه، في هذا الإطار لتقديم مراجعة طعن. وقد تقدم هذا الأخير بصفته الشخصية كمشترك لدى المؤسسة ومتضرر، في الوقت عينه، بعريضة ربط نزاع أبلغها لمن يلزم في مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة والمياه، للتراجع عن تصديقها مختلف القرارات ذات العلاقة برفع التعرفة.
وأكد النائب منيمنة لـ”النهار” أن موضوع التعرفة ورسوم الكهرباء في حاجة الى معالجة جذرية وملحة نظراً الى الظلم الذي يطال الطبقة الفقيرة، خصوصاً أن ثمة رسوماً ثابتة بالدولار ولا قدرة لهم على دفعها عدا عن أن الرسوم مجحفة بالنسبة للمشتركين الذين يقتصدون بمصروفهم أو هم خارج البلاد، وتالياً لا يمكن مساواة الرسوم الثابتة بين مشترك مصروفه قليل ومشترك آخر مصروفه كبير، وتالياً على مؤسسة الكهرباء أن تعتمد تسعيرة منطقية تؤمن العدالة وتأخذ في الاعتبار المشتركين من ذوي الطبقة الفقيرة.
وكشف أن النواب سيضغطون قدر المستطاع من خلال لجنة الأشغال والطلب من المعنيين في مؤسسة الكهرباء حضور الاجتماعات لمعالجة هذه الثغرات، علماً بأنها ليست المرة الأولى التي نرفع فيها الصوت حيال الرسوم غير العادلة، وسنعيد طرح الموضوع حتى نصل الى نتيجة.
ربط النزاع الذي سيتابعه مكتب منيمنة أشار إلى مخالفات قانونية وتجاوزات جوهرية للأصول. منها:
– عدم استشارة مجلس شورى الدولة سنداً للمادة 57 من نظامه، الأمر الذي لم يحصل.
– وضع خطة طوارئ الكهرباء من وزارة الطاقة، فيما هي من صلاحيات مجلس إدارة المؤسسة الذي أبدى وجهة نظر مختلفة ووضع شروط تمويل ودعم عديدة ليكون مسؤولاً عن نتائج تنفيذها.
– تحديد التعرفة بصورة اعتباطية دون تبرير ودون التقيّد بالأصول:
– التسعير بالدولار، واحتسابه على سعر صرف غير السعر الرسمي المعتمد في معاملات الدولة ووزارة المال في احتساب الضرائب والرسوم، والمبنية عليه قوانين الموازنة العامة الأخيرة، لاحتساب إيراداتها من الضرائب والرسوم دون أن يتجاوز، في أي من الحالات والأحوال، سعر صرف منصة صيرفة، بحيث يؤدي تسعير سلعة الكهرباء بالدولار الأميركي على أساس سعر صرف غير الرسمي، ومتحرك يتجاوز سعر صرف السوق فيؤدي إلى تحميل المستهلك ما يتجاوز تكلفة المؤسسة الفعلية بالدولار، محتسبة على سعر صرف السوق، ويضع المستهلك أمام استحالة معرفة سعرها قبل الاستهلاك، ليقرر مستوى هذا الاستهلاك، وإبقاءه ضمن قدراته وإمكانياته المحتسبة على أساس القيمة المرتقب صدورها مقابل استهلاكه هذا.
رفع التعرفة دون تدرّج وقبل تحقيق شرط التغذية 8-10 ساعات يومياً، خلافاً لوجهة نظر المؤسسة التي رأت من ناحيتها أن من الأفضل رفع هذه التعرفة بطريقة تدريجية بالتزامن مع زيادة التغذية. وهذا واضح في القرار رقم 300–19/2022، المتعلق بالموافقة على خطة الطوارئ الوطنية لقطاع الكهرباء. هذا مع الإشارة إلى أن وزير الطاقة والمياه، في معرض موافقته على قرار رفع التعرفة رقم 300-19/2022، بموجب الكتاب رقم 5946/و تاريخ 22/8/2022، قد اشترط أن يصار إلى اعتماد التعرفة الجديدة عند تأمين الكهرباء 8-10 ساعات يومياً.
– استحداث بدل تأهيل غير مبرر ولغايات مخالفة لتسميته وللقانون ولأنظمة المؤسسة والنصوص الخاضعة لها.
– توجب رسوم بدل التأهيل والاشتراك بمعزل عن التغذية، وحتى دون أي استهلاك.
– تضمين الفاتورة TVA دون التزام المؤسسة بمقتضيات قانونها والتعليمات الصادرة بشأنها.
– اقتصار الشطر الأول بالتسعيرة المخفضة على 100 كيلوات، بما يخالف قاعدة مراعاة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
– عدم الالتزام بشرط إعادة النظر في التعرفة.
– إمكانية زيادة 10 سنت على تعرفة الشطر الذي يزيد عن 100 KW.
في حال عدم تسديد الدولة فواتير إداراتها والمؤسسات العامة، يتم التعويض من خلالها عن الهدر والتعليق على الشبكة والاستمداد غير الشرعي من النازحين واللاجئين وغيرهم من اللبنانيين المشتركين وغير المشتركين، وتالياً تحميل المشترك الملتزم، إضافة إلى بدل التأهيل غير القانوني، عبء فواتير الدولة واستهلاك إداراتها والهدر غير الفني، بما يخالف مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة ويشكل خطأ ويجعل القرار لهذه الناحية غير قانوني وغير دستوري؛ فضلاً عن مخالفته قانون الموجبات والعقود، ونظام الاستثمار وبوليصة الاشتراك وقواعد العدالة واختلاف الذمة المالية للمشترك عن الذمة المالية للدولة.
النهار