تنتظرُ الأطراف الفلسطينيّة الفاعلة في لبنان عودة المُشرف على السّاحة اللبنانية في حركة “فتح” عزّام الأحمد إلى بيروت بعدما غادرها إلى الأردن للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس. هُناك، من المفترض أن يبحث الأحمد الذي رافقه في رحلته السفير الفلسطيني أشرف دبور، كافة تفاصيل ملف التوتر في عين الحلوة والنتائج التي يمكن التوصّل إليها على صعيده.
تقولُ معلومات “لبنان24” إنَّه من المنتظر فور عودة الأحمد إلى لبنان، انعقاد إجتماع جديد لهيئة العمل الفلسطيني المُشترك وذلك لتقييم آخر التطورات المُرتبطة بملف إشتباكات مُخيم عين الحلوة، وأبرزها البند المتعلق بتسليم المطلوبين في جريمة إغتيال القيادي في “فتح” اللواء أبو أشرف العرموشي.
بحسب المصادر، فإنّه “لا تقدّم” حتى الآن على هذا الصعيد بينما تتكثف الإتصالات بين مُختلف القوى الفلسطينية لإبعاد عين الحلوة عن عملية عسكرية جديدة يُمكن أن تفرض نفسها مُجدداً في حال بقيَت الأمور عالقة ولم يجرِ تسليم أيّ مطلوب للدولة اللبنانية. في السياق، تكشف مصادر ميدانيّة في عين الحلوة لـ”لبنان24″ إنّ حركة “فتح” كثّفت خلال اليومين الماضيين عمليات “التدشيم” في مختلف المحاور القتالية، والأمرُ نفسه فعلته المجموعات المسلحة في أكثر من نقطة، ما يُنذر باحتمال حدوث خضة جديدة خلال وقتٍ قريب. وفي حال حصول “سيناريو المعركة” المتوقع، فإن “الحسم” سيكونُ وارداً وبشدّة بعكس الجولتين السابقتين، وتقول مصادر فلسطينية لـ”لبنان24″ إنّ “الجولة الثالثة يجبُ أن تكون ثابتة”.
وسط المشهديّة القائمة، كان لافتاً الإجتماعُ الذي عقدته “القوّة الأمنية الفلسطينية المُشتركة” في عين الحلوة، أمس السبت، والتي من المفترض أن تنشر عناصرها خلال الساعات المقبلة داخل المخيم في نقاطٍ جرى تحديدها مُسبقاً مثل الحي الفوقاني، مفرق بستان القدس وحي الطيري. عملياً، فإنَّ الأماكن التي ستتواجد بها عناصر “القوة الأمنيّة” لا تعتبرُ “حسّاسة” بما فيه الكفاية، وتقولُ مصادر فلسطينية متابعة للملف لـ”لبنان24″ إنَّ هذا الإنتشار لا يزيدُ بتاتاً الخناق على العناصر المسلحة المُتحصنة أصلاً في منطقتيْ الطوارئ والتعمير وداخل مدارس “الأونروا” في المُخيّم، وتضيف: “دور هذه القوة يجب أن يتمحورَ في الذهاب أكثر وأبعد نحو نقاطٍ حساسة وهذا الأمر سيحصلُ تباعاً وعملياً، وعندها سيكون الإختبار.. والسؤال: كيف سيتعامل المسلحون معها؟ هل سيُطلقون النار عليها؟ الخوف هو أن يبدأ الإشتباك مع تلك القوّة وعندها من سيضبطُ المُخيّم؟ بداية الحل تكون في تنفيذ عملية أمنية تطالُ معاقل المُسلحين من أجل جلب المطلوبين، وإن لم يحصل ذلك فعندها لكلّ حادث حديث”.
مُربّعات أمنيّة
الإشتباكات التي شهدها المُخيم خلال الشهرين الماضيين أفرزَت عن واقعٍ خطير جداً لا يُمكن تجاهله ويرتبطُ بـ”مربعات أمنية” عديدة باتت تفرضُ نفسها على أبناء عين الحلوة. فعلياً، يُمكن القول إنّ المُخيم خضع للتقسِيم، فلكلّ “مُربع” سُلطة تتحّكم به، فالطيري مُربع، والبركسات مُربع، الطوارئ والتعمير التحتاني مُربع، الرأس الأحمر مُربع، حطين أيضاً. أما المشكلة الأخطر والأكبر فتتصلُ بعدم وجود قدرة لأبناء المُخيم على الإنتقال من حي إلى آخر من داخله وذلك خوفاً من إستهدافهم. بكل بساطة، إذ كان المُنتمي إلى حركة “فتح” على سبيل المثال يريدُ الذهاب من البركسات إلى الرأس الأحمر، فهو بات غير قادر على سلوكِ طريقه من داخل المُخيم، بل أصبح مُضطراً للخروج إلى صيدا من مدخل المستشفى الحكومي للذهاب إلى حاجز الحسبة والإنتقال بعدها إلى وُجهته المذكورة.
حقاً، “الواقعُ الأمني” داخل المُخيم يعتبرُ خطيراً جداً بسبب “التقسيم” الذي حصل والذي يحتاجُ إلى حلّ كبير بمنأى عن مسألة ملف المطلوبين المتهمين باغتيال العرموشي.. والسؤال: من الذي يتحمل مسؤولية ما يشهدهُ المخيم من “تقسيماتٍ أمنية فاقعة”؟ أين هيئة العمل الفلسطيني المُشترك والفصائل كافّة من حلّ هذا الأمر؟
بالنسبة للمصادر الميدانيّة في عين الحلوة، فإنّ ملف “التقسيم” باتَ مُوازياً لملف المطلوبين، وتقولُ لـ “لبنان24”: “فلنفترض أن أمر جلب المتهمين باغتيال العرموشي قد خضع للتسوية، هل بإمكان أي أحدٍ حل مشكلة التقسيم بسهولة؟ بكل بساطة، بات عين الحلوة محكوماً بخطوط تماس والمشكلة أنه ما من طرفٍ سيتنازلُ بسهولة عن المنطقة التي يُسيطر عليها. لو تقرّر دمجُ المخيم مُجدداً، عندئذ يُمكن أن نشهد على معركة جديدة هدفها إنهاء ملف المربعات الأمنية الذي يُعتبر خطيراً جداً”!
المُشكلة الأكبر داخل مُخيم عين الحلوة لا ترتبطُ حصراً بالخسائر والماديات، بل تتصلُ أيضاً بحق أكثر من 27 قتيلاً خسروا حياتهم جرّاء الإشتباكات. بكل بساطة، فإنَّ عائلات هؤلاء “لن تسكت” أبداً عن المُماطلة لتحصيل أدنى حقوقها بالإقتصاص من المتورطين في الأحداث الأخيرة. كذلك، فإنَّ المشكلة الأكبر تتصلُ في التعويضات على هؤلاء، فلا شيء واضح حتى الآن كما أنّ إمكانية “التسوية” على حسابهم قد تؤجج النار أكثر داخل عين الحلوة.
أمام كل ذلك، يُمكن القول إنّ المُخيم مُقبلٌ على مرحلة صعبة جداً، ومن الممكن أن يفرضَ “الإقتتال الداخلي” نفسه مُجدداً ولكن بطريقةٍ غير مباشرة بسبب التقسيمات التي حصلت.. والسؤال: هل بدأت “الفدرلة” في لبنان إنطلاقاً من عين الحلوة؟
لبنان 24 _ محمد الجنون