تدور العجلة المالية داخل مصرف لبنان ببطء شديد، حيث يتبع الحاكم بالإنابة وسيم منصوري سياسة الاطلالات الاعلامية المباشرة عبر تلبية دعوات لندوات او من خلال تسريبات بقصد ايصال الرسائل الى القوى السياسية في الداخل ومحاكاة من في الخارج بقصد شرح الواقع المالي الذي تمر فيه البلاد مؤكداً على عزمه تطبيق القانون وعدم امداد السلطة بالمال الذي بقي من الودائع المصرفية.
منصوري الذي يستفيد من صيف المغتربين والتأثير المتبقي من صيرفة، يعمل جاهداً على الابقاء على تثبيت سعر الصرف في السوق، بدأ يردد في مجالسه أن الاستقرار النقدي لن يطول وسقفه رأس السنة، في حال لم تنطلق عجلة الدولة من جباية والتزامات داخلية ودولية تساعد على ضخ الدولار في السوق، وهذا الامر مرتبط حكما بالحل السياسي في البلاد ولا يزال بعيدا في ضوء الخلافات بين الاطراف.
يؤكد خبراء ماليون أن سعر صرف الدولار سيتدرج صعودا وبسرعة قياسية في حال استمر الوضع على ما هو عليه. ويستند هؤلاء الى عوامل عدة تساهم برفع سقف الدولار، ابرزها شح العملة الخضراء من السوق بعد انتهاء موسم الصيف وعودة المغتربين الى البلدان التي جاؤوا منها، اضافة الى طلب السوق للدولار ورفض مصرف لبنان كما قال حاكمه بالانابة إدانة الدولة به، ما يعني أن العرض سيكون أكبر من الطلب وهذا يؤدي حكما الى رفع سعر الصرف في السوق السوداء.
وبرأي الخبراء فإن منصوري لن يتجرأ على رفض طلب وزارة الطاقة تحويل الاموال المجباة بالليرة اللبنانية الى دولار اميركي كذلك لن يقف بوجه الضغوطات التي ستمارس عليه من قبل القوى السياسية لتأمين الدولار في السوق حفاظا على توزان سعر الصرف لاسيما وأن الطلب سيرتفع من قبل المستوردين من قطاع النفط الى نقابة مستوردي المواد الغذائية وغيرها من القطاعات التي تحتاج الى الدولار الاميركي وبكميات كبيرة. وبغياب الحل السياسي والتواصل مع الدول المانحة وانهيار ادارات الدولة سيكون من الصعب على المركزي تأمين الاستقرار النقدي على المدى المتوسط وهذا يعني ان السوق مقبل على ارتفاع كبير في سعر الصرف.
وما يزيد الطين بلة، تعليب موازنة الـ 2023 وفق سياسات الحكومة والتي لا تتماشى بحسب المعنيين مع الوضع الداخلي في البلاد، كما أنها لا تتضمن الاصلاحات المطلوبة التي تحد من نسبة التضخم، فيما المطلوب بحسب الخبراء الاقتصاديين اتخاذ الإجراءات اللازمة منها على سبيل المثال زيادة النمو الاقتصادي واجراء مسح ميداني شامل للقطاع العام بما يوفر الانتاجية ويقلص المحسوبية والاستنزاف الاداري.
وبعيدا عن كلام منصوري الذي يمكن تفسيره في اكثر من اتجاه، يكفي العودة الى ما أدلى به رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان في معرض رد اللجنة لموازنة الـ 2023 وما تضمنه هذا الرد من تفسيرات منطقية تعكس التخبط الميقاتي في مقاربة الملفات المالية، فإن انعدام الثقة بين السلطات التشريعية والتنفيذية والنقدية، يلعب دورا سلبيا ويؤدي الى مزيد من التأزم المالي واللاستقرار الاقتصادي والنقدي في البلاد.
ليبانون فايلز