خارجيا «حبس أنفاس» لدى الدول المعنية تحديدا، في انتظار معرفة المدى الذي سيبلغه الرد «الاسرائيلي» على حماس، اما داخليا فالعنوان القلق من فتح جبهة الجنوب، في وقت وضع فيه ملف الشغور الرئاسي «عا الرف» الى حين وضوح مشهد ما بعد الحرب، فيما تتوالى المواقف الدولية والمحلية الداعية الى ابعاد لبنان عن المواجهة في الاراضي المحتلة.
وفيما عيون العالم شاخصة الى الساحة الفلسطينية في اليوم الخامس على عملية طوفان الاقصى، و»الحبل عالجرار» ترقبا لما سيؤول اليه الوضع الميداني، وقد تكثفت الى الحد الاقصى الغارات «الاسرائيلية» على غزة، تسمرت عيون اللبنانيين امام الشاشات مترقبة الاخبار الواردة من الحدود الجنوبية وتطوراتها الميدانية، خشية انزلاق البلاد وجرفها مع «طوفان الاقصى»، هي «المش ناقصها مصيبة فوق مصايبها» الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والامنية.
فطمأنة رئيس حكومة تصريف الاعمال الرسمية، الى اتمامه الاتصالات اللازمة لابقاء لبنان في منأى عن المعارك القائمة في الداخل الفلسطيني، وبالمعيار نفسه تريث حزب الله حتى الساعة ، لم يرح الوضع الداخلي في ظل موجات التوتير الحدودي، التي لا تبعث على الاطمئنان والارتياح.
اوساط في الثامن من آذار رأت أن توسّع ساحات المواجهة مرتبط بالوضع الداخلي، فالتصعيد «الاسرائيلي» على الحدود الجنوبية، ما هو الا محاولة لاستدراج الغرب نحو مزيد من تقديم الدعم الأميركي تحديدا، خصوصا مع وصول المجموعة البحرية التي تضم اضخم حاملة طائرات الى مقابل المياه الاقليمية «الاسرائيلية»، ملمحة الى ان حارة حريك المدركة لهذه الاهداف، لن تسمح للعدو بتحقيق اهدافه، وهي حتى الساعة مصرة على ابقاء لبنان خارج المواجهة المباشرة، آخذة بعين الاعتبار الوضع الداخلي ومقومات الصمود في ظل الانهيار والتحلل، فظروف المعركة وتوازناتها مختلفة كليا عن عام 2006.
ورأت الاوساط انه عندما يتجاوز العدو حدوده والخطوط الحمر، سوف يرى ما لم يتوقع من المقاومة الإسلامية في لبنان ومن محور الممانعة، مشيرة الى أن الضربة الكبرى للجيش «الإسرائيلي» لم تكن فقط بالعملية العسكرية النوعية، بل بالفشل الاستخباراتي «الإسرائيلي»- الأميركي على المستويات كافة، فعملية بهذا الحجم لا بد من التخطيط لها قبل وقت لا يقل عن ستة إلى ثمانية أشهر، وهذا دليل على قوة المقاومة من الناحية الأمنية وهشاشة العدو، المعركة كانت من الحروب المركبة التي استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة الأمنية والسيبرانية كانت حرباً متكاملة على كل المستويات، فهدف العملية كان أسر وقتل اكبر عدد من الجنود والضباط «الإسرائيليين» لأجل مبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين في السجون «الإسرائيلية»، وبالتالي تبييض السجون من الأسرى وما دام الهدف تحقق لم يكن من داعٍ لتوريط المحور.
مصادر ديبلوماسية غربية اشارت الى ان ما يحضر كبير جدا، ففي ظل اخفاق الجيش «الاسرائيلي»، يبدو ان مجموعة من الخبراء العسكريين الاميركيين التابعين للقيادة يتولون قيادة العمليات العسكرية وتنسيق التحركات الميدانية، وتأمين الدعم اللوجستي، وتنسيق التدخل «العسكري» الخارجي.
واشارت المصادر الى ان المرحلة الاساسية من العملية العسكرية ستبدأ في غضون 60 ساعة، بعد اكتمال المراحل المطلوبة والتي باتت في مراحلها الاخيرة، مع احتواء الجيش «الاسرائيلي» للضربة، وقرب انتهاء عمليات التمهيد المدفعي، فضلا عن تمرير صلاة يوم الجمعة في قطاع غزة، وتابعت المصادر بانه حتى الساعة ثمة تأكيدات وضمانات بعدم فتح اي جبهات اخرى، خصوصا مع لبنان، في ظل اقرار «اسرائيل» بقبول العمليات ضمن حدود قواعد الاشتباك المعمول بها، عملا بتوازنات المعركة، معتبرة ان الحشود الاميركية هي ردعية وان امر «عملياتها» محدد حتى الساعة، مستدركة انه قابل للتعديل وفقا لتطورات الاحداث.
عليه ماذا يقصد طرفا الصراع من هذه «الدوزنة» المدروسة لجولات المواجهة، من حيث العدد ومصدر النيران؟ وهل ما يحصل هو لتنفيس الشارع في لبنان، ولابراز نوع من انواع التضامن مع الفلسطينيين وحماس؟ ام ان الامر ابعد من ذلك وقد يصل الى حد اشعال الحدود الجنوبية؟ فهل انتهت المعادلة هنا أم أننا في جبهة مفتوحة؟ كل الاتصالات التي تولتها دول غربية وسفراء أشارت الى محدودية جبهة الجنوب اللبناني إلا اذا…
في الحالتين الوضع خطر، فالمناوشات قد لا تبقى مناوشات في ظل الاوضاع المتفجرة، وقد تصل الى حد المواجهة الشاملة.
ميشال نصر -الديار