كما كَشَف موقع “أساس” نقلاً عن مصادر وزير الخارجية يزور عبدالله بو حبيب سوريا في 23 الجاري على رأس وفد وزاريّ موسّع كان شُكِّل سابقاً بتكليف من مجلس الوزراء وسبق لوزير الخارجية منتصف تموز الفائت أن اعتذر عن رئاسته “بسبب جدول أعماله المزدحم”، معتبراً أن “لا مشكلة في الاعتذار ما دام لبنان عضواً في اللجنة العربية للحوار مع سوريا”.
تهرّب بو حبيب مراراً أيضاً من أن يكون في عداد وفد يُجري لقاءات رسمية مع الجانب السوري في ملفّ النازحين، ويكون، تحديداً إلى يمينه في الوفد، وزير المهجّرين عصام شرف الدين الذي خاض أخيراً مع “زميله” مواجهة liveعلى الشاشات بين بيروت وواشنطن انتهت باتّهام وزير المهجّرين لبو حبيب بالتواطؤ والخيانة، ونصيحة من الأخير لزميله بأن “يخفّف حكيه”. عملياً، ثمّة مخاوف حكومية جدّية من أن ينقل الرجلان اشتباكهما المستمرّ إلى دمشق فيضطرّ الجانب السوري إلى التوسّط بينهما.
تفيد معطيات “أساس” أنّ الوفد سيضمّ للمرّة الأولى قاضياً من وزارة العدل تنحصر مهمّته ببحث الشقّ القانوني المرتبط بمبادلة الموقوفين والمحكومين، فيما ثُبّت موعد الزيارة المؤجّل منذ سنوات خلال لقاء بو حبيب مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد على هامش مشاركتهما في الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة. وهي الزيارة التي حَكَم عليها بو حبيب سلفاً وعلناً بأنّها “لن تشيل الزير من البير”.
لكنّ تحديد موعد الزيارة تزامن مع أمرين:
– الأوّل تأجيل النائب جبران باسيل زيارته الأوروبية، غير المنسّقة مع وزير الخارجية، لاستراسبورغ وبلجيكا وفرنسا حيث كان يزمع المشاركة في اجتماعات تتناول موضوع النازحين في البرلمان الأوروبي، وذلك “نظراً للحرب الدائرة في غزّة وتردّداتها الخطيرة على لبنان”، كما جاء في بيان التيار الوطني الحرّ، لكنّ مصادر معنيّة أكّدت لـ “أساس” أنّ “الاعتذار” أتى أساساً من الجانب الأوروبي ربطاً أيضاً بإعصار غزّة وتعديل جدول أولويّات الأوروبيين.
– حصول تسريبات لها دلالاتها عن توجّه إلى اتّخاذ قرار سياسي-أمني بغطاء من الحكومة ببدء تفكيك بعض مخيّمات النازحين بناء على تقارير معدّة لبنانياً عن توزّع المناطق الآمنة في سوريا التي يمكن ترحيل السوريين إليها، في ظلّ تسليم مرجع كبير بأنّ “مفوضية اللاجئين تتلاعب بنا وتنتهك قرارنا السياديّ ولن تسلّمنا داتا النازحين ولو أرادت ذلك لأفرجت عنها خلال مدّة الثلاثة أشهر الممنوحة لها والتي تنتهي نهاية تشرين الأول الجاري”.
فعلياً، أخذ ملفّ النازحين، تماماً كما “حرب غزّة”، حيّزاً كبيراً من مداولات جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس.
مع ذلك، يعترف مرجع وزاري لـ “أساس” بأنّ الجلسة “كانت أقرب إلى الشكليّات ورفع العتب”، والدليل أنّها تأخرت ستّة أيام ولم تخرج بأيّ إجراءات استثنائية ولا بمقرّرات وزارية فوق العادة أو خطة طوارئ تحاكي احتمال تفجّر الجبهة الجنوبية مع إسرائيل، بل خرجت بخطاب “توصيفي” لرئيس الحكومة يُخبِرنا بأنّ “لبنان بعين العاصفة” ويبشّرنا بـ “تواصله مع الخارج ومع كلّ القوى السياسية الفاعلة في لبنان، للطلب إليهم ضبط النفس وعدم الانجرار إلى المخطّطات الإسرائيلية، والطلب من الأمنيّين الاستعداد لمواجهة أيّ طارئ”، هذا ولم يشِر ميقاتي بكلمة واحدة إلى حالة النفير العامّ أمس التي أعلنتها الفصائل الفلسطينية على كلّ الحدود مع إسرائيل، ومن ضمنها حدود لبنان، وموقف الحكومة الرسمي منها.
غطاء سياسيّ للتعيينات!
لكنّ الجلسة التي قوبلت بمقاطعة مستمرّة من الفريق العوني المُعارِض تضمّنت “رسالة” أساسية تُعتبر الأهمّ في سياق كلمة ميقاتي وستفتح الأبواب حتماً باتّجاه كسر حلقة التساؤلات في شأن مصير قيادة الجيش والتعيينات العسكرية المحتملة، وذلك بعدما وُضِع ملفّ الجيش أكثر من أيّ وقت ربطاً بـ “زلزال” غزّة في مقدّمة البنود الملحّة المرتبطة بمصير قيادته مع بدء العدّ العكسي للعاشر من كانون الثاني موعد إحالة قائد الجيش إلى التقاعد وسط جمود كامل للملفّ الرئاسي.
كرّر ميقاتي موقفه الذي يعتبر أنّ “مقاطعة مجلس الوزراء لم تعُد مجدية بدليل أنّ الأحداث تجاوزتها وباتت تفرض رصّ الصفوف والتعاون لمواجهة التحدّيات الراهنة”، وكشف أنّ “مجلس القضايا في مجلس شورى الدولة قرّر (يوم الأربعاء) ردّ الطعون المُقدّمة من بعض الوزراء المقاطعين، وهو ما من شأنه أن يُحصّن دستورياً وقانونياً، كما قال، كلّ مقرّرات حكومة تصريف الأعمال”، مذكّراً أيضاً بـ “تكريس المجلس الدستوري بموجب قراره في 30 أيار الماضي دستورية جلسات مجلس الوزراء وقانونية الآلية المعتمدة لاتّخاذ المقرّرات وإصدار المراسيم”.
عليه، يقول مصدر مطّلع لـ “أساس” إنّ “هذه المعطيات تشكّل قاعدة قانونية-دستورية لقرارات قريبة لمجلس الوزراء سيكون من ضمنها حلّ إشكالية التعيينات العسكرية في ظلّ الشلل الرئاسي والسياسي التامّ الذي لا ينبئ بأيّ حلحلة في المدى القريب”.
تفيد معلومات “أساس” أنّه يُعمل “تحت غطاء قانوني-سياسي على إجراء تعيينات قد تتجاوز مسألة رئاسة الأركان الشاغرة منذ كانون الأول 2022 إلى أعضاء المجلس العسكري في قيادة الجيش ومجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي، خصوصاً أنّ العديد من أسماء الضبّاط المَعنيّين شبه محسوم”.
بين رئيس الأركان وقائد الجيش
لكنّ تعيين رئيس أركان (وهو موقع درزيّ) لن يعني بالضرورة أنّه سيقود إلى تولّي الضابط المعيّن، وهو العميد حسّان عودة، مهامّ قائد الجيش بعد العاشر من كانون الثاني، بل قد يكون المدخل هو تخريجة قانونية أخرى تُبقي قائد الجيش في موقعه، أي التمديد له، في ظلّ وجود رئيس أركان معيّن بالأصالة، بعدما حُرِم قائد الجيش لأشهر من مغادرة الأراضي اللبنانية بسبب عدم وجود ضابط ينوب عنه بحكم قانون الدفاع.
أمّا في حال سقوط تخريجة التمديد فيكون هناك على الأقلّ رئيس أركان ينوب عن القائد بعد إحالته إلى التقاعد. مع العلم أنّ معطيات “أساس” تشير إلى قرار أميركي ببقاء جوزف عون في اليرزة حتى حلول أوان التسوية التي قد تؤدّي إلى مغادرته إلى منزله أو انتخابه رئيساً للجمهورية.
يدعم هذا التوجّه مشروع القانون الذي تقدّم به النائب بلال عبدالله برفع سنّ التقاعد سنتين للضباط في كل الأسلاك العسكرية.
اقتراح من “المجلس الأعلى للدفاع”؟
في السياق نفسه، أثّرت بعض التسريبات في شأن الاقتراحات المحتملة للتعيينات العسكرية على المشاورات القائمة، لكنّها لم تعطّلها، وآخرها اقتراح انعقاد المجلس الأعلى للدفاع وإصداره توصية إلى مجلس الوزراء “بتعيين رئيس الأركان وفقاً للأصول” بالنظر إلى خطورة الأوضاع الأمنيّة، بيد أنه حتى الساعة يبقى توقيع وزير الدفاع عائقاً أمام اعتماد هذا الاقتراح إلا إذا صدر التعيين بقرار من مجلس الوزراء من دون صدور مرسومه، وهو ما قد يعرّضه للطعن.
ملاك عقيل – اساس ميديا