مع جنون وحقد إسرائيل والهمجية التي تطبع حربها على الشعب الفلسطيني، ومع استمرار التغطية الدولية الوقحة لهذه الوحشية، وفي ظل العجز العربي، تبدو الأمور ذاهبة إلى الأسوأ. فحرب الإبادة التي بدأتها قوات الإحتلال بغارات طيرانها طوال 8 أيام ستستكملها بعملية برية على غزة، مهدت لها بالأكاذيب والأضاليل وبحشد تأييد دولي لإجرامها الذي فاق كل تصور.
وفيما آلة الحرب الإسرائيلية تُمعن بقتل أهل قطاع غزة حيث بلغت حصيلة الشهداء يوم أمس فقط أكثر من أربعمئة والجرحى أكثر من ألف وخمسمئة، واصلت قوات الإحتلال قصف المناطق الحدودية في جنوب لبنان، وطالت بقصفها قرى العرقوب حيث استشهد مواطنان بقذيفة أصابت منزلهما في بلدة شبعا، وقد قصفت المقاومة مواقع العدو في مزارع شبعا محققة اصابات مباشرة بحسب بيان لحزب الله.
في هذا الوقت، واصل وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان جولته في عواصم بعض دول المنطقة، فحط في الدوحة حيث التقى رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، كما سُجِّل تحرك تركي – مصري في مسعى للضغط على تل أبيب لوقف عدوانها، وقد بقيت مل المساعي الرامية لوقف إطلاق النار خجولة إلى حد بعيد.
مصادر مواكبة لفتت في حديث مع “الأنباء” إلى أن جولة عبد اللهيان تندرج في سياق العمل على “تجسيد وحدة الساحات”، و”التأكيد للولايات المتحدة التي دفعت ببوارجها إلى شرق المتوسط للدفاع عن اسرائيل، بأن غزة غير متروكة، وأنه في حال نفّذت إسرائيل تهديداتها بالهجوم البري على غزة فإنّها لن تقف مكتوفة الأيدي، بل ستدخل الحرب أيا تكن نتائجها”.
ورأت المصادر أن الوزير الإيراني يسعى من خلال علاقة بلاده بدولة قطر لأن تقوم الأخيرة بمبادرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل “تحت عنوان رفع الحصار عن غزة مقابل الإفراج عن الرهائن لدى حماس، وبعد ذلك يجري الحديث عن الممرات الآمنة”.
وفي المواقف، وصف عضو كتلة التنمية والتحرير النائب فادي علامة ما يجري في غزة بأنه “إجرام غير طبيعي”، ولفت إلى أن “أطماع العدو معروفة، فهو يريد أن يفتح أكثر من جبهة، لكن الأمور ما زالت حتى الآن ضمن الضوابط والالتزام بالقرار الدولي ١٧٠١، لكنّ أحداً لا يعرف كيف ستتطور الأمور مستقبلاً وماذا يخطط هذا العدو، فهو لم يستفق من الصدمة بعد ويريد أن “يفش خلقه” بأي ثمن”.
وإذ أشار إلى أن التركيز يجري الآن على إيجاد حل للناس المحاصرين في غزة، سأل علامة: “كيف يقبل العالم مطالبة اسرائيل بنقل مليون ومئتي ألف مواطن فلسطيني من غزة وهم من سكان فلسطين الأصليين؟”، وتحدث في الوقت نفسه عن “تحرك أكثر من فريق من أجل التوصل لوقف اطلاق النار”، معتبراً أن “المساعي الإيرانية والقطرية تصب في هذا الاتجاه”.
وبشأن الساحة الداخلية اللبنانية، استغرب علامة “ما يصدر من مواقف وآراء لبعض القوى الذين لم يغيروا اتجاه بوصلتهم بعد”، داعيًا إلى “الوحدة والتكاتف لمواجهة ما يتهددنا من أخطار”، مؤيداً طرح تفعيل حكومة تصريف الأعمال وتعزيز دور السلطة التنفيذية لتسيير شؤون الناس في هذه الظروف الدقيقة والمصيرية التي يمر بها لبنان والمنطقة.
وفيما الحكومة اللبنانية لا تزال تتلمس طريقها لتفعيل أمورها، والعمل على وضع الخطط الضرورية تحسباً لوقوع عدوان إسرائيلي، فإن القلق يبقى مما قد تبلغه حدة هكذا عدوان بحال حصوله، وضرورة أن تضع كل القوى السياسية جانباً التباينات -على أهميتها- وأن تنصرف لمواجهة وطنية لما يمكن أن ينتج من تداعيات.
الانباء الالكترونية