في يوم واحد سارعت ثلاث فعاليات اقتصادية مؤثرة الى المطالبة بتحييد لبنان عن الصراعات الدائرة وعدم تورطه في اي حرب هي الهيئات الاقتصادية وتجمع رجال الاعمال اللبنانيين ونقابة اصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي وكلها اجمعت على عدم قدرة لبنان على تحمل المزيد من الخسائر الاقتصادية لان اقتصاد لبنان هشّ ويتأرجح على حافة الهاوية، بفعل تراكم الأزمات التي يواجهها حاليًا. وبالتالي، فإنّ اندلاع حرب سيؤدي إلى تأجيج التحديات الكارثية الحالية. في هذا الإطار، إنّ امتداد النّزاع الى لبنان سيحمل معه تداعيات كارثيّة، بما في ذلك: الخسائر البشرية وتهجير العدد الكبير من المواطنين والنازحين واللاجئين وسيدمر الاقتصاد المنهك اصلا وستتراجع ايرادات الدولة وتتعرض البنية التحتية للضرب اكثر مما هي معرضة للخراب وستتجمد فرص العمل او تتعرض مؤسسات وشركات للاقفال في ضوء تراجع الصادرات اللبنانية وتوقف الانتاج .
وقد اعتبر تجمع رجال الاعمال اللبنانيين أنّ هذه الأمور مجتمعة ستؤدي إلى تدمير القليل المتبقّي من لبنان والقطاع الخاص الشرعي، والقضاء على آلاف فرص العمل، وإرجاع لبنان إلى العصر الحجري، بموارد غير كافية للنّهوض، مما سيؤدي إلى خسائر كارثية ولا يمكن عكسها للأجيال القادمة.
لكن مصادر اقتصادية اخرى تقلل من هذه الخسائر لان لبنان بدون الحرب يعيشها من خلال ما يتعرض له المواطن في لبنان لا سيما ان اقتصاده في ادنى درجات التطور وما يقوم به ينهش الاقتصاد غير الشرعي اضافة الى تاكل بنيته التحتية وهو يشير على عكازتين بانتظار شفائه مما يعانيه بفضل سياسييه الذين امعنوا فيه فسادا وانفاقا ونهبا لاموال المودعين، وخسر موارده البشرية التي هي رأسماله الحقيقي من جراء الهجرة الجماعية لشبابه وفنييه وكوادره الماهرة بدليل ان اغلبية القطاعات الاقتصادية تعاني من قله عدد هؤلاء للتطور والتقدم .
الا ان بعض المتشائمين يذكر بمواقف بعض التجمعات والجمعيات الاقتصادية التي كانت تعاني من الركود وعدم الانتظام من جراء الانهيار المالي وما يعانيه الاقتصاد الوطني في ظل الضرائب الذي تأتي على قطاعاته من كل جهة وصوب وفي ظل الاقتصاد غير الشرعي الذي بات يشكل اكثر من ٧٠ في المئة من حجم الاقتصاد العام مما يطرح السؤال حول دوره الاقليمي والدولي مع اعتماده على الكاش النقدي المحفوف بالمخاطر وامكان انتقاله الى المنطقة الرماية التي تعني المزيد من العزلة الاقتصادية .
وتقول مصادر صناعية ان ازدياد حجم الاقتصاد غير الشرعي الذي سيزيد ايضا مع دخول لبنان في الحرب سيؤدي الى ضرب الصناعة الوطنية التي ستشهد تراجعا في صادراتها المقدرة ب ٣ مليارات دولار لبنان بأمس الحاجة اليها بسبب الشح في هذه المادة الاساسية لاستقدام المواد الاولية للصناعة لكن في الوقت نفسه فإن حجم الاستهلاك المحلي الصناعي سيزيد وقد تم اختبار ذلك عندما تراجعت صادراته لكن حجم الاستهلاك الصناعي تضاعف في الاسواق المحلية وهذا ما سيتم فعله في حال نشوب الحرب في لبنان رغم ان اسرائيل تعي المخاطر التي ستعانيها في حال قررت ادخال لبنان في الحرب الاقليمية ضد الشعب الفلسطيني .
وتؤكد هذه المصادر ان المعاناة التي يعانيها الاقتصاد اللبناني منذ اربع سنوات وربما اكثر لا تبشر بامكان النهوض الاقتصادي خصوصا، ان هناك من الخبراء من يعطي سنوات طويلة لاسترجاع والتقاط انفاسه في حال وضع لبنان على السكة الصحيحة وبدأ عملية النهوض الاقتصادي لكن لبنان مستمر وجوده في جهنم وما زال يفتش عن عملية الانقاذ التي لم تتظهر حتى الان .
ورغم كل المصاعب التي يعانيها الاقتصاد فانه تأقلم مع الاوضاع المتدهورة وتمكن من لملمة جراحه متكلا على نفسه وعلى ارادته في الصمود والاستمرارية ،وقد تجلى ذلك في عدد كبير من المؤسسات التي فضلت الاستمرارية عوض الاقفال والخروج من السوق اللبنانية فعمل واستنبط وطور ونجح مجددا في عمله الداخلي وحتى التصديري وان مبيعات بعض القطاعات كالسوبرماركت والمحروقات والأدوية شهدت ارتفاعاً حيث عمد المواطنون الى تخزين هذه السلع والمنتجات رغم عدم وجود معدلات استهلاك كبيرة، كما ان “هناك قطاعات كمالية واخرى تتعاطى بالمنتجات غير الأساسية شهدت تراجعاً اذ ان المواطنين بطبيعة الحال يؤجلون شراءها الى حين اتضاح مسار الأمور، وبالتالي هذا القلق خلق تراجعا بحدود 25% في كل القطاعات التي تتعاطى السلع غير الأساسية”. اذا تطورت الأمور بشكل دراماتيكي ستحمل تأثيرا كبيرا جداً بالأسواق في وقت لا يحتمل الاقتصاد اللبناني أي خضة، بمعنى ان تداعيات اي تطور سلبي ستكون كارثية على كل القطاعات في الاقتصاد اللبناني.
على اية حال يبقى لبنان ينتظر ما ستؤول اليه الاوضاع السياسية والامنية اكي يبنى على الشيء مقتضاه .
الديار