بين خطَي استنفار الهجوم البري على غزة واحتمالية فتح الحرب الشاملة على الجبهة الشمالية اللبنانية والسورية وحتى الضفة، يواصل الجيش الاسرائيلي حشد قواته للردّ، واذا كانت “الظروف الجوية” فرملت خطة الاجتياح البري حسبما تزعم اسرائيل، يبدو ان سيناريو “دوزنة” المناوشات حتى الساعة يحكم واقع الجبهة بين حزب الله والجيش الاسرائيلي ضمن قواعد الاشتباك المعمول بها ضمنيا منذ حرب تموز 2006. ومعلوم ان الجهود الدبلوماسية تنصب منذ اندلاع معركة “طوفان الاقصى” بالسعي لعدم توسيع حرب غزة من لبنان باتجاه ان تصبح اقليمية، باعتباره يمثل بوابة الاستقرار في المنطقة ومنه تنطلق شرارة اشتعال هذه الحرب.
وانخراط لبنان في حرب موسّعة دونه محاذير يضعها “الحزب” في حساباته، لعلمه بتغير الظروف عن حرب تموز 2006 ووقوع لبنان تحت ثقل الانهيار الاقتصادي ولا طاقة للبنانيين على تحمّل خسائر مادية وبشرية، اضافة الى تراجع القطاع الصحي وعدم قدرة المستشفيات على مواجهة عبء تطبيب الجرحى والمصابين، وايضا السؤال المؤرق هو: اين سيتوجه نازحو الحرب من اهل الجنوب والضاحية الجنوبية ضمن واقع شديد الصعوبة والتعقيد بعد تراكم النقمة من شركاء الوطن، وانسداد افق اللجوء الى سوريا التي تفر منها جماعات بشرية هائلة عبر الحدود هربا من الفقر وتردي الاوضاع الاقتصادية؟
بالموازاة، تشير اوساط مراقبة الى ان الحزب يواجه المرحلة الاخطر في تاريخ الصراع مع اسرائيل، في ظل دعم عالمي غير مسبوق لها، بعد ان نجحت إعلامياً في تسويق عملية “طوفان الأقصى” بأنها عملية إرهابية تشبه عمليات “داعش” وهجوم 11 سبتمبر، والتعمية على جرائمها والمجازر التي ترتكبها بحق شعب محاصر داخل غزة، وعليه عادت الألفة بعد العلاقات المتوترة بين الرئيس الاميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وتكثّفت الاتصالات بينهما، والاخير لن يترك فرصة هذا الدعم الاستثنائي الكبير، وسيعمل على استغلاله بأقصى الإمكانات وعلى رأس اولوياته دفع واشنطن الى توجيه ضربة عسكرية لايران من خلال شنّ هجوم على حزب الله بوصفه ذراعها العسكرية في المنطقة بالرغم من اشتراط بايدن دخول الحزب الى معركة غزة، وقد يلجأ نتنياهو الى وسيلة واحدة تتيح له تجاوز شرط بايدن تتمثّل باستفزاز الحزب عسكرياً من خلال توجيه ضربة نوعية له تدفعه الى الرد عليها لتتدحرج الامور سريعا على نحو تدخل معه القوة العسكرية الاميركية لحماية اسرائيل ومساندتها في مواجهة تعدّد الجبهات.
هيلدا المعدراني – ليبانون فايلز