العالم ال-ع-ا-ري… والوحوش الدولية

نعيش في عالم الوحوش، تحكمه حفنة من الجزارين الذين يصفوا أهلنا في فلسطين وأولادنا بـ “الحيوانات البشرية”، ويشرّعوا قتلهم وإراقة دمائهم.


لا عجب، فتلك الوحوش مدعومة “دولياً”، تستبيح القانون متى شاءت، تضرب المستشفيات والطواقم الطبية من كل حدب وصوب في واحدة من أعظم مجازر الإبادة و”التطهير” الممنهج لشعب بأكمله، محاصر بأكبر سجن مفتوح في العالم.


تلك الوحوش تدعمها حكومات وبرلمانات وصحف وتلفزيونات، يخيّل لك عند مشاهدة إفتتاحياتها وقراءة مقدماتها أن “إسرائيل” مظلومة إلى حد لا يتصوّره عقل، تعيش الغربة في أرضها، الحروق تلتهم جسدها الهش، تسقط القنابل فوق رأسها مثل قطرات البرد، تفوح من شوارعها رائحة الجثث، أما مدعاة الإشمئزاز لا تكمن بدق المسمار الأخير في نعش الإنسانية فقط، بل بمساندة الغرب والدول الأوروبية التي تحمل حقوق الإنسان راية لدولة بات الإجرام عنوانها، فسقطت شعاراتهم، ووضح زيفهم للجميع.

مهلاً، مهما حاولتم تكذيب وتحريف الحقائق، لن تنجحوا… لا لستم أصحاب حق، بل شهداء على الباطل، توثّقون وتشرّعون المجازر في سجلاتكم، تكتبون أرقام الضحايا وكأنها إحصاءات.


نعم، الغزاويون تحت القصف، أصوات الرصاص ورائحة الموت تعلو فوق كل شيء، وكأن فلسطين أدمنت الموت، كأنها أدمنت القنابل الفوسفورية، أدمنت شرب المياه الملوّثة، كأن الجثث فيها أرقام، مكدّسة في ثلاجات “البوظة”.

ليس الموت هو المخيّم على كل مناحي الحياة، بل إن العلاج في المستشفيات والوصول للدواء بات مستحيلاً، الأمراض والأوبئة تنتشر، الشعب يفترش الطرقات، لا سقف يأويه، لا عائلة تحضنه ولا مجتمع ينصره.

نعم فقد العالم إنسانيته، ربع قنبلة نووية فُجّرت في القطاع، قُصفت غزة جواً وبحراً، أفرز العدو غضبه العارم، بات في حالة هيستريا، كأنه فقد السيطرة على كل شيء ويريد إزالتها عن الخارطة.

سقطت الأقنعة اليوم، جُمّدت الكلمات، جفّت الدموع، يقف العالم عارياً ليس فقط لأنه عاجزاً عن فعل شيء، بل لأن القاتل هو إسرائيل والمقتول فلسطين.

يكتب “الغرب الديمقراطي” بيده سطور السقوط المدوي أمام شعبه أولا، ومن ثم أمام العالم كله، من سيرمّم صورته؟ من سيلمّع وجهه؟


نعم كُسرت هيبة الغرب أمام شعب خُلق من صمود، نشأ على صوت الدمار وهدير الطائرات ورائحة الموت، يحارب وحده أعتى قوة عسكرية في المنطقة، شعب محاصر بين عدو وصديق، ينوب عن الأمة النائمة في حرب تمزّقه ويدفع ثمنها باهظاً، تراه يسخر من الموت في ظل صمت عربي يشبه صمت القبور، لا يتجاوز الإدانة والإستنكار والشجب فوق الطاولة، قاطعاً أشواطاً كبيرة في رحلة التطبيع تحت الطاولة.

ليس كل القضايا تحمل الحياد، بعض القضايا الحياد فيها عار ومذلة، كيف يمكن لإنسان عاقل ألا يتضامن مع الفلسطينيين؟ كيف يعقل ألا يسمعوا صوت فلسطين في آذانهم؟ كيف يعقل أن يناموا وفلسطين ليست بخير؟

إلى شعبي في فلسطين، إذا ظلمكم من في الأرض فلا تنسوا عدالة من في السماء.

Exit mobile version