“بتحبل بالصين بتخلّف عنّا”، هذا لسان حال الكثير من اللبنانيين الذين يسكنون أو يملكون محالاً تجارية في محيط التحركات الاحتجاجية، التي شهدتها مناطق لبنانيّة في الساعات الماضية.
فالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني هو واجب إنساني قبل أن يكون واجباً منطلقاً من خلفيات طائفية أو حزبية أو قومية، وما شهده المستشفى المعمداني في غزة سابقة إجرامية ترقى إلى مستوى جريمة حرب يستحق مرتكبوها الملاحقة أمام الجنائية الدولية. ولكنّ التعبير عن هذا الغضب غالباً ما يأتي في المكان الخطأ.
وخير مثال على هذه الطريقة الخاطئة ما حصل في محيط السفارة الأميركية في عوكر، من اعتداء على الممتلكات الخاصة وتحطيم لواجهات المحال التجارية وحرق المبنى بقرب السفارة، والذي تبيّن أنه يحتوي على غرف إيواء للطلاب.
كذلك، شهد يوم أمس حرق إطارات أمام مجمّعات تجاريّة، ما أدّى الى اقفالها، وتخريب مؤسسات تجاريّة يملكها لبنانيّون لأنّها تتبع لشركات أميركيّة، واعتداء على صرحٍ جامعيّ عريق هو الجامعة الأميركيّة في بيروت…
فأيّ ذنب لأصحاب هذه الممتلكات المحطمة أو الطلاب الذين يقطنون هذا المبنى المحروق؟ وهل بهذه التصرفات العشوائية، والمسيئة للقضية نفسها، نستعيد حقوق الشعب الفلسطيني؟
ما حصل في عوكر يعود بالذاكرة إلى ما شهدته منطقة وسط بيروت بعد اندلاع ثورة 17 تشرين والسنوات اللاحقة، من تدميرٍ وتكسيرٍ وأعمال شغب طالت أرزاق الناس هناك، ما أدى إلى إقفال معظم المؤسسات والمحال التجارية هناك لأشهرٍ عدّة.
فمتى يتعلّم اللبناني التعبير بالطريقة الصحيحة؟ ويتذكّر بأنه يؤذي بتصرّفه لبنانياً مثله، عانى كلّ ما عاناه طوال السنوات الماضية من أسوأ ازمة اقتصادية في تاريخ البلد، ورغم ذلك صمد ولا زال يملك القدرة على رفع الصوت دفاعاً عن حقوق الآخرين، في وقت سكت الكثيرون.