سفارات أُقفلت ورُحّلت أطقمها

ثمّة انطباع بأن الميني الحرب عند الجبهة الجنوبية ستبقى على حالها، ضمن الضوابط القائمة هناك منذ سنة ٢٠٠٦. لكن هذا الانطباع يبقى غير مثبت طالما أن لا أحد في لبنان وفي الدول المعنية على بيّنة كاملة من مسار الأمور، ما عدا المستوى القيادي الضيق في حزب الله. وهذا الأمر صار بديهيا وطبيعيا طالما أنه من غير الوارد لدى الحزب في المحطات المفصلية أن يقبل بأن يشاركه أحد القرار، فكيف بالأحرى عندما يتعلق هذا القرار بالحرب وتوقيتها وشكلها.

لكنّ هذا الانطباع التخفيفي لإمكانية وقوع الحرب، يتزاحم مع إجراءات مناقضة تُقدم عليها تباعا السفارات والبعثات الديبلوماسية كالطلب من الرعايا مغادرة لبنان، وهو إجراء روتيني في ظل المناخات المُعاشة. لكن ما يزيد القلق هو إقدام عدد من السفارات، تردّد أن سفارة الولايات المتحدة الأميركية واحدة منها، على ترحيل الأطقم العاملة وإقفال الأقسام الرئيسة، وهو أمر استثنائي لا يمكن إغفاله أو المرور عليه مرور الكرام.

تزامنت هذه الإجراءات الديبلوماسية مع تزايد التوتر في الجبهة الجنوبية وانضمام أكثر من فصيل إلى العمليات العسكرية، إلى جانب حزب الله، تنسّق فيما بينها في غرفة عمليات مشتركة، غير محصورة فقط بالضاحية الجنوبية وغزة، بل لها امتداداتها وصولا إلى الحوثيين في اليمن. وبات واضحا أن هذه الغرفة سجّلت نشاطا استثنائيا في الأيام الثلاثة الفائتة، في الجنوب وغزة وعين الأسد السورية حيث القاعدة الأميركية، حتى صنعاء، حيث يُشتبه بأن الصواريخ الثلاثة الحوثية كان هدفها إسرائيل لا الفرق الأميركية البحرية المنتشرة قبالة السواحل اليمنية.

هذا التحرّش ليس بعيدا عن إيران، وهي رأس غرفة العمليات العائدة إلى المحور، وهدفه بالتأكيد بعث رسائل مياشرة إلى الأميركيين بأنهم ليسوا خارج بنك الأهداف متى حانت الساعة، وأن التهديد بالقطع البحرية لا يُصرف تردّدا أو خوفا أو تقهقرا لدى محور الممانعة.

لكن المسؤولين اللبنانيين الذي يتابعون بخفر التطورات العسكرية، طالما أن لا شأن لهم بها ولا قرار لهم، لا ينفكوا يتلقون رسائل التنبيه والتهديد من العواصم المعنية محورها حجم الدمار الذي سيكون من نصيب لبنان في حال شارك (يُقصد الحزب) في الحرب، وهذا الخلط بين الدولة والحزب مقصود غربيا وإسرائيليا، من أجل إفهام اللبنانيين أن تبعات الحرب لا تقتصر على مجموعة بل تطال الجميع، بمن فيهم تحديدا المناوئون المفترضون للحزب.

Exit mobile version