يرتفع عدد شهداء غزة يوماً بعد يوم، ومعه ترتفع نبرة التهديدات الإسرائيلية حيال الغزو البري للقطاع، مسبوقةً بتكثيف غارات القتل والهدم بهدف التهجير القسري وهو غاية تل أبيب.
ومع مرور كل يوم تكثر التسريبات لعلّ آخرها نصيحة أميركية لحكومة بنيامين نتنياهو بعدم اجتياح غزة، مقرونة بتهديدات تطال حزب الله الملتزم حتى الساعة بقواعد الاشتباك في مناوشاته مع جيش العدو على الحدود الجنوبية.
هذه المناوشات تزداد حدتها بشكل يومي وتتدرج حاملة معها تساؤلات عدة: هل يدخل الحزب ويُدخل معه لبنان الحرب الشاملة، أم يبقى على الحياد مكتفياً بعمليات القصف المتبادلة بانتظار متغيّرٍ ما على الجبهة الغزّاوية؟
العميد الركن المتقاعد شامل روكز اعتبر أن نجاح عملية السابع من تشرين الأول هو نجاح للقضية الفلسطينية ولحلّ الدولتين، تكون فيه الدولة الفلسطينية كاملة السيادة، ويقول روكز لـ “ليبانون فايلز” “إن الضغوطات الغربية شددت على ضرورة القيام بردٍّ انتقامي ما دفع بسرعة نحو ظهور فكرة الترانسفير باتجاه سيناء، على أن يكتمل المخطط عبر نقل فلسطينيي الضفة الغربية نحو الأردن في مرحلة لاحقة، والمستهدف هنا مصر والأردن ولبنان لأنه الحلقة الأضعف، وهذا التوجّه يدعم منطق القنوات لا سيما قناة بن غوريون الموازية لقناة السويس”..
لقتال حماس من غزّة، يضيف روكز، “يجب توفير كل القدرات التي تمكّن حكومة نتنياهو من ذلك، ولتسهيل الأمر يجب عدم فتح جبهة ثانية في جنوب لبنان، وهو ما تكفّلت به الولايات المتحدة عبر بوارجها وحاملة الطائرة جيرالد فورد، لدعم إسرائيل، لتوفير جسر جوي لإسرائيل من جهة، وللتدخّل من جهة ثانية، إن تحرّك حزب الله في محاولة لتخفيف الضغط عن حماس وغزة، وقد شهدنا اتصالات مكثّفة بين واشنطن وبيروت، وباريس وبيروت، ولندن وبيروت لعدم فتح الجبهة الجنوبية فكان جواب الرئيس نجيب ميقاتي المؤسف بأن قرارالحرب ليس بيده، توازياً يبقى ردّ حزب الله ضمن قواعد الاشتباك، فيما صمت الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله تاركاً لنائبه الشيخ نعيم قاسم أن يعلن الانخراط في الحرب”.
ويرى العميد روكز أنّ صمت السيد نصرالله مهم لأنه عندما يتكلّم يجب أن يكون هناك أمر مهم وأساسي لإعلانه، من هنا “إن الحزب يشكّل الاحتياط الاستراتيجي لمحور الممانعة، بمعنى أنه سيكون آخر المتدخّلين بالحرب بعد تدخّلات من جبهات سورية وعراقية ويمنية، وقد أطلق الحوثيون عدداً من المسيّرات باتجاه أهداف في إسرائيل، قامت القوات الأميركية بالتصدّي لها وإسقاطها.
تهديدات الأميركيين لن تؤثر على حزب الله، بحسب روكز لأن مخطط المواجهة موجود لدى الحزب ومحور الممانعة، مبدياً اعتقاده بأن تدخّله سيكون لإحداث إنجاز وصدمة كبرى تتخطى ما قامت به حماس من خلال طوفان الأقصى.
ويدعو روكز الحكومة إلى العمل على بنية تحتية طبية وغذائية وكل ما يمكن أن تحتاجه المرحلة المقبل إن دخل لبنان الحرب، منتقداً المجلس النيابي الذي لم يجتمع سوى لإنتخابات داخلية عوض اتخاذ موقف موحد من الحرب الدائرة في غزة كما كل البرلمانات التي عبّرت عن رأيها مع أو ضد، لافتاً إلى أن ما شهدته شوارع الغرب والشرق من تظاهرات مؤيدة للقضية الفلسطينية قد أعطت زخماً لهذه القضية وأعادت وضعها على الطاولة، معتبراً أن زعماء الغرب الداعمين لإسرائيل باتوا محرجين بسبب ما تشهده شوارعهم من تظاهرات منددة بالقتل العشوائي للفلسطينيين، ولا ننسى أن الرئيس الأميركي جو بايدن المرشّح راهناً للانتخابات الرئاسية العام المقبل، قد انتخبه الأميركيون من أصول عربية بوجه المرشّح الجمهوري دونالد ترامب.
كما دعا روكز الشعب اللبناني إلى لحظة وعي وطنية من خلال الالتفاف حول الجيش لتفويت أي فرصة للإخلال بالأمن ولئلّا يفتح كل طرف مواجهة على حسابه.
يبدو روكز مقتنعاً بأن لبنان لن يدخل الحرب، فلا داعي للهلع وتجهيز الباسبورات الأجنبية للمغادرة، مع التشديد على وجوب دعم القضية الفلسطينية ليتحوّل الفلسطينيون إلى شعب عودة وليس شعب شتات، لأننا في هذه الحالة سندفع نحن الفاتورة الأكبر، لافتاً أيضاً إلى ضرورة الحفاظ على التضامن العربي بوجه التضامن الغربي الذي شهدناه في قمة القاهرة، معتبراً أن القتال على أرض فلسطين يدعم قضيتها أكثر من أي قتال آخر.
القراءات العسكرية حذرة حتى اللحظة ووحده محور الممانعة يمتلك الكلمة الفصل، فهل تبقى الجبهة الجنوبية بين توتير وتبريد؟ أم تذهب نحو حرب شاملة باهظة الثمن على بلد منهار على كل المستويات، لن يجد اليد التي تمتد لإعادة إعماره؟