ميقاتي يبق البحصة: ما باليد حيلة…

لا يُحسد الرئيس نجيب ميقاتي على الظروف القاسية التي وُضعت فيها حكومته منذ تشكيلها قبل سنتين، فالرجل المعروف بنفسه الطويل وبقدرته الكبيرة على تدوير الزوايا يقف اليوم امام محطة مفصلية قد تُطيح بما تبقى من لبنان في حال تم اتخاذ قرار المواجهة مع اسرائيل والذي لا يملك منه ميقاتي وحكومته ولو الحد الادنى للمشاركة باتخاذه او رفضه، طالما ان “كبسة الزر” موجودة في مكان آخر يعرفه ميقاتي ولا قدرة لديه على تعطيله.

ابن طرابلس الذي ورث تركة ثقيلة خلفتها قرارت حكومة حسان دياب الارتجالية، دخل كرئيس حكومة على انقاض شارع سني مفتت بعد اعلان الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي والحزبي، وقد وُضع اليوم في مواجهة تعقيدات الحرب الاقليمية حيث تقتصر مهمته على حمل أوزارها في الداخل وملء فراغ سياسي عقيم واشغال وزرائه بخطط طوارئ حكومية يُدرك مسبقا أنها مجرد أفكار مدونة تتطلب في حال اندلاع الحرب ميزانيات ضخمة لتطبيقها وهو الامر غير المتاح في الوقت الحالي على المستوى الداخلي ويحتاج الى قرار دولي لتمويل تلك الخطة من الصناديق المانحة التي قد تجد صعوبة في الحرب بين لبنان واسرائيل لفتح حساباتها كما هو الحال اليوم في غزة.

يتعرض ميقاتي لضغوط خارجية كبيرة، وقد وصلته رسائل كثيرة من الدول الفاعلة وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا والاتحاد الاوروبي، يطلبون من الرجل اتخذا مواقف حاسمة تجاه حزب الله ورفض الحكومة للسياسة التي يتبعها الحزب على الاراضي اللبنانية، الا أن ميقاتي كان واضحا برفض كل تلك الافكار واكتفى بلعب دور ساعي بريد يوصل ما تريده تلك الدول الى حزب الله الذي يتلقى الرسائل من دون اي رد، بل يطلب من ميقاتي عبر وزرائه بالتحضير جيدا لأي معركة مستقبلية على الاراضي اللبنانية من دون اطلاعه على اي تفاصيل أُخرى.

وما يقلق ميقاتي وعبَّر عنه امام بعض المقربين منه هو الحركة غير الاعتيادية لزوار الضاحية والتقارير التي ترد عن وجود غرفة عمليات مشتركة يقودها حزب الله للفصائل المسلحة في المنطقة اضافة ما يتم تسويقه عبر الاعلام الاسرائيلي عن وجود فيلق ايراني في الجنوب لمؤازرة الحزب والزيارات الدائمة لقائد فيلق القدس الى لبنان وتجوله على الجبهات جنوبا، وهو ما يضع لبنان الرسمي خارج الخارطة العسكرية التي يتم تطبيقها على اراضيه. ميقاتي الذي لوَّح قبل حرب غزة بالاعتكاف وعدم الدعوة الى جلسات حكومية للضغط على الاطراف ودفعها نحو انتخاب رئيس للجمهورية، تضيق أمامه اليوم الخيارات وفُرضت عليه معركة الامر الواقع، فهو على يقين أن الامور نحو مزيد من التدهور وما يتم التحضير له على مستوى المنطقة أكبر بكثير من قدرات لبنان وربما يحسد قرار الحريري تعليق عمله السياسي والحزبي في هذا التوقيت لأن الوضع أكبر من الحكومة والمجلس النيابي وترتبط بتغير ميزان القوى في العالم وانخراط لبنان في المحاور رشحه ليكون في مقدمة الدول التي انخرطت عمليا في هذه الحرب.

علاء خوري -ليبانون فايلز

Exit mobile version