أكثر من أسبوع مر، ولم تتمكن عائلة علي سعد من الحصول على المياه، بعدما قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي محطات مياه في جنوب لبنان، وهو ما دفع العائلة إلى شراء المياه بأسعار مرتفعة، حسب تعبير علي سعد (53 عاماً)، رب أسرة ومزارع في منطقة علما الشعب.
يقول لـ”المدن”: “يتطلب عملي ري المزروعات، وبسبب القصف الإسرائيلي، لم يعد بالإمكان الحصول على المياه بالطرق المعتادة، وهو ما دفعني لشراء عدة براميل من المياه”. يمتلك سعد نحو دونمين من الحمضيات و المزروعات الموسمية، التي تشكل مصدر رزقه الأساسي لتأمين تكاليف معيشته، ولذا يعد ري هذه المزروعات مهماً جداً لتأمين وفرة بالإنتاج.
يضيف “خلال الأيام الماضية، ارتفع سعر نقلة المياه سعىة 20 برميلاً من 800 ألف ليرة إلى أكثر من ثلاثة ملايين ليرة. وهو رقم يشكل معادلة صعبة بالنسبة للمزارعين تحديداً، فمن جهة، نحن غير قادرين عن الاستغناء عن الماء لري المحاصيل، ومن جهة ثانية، لا نملك هذه المبالغ المالية، وهو ما يهدد مصدر رزقنا الأساسي”.
حوّل القصف الإسرائيلي على المناطق الحدودية حياة السكان إلى جحيم. ولم يعد بإمكان الكثير من العائلات الحصول على مقومات الحياة الأساسية، وتحديداً، المياه، خصوصاً وأن القصف استهدف البنى التحتية، وتحديداً محطات المياه.
تشير ماجدولين عيد من منطقة “رامية” إلى أن المنطقة تعاني من نقص المياه منذ أكثر من 10 أيام، وتعتمد على أصحاب الصهاريج لتأمين ما تيسر من الماء. تقول لـ”المدن”: “الوضع كارثي، لا يمكن الاستحمام أو استخدام الماء بالشكل الطبيعي. إذ يعمد أصحاب الصهاريج على تقنين المياه لسد الطلب المرتفع”. أما عن الأسعار، فتؤكد بأنها شهدت ارتفاعاً ملحوظاً، إلا أنها مضطرة لشراء الماء لأنه من الضروريات.
تكلفة مرتفعة
على عكس عيد، لم تتمكن عائلات أخرى من شراء المياه. ويعود السبب في ذلك إلى أسعارها التي لم ترتفع وحسب، بل باتت مدولرة.
تتباين أسعار برميل المياه من منطقة إلى أخرى وتلعب عوامل عديدة دوراً في ذلك، وهو ما يشير إليه سعيد الأسمر، الذي يملك صهريجاً لنقل المياه. يعترف بأن الأسعار خلال الأيام العشرة الماضية ارتفعت بشكل مضاعف، ويقوم البعض ببيع نقلة المياه بسعر يصل إلى أكثر من 50 دولاراً. يشير إلى أن المسافة التي يقطعها صاحب الصهريج لتأمين المياه تلعب دوراً في تحديد الأسعار، ويختلف السعر في حال تم الاتفاق على ملء 10 خزانات مياه أو خمسة أو أقل.
وصل سعر 10 براميل من المياه أي نحو 1000 ليتر إلى ما يقارب من ثلاثة ملايين و500 ألف ليرة، فيما لم يكن يتخطى السعر حاجز 800 ألف ليرة. يعزو محمد القاسم صاحب أحد صهاريج تعبئة الماء ارتفاع الأسعار إلى زيادة الطلب في الفترة الماضية. ويقول لـ”المدن”: “زاد الطلب على الماء وبكميات كبيرة في الوقت الذي لم يتمكن أصحاب الأبار من تلبية الطلب”.
تختلف الأسعار من مكان إلى أخر، فهناك إقبال لافت في مناطق الجنوب بسبب النقص الحاد نتيجة القصف العشوائي، بينما الطلب يبدو ضعيفاً نسبياً في مناطق عدة في بيروت.
هذه الأسعار وضعت عائلات كثيرة أمام مأزق حقيقي. لم تتمكن عائلات كثيرة في جنوب لبنان من شراء برميل واحد من الماء، وهو ما أكدته عائلة غالب يونس. إذ وصل سعر البرميل لأكثر من 5 دولارات، أي ما يوازي 500 ألف ليرة. بالنسبة له لا يمكن أن يساعد البرميل في تلبية احتياجات العائلة، التي تحتاج ما لا يقل عن 5 براميل للاستخدام اليومي. يعيش يونس مع عائلة مكونة من أربعة أفراد بالإضافة إلى زوجته ووالدته. ووفق حساباته، يحتاج يومياً إلى 25 دولاراً تقريباً لشراء الماء، وهو رقم يصعب تأمينه. إذ يتقاضى 10 ملايين ليرة نظير عمله في إحدى المؤسسات التجارية.
موقف الدولة
لا يخضع أصحاب صهاريج المياه لأي مراقبة من قبل وزارة الطاقة، ويعملون من دون أي غطاء قانوني، وعادة ما تقوم وزارة الطاقة بإعطاء الرخص لأصحاب الأبار الارتوازية، ما يعني أن الفوضى تتحكم بهذا القطاع، وتجعله أسير لبعض المافيات التي تتحكم بحياة الناس.
بلقيس عبد الرضا – المدن