بين الضوء الأخضر الأميركي لإسرائيل لمواصلة “انتقامها” في غزة وإطلاق يدها في لبنان والإكتفاء بتحذير اللبنانيين من الإنزلاق إلى الصراع من جهة، والتحذير الروسي من توسيع رقعة الحرب، وإعلانه أن لبنان وإيران لا يريدان الإنخراط في الحرب، تزداد التكهّنات والتساؤلات حول ما يُرسم للمنطقة، وليس فقط لغزة أو لبنان في المرحلة المقبلة، خصوصاً وأن ضبط العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، لا يعني بالضرورة أن الستاتيكو الراهن مرشّح للإستمرار في حال تواصلت الإعتداءات الإسرائيلية واتّسعت رقعتها.
وعلى الرغم من أن التطورات العسكرية في الجنوب تتصاعد تدريجاً، فإن الكاتب والمحلِّل السياسي طوني عيسى، يرى أنه حتى الساعة، فإن طرفي الصراع على هذه الجبهة، أي “حزب الله” وإسرائيل، “يحافظان على الوضع الميداني بشكلٍ لا يؤدي إلى اتساع رقعة المواجهة بشكل مفتوح”، ويؤكد أن “الحزب أرسل عدة مؤشرات، وأبرزها ما ورد في خطابَي أمينه العام السيد حسن نصرالله، لجهة التزامه “عدم إغراق لبنان بدوامة مغامرة جديدة”.
في المقابل ومن الجهة الإسرائيلية، يتحدّث عيسى عن “سيناريوهين مطروحين على الطاولة، وهما نتاج الضغط الداخلي في إسرائيل، وكلٍ منهما باتجاهين مختلفين:
الأول، الذي يضغط باتجاهه فريقا اليسار والوسط في إسرائيل، وهو عدم الدخول في مغامرة مفتوحة تؤدي إلى زعزعة الإستقرار، ليس في لبنان فقط، بل في الشرق الأوسط ككل”.
أمّا السيناريو الآخر، يضيف المحلِّل عيسى، الذي “يثير الخشية، لكنه أحد الإحتمالات الواردة، هو الذي يدفع إليه العقل اليميني المتطرف والعقل العسكري الموجود حالياً في السلطة والمُمسك بالأمور، ويقترح بأن يكون السبيل لكي يخرج بنيامين نتنياهو من أزمته الداخلية وإحراجه بعد عملية “طوفان الأقصى”، بأن يقوم بعمل مجنون على مستوى لبنان، يؤدي إلى زعزعة استقرار لبنان بشكلٍ كبير وليس كعدوان 2006 التدميري وضرب الحزب لإضعافه، ذلك أن الخوف اليوم، هو أن تقوم إسرائيل بالعدوان بشكلٍ مبالغ به، ويؤدي بلبنان إلى مكان يصعب فيه جداً أن يقوم منه”.
ويعتبر عيسى، أن “هذا السيناريو أصبح احتمالاً وارداً، خصوصاً وأن نتنياهو قال إن الحرب على لبنان، ستؤدي إلى تغيير الشرق الأوسط، ما يدل على هدفه التدميري والمخيف جداً والمجنون”.
ومن ضمن هذا السياق، فإن “الروسي لا يريد هذه المغامرة ويهمه استقرار لبنان والشرق الأوسط”، كما يستدرك عيسى، إنطلاقاً من أن “موسكو ترى أن انفلات الشرق الأوسط، يمنح الغربيين والأميركيين خصوصاً، ذريعةً للسيطرة على الشرق الأوسط من خلال الأساطيل التي ينشرونها حالياً، وهذا الأمر يبدأ من لبنان بعدما قام السوريون بتحييد أنفسهم”.
وانطلاقاً ممّا تقدم، فإن الجواب على السؤال المطروح حول ما إذا كان لبنان أمام مرحلة جديدة في الجنوب، يتصل، وكما يقول المحلل عيسى، ب”السيناريو الذي قد يختاره الإسرائيلي للبنان وللشرق الأوسط”.
ليبانون ديبايت