مع انقضاء اليوم الأول من الهدنة في غزة، وإنجاز المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة “حماس”، قد يكون من الممكن القول إن الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة قد انتهى، وسيكون عنوان مرحلة اليوم التالي البحث في صيغةٍ ما للقطاع، وإن كانت عملية شائكة ومعقدة تتداخل فيها العوامل المحلية والإقليمية، كما الدولية.
ويتوقع الخبير الإستراتيجي العميد خالد حماده، أن تلي الهدنة في غزة هدنة جديدة، مؤكداً أن الصفقة التي بدأت أولى مراحلها بالأمس، سوف تؤسِّس لهدنة إنسانية طويلة في غزة، على أن يتمّ العمل في مرحلة لاحقة، على رسم وتحديد الإجراءات لضبط العمليات والحؤول دون اتساع القتال ودخول جبهات أخرى، بمعنى أن الهدنة في غزة ستنسحب على جبهة جنوب لبنان حكماً.
واعتبر العميد حمادة في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، أن الجيش الإسرائيلي، فشل في تحقيق أي مكسب من هذه الحرب، لافتاً إلى أن بنيامين نتنياهو، يسعى لإطالة أمد الحرب ويعلن أنه سيستأنف عدوانه بعد الهدنة، ولكنه في موقف حرجٍ بعد انسداد الأفق الميداني أمامه، حيث أن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع محاربة حركة “حماس” في الأنفاق، ولا يستطيع النزول إلى الأنفاق حيث سيسقط جنوده بالمئات”.
وعليه، فإن إطالة الحرب العبثية وأهدافها غير الواقعية وضغط أهالي الأسرى، هي عوامل ستحول دون أن يتابع نتنياهو الحرب، كما كشف حمادة، الذي أكد أن إسرائيل لن تستطيع القضاء على “حماس” وسـتعجز عن السيطرة الأمنية على غزة.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، يشدِّد حمادة على أن الهدنة سوف تليها هدنة أخرى للوصول إلى هدنة طويلة، خصوصاً وأن هدفها هو “إنزال إسرائيل عن الشجرة”، وبالتالي، وفي حال الفشل في التوصل إلى تصوّر للحل النهائي، سيتمّ تمديد الهدنة.
وعليه، توقّع حمادة أن يتطلّب إطلاق كل الأسرى الإسرائيليين وبالحد الأدنى قرابة الشهر، إذ أن نتنياهو أعلن أنه مقابل كل عشرة رهائن يتم الإفراج، عنهم سيكون هناك يوم من الهدنة.
أمّا عن اليوم التالي للهدنة، أوضح حمادة أن الآلة العسكرية الإسرائيلية المتطوّرة، قد دمّرت شمال قطاع غزة وقتلت الآلاف من المدنيين، ولكنها عجزت عن تحقيق أي تقدم على الأرض، ولم تحرز أي إنجاز عسكري، ولذلك فإن نتنياهو يريد الخروج من المأزق بمكسبٍ ما، ولكن هذا الأمر سيكون صعباً إن لم يكن مستحيلاً.
وعن مخطّط تهجير أهالي شمال القطاع إلى الجنوب، أكد حمادة أن هذا المخطط قد سقط، بدلالة عودة أهالي غزة إلى الشمال غير آبهين بكل التهديدات الإسرائيلية.
وبالنسبة لجبهة جنوب لبنان، فقد رأى حمادة أنها ستبقى مستقرة من الناحية المبدئية كونها مرتبطة بالحرب في غزة، ولكنه لم يستبعد أن تشهد بعض التوتر في حال ظهور توجّه لدى طهران للدخول إلى المشهد، خصوصاً إذا وجدت نفسها خارج الحلول والتسويات السياسية التي سيشهدها الوضع في غزة والمنطقة.
وفي هذا السياق، تحدث حمادة عن دورٍ جديد لطهران في القرار الدولي 1701، في إشارةٍ إلى العمليات التي تنفذها مجموعات فلسطينية، أو مجموعات تضمّ عناصر تركية أو حتى لبنانية في الجنوب، مع العلم أن ما من مجموعة قادرة على التحرّك على الجبهة الجنوبية من دون علم “حزب الله”.
وأعرب عن اعتقاده بأن طهران تريد أن يستثمر الحزب في هذه القضية في مرحلة لاحقة، عند مباشرة البحث عن ترتيبات لوقف النار في الجنوب اللبناني، وتريد أن يضطلع بدور جديد في القرار 1701 في ظل تقاعس كل القيادات اللبنانية الداخلية.
وخلص حمادة إلى طرح سؤال أساسي هو “إذا كان الجانبان المصري والقطري هما عرّابا وقف النار في غزة، فمن سيكون عرّاب وقف إطلاق النار في الجنوب؟”
ليبانون ديبايت