كشفت الهدنة عن آثار الحرب على القرى الجنوبية الحدودية، خصوصاً تلك التي تعرّضت للقصف الفوسفوري. الخسائر بالجملة بسبب هذه القنابل المحرّمة دوليّاً، وأولها تلف مواسم الزيتون واحتراق الأشجار ولا تنتهي عند خطر تسرّبها إلى المياه الجوفية، حيث معظم القرى تعتمد على الآبار الإرتوازية.
ميس الجبل إحدى البلدات التي بدأت تحصد نتائج العدوان، أكثر من 300 دونم من الزيتون الممتد من العباد حتى بليدا أتلفت بمواسمها، ويُقدّر رئيس البلدية عبد المنعم شقير الخسائر بآلاف الدولارات، إذ يقول إنّ «كل دونم زيتون تقريباً يعطي ما يقارب 8 إلى 10 تنكات زيت. سعر الواحدة 150 دولاراً أميركياً، أي أنّ الخسائر في كل دونم تصل إلى 1500 دولار». ويضيف أنّ «الزيتون الحالي لم يعد صالحاً لا للأكل ولا للزّيت»، مشيراً إلى «نكسة اقتصادية»، غير مسبوقة لمزارعي الزيتون ممن يخشون، وفق شقير، تلف المواسم لأكثر من عام، وهذا ما دفعه للطلب من الجهات المعنية بدء إجراء الفحوص والأبحاث في مدى تأثير الفوسفور على المزروعات وكيفية معالجته.
لا تتوقف الأخطار عند هذا الحدّ، بل يخشى شقير أن يتسرّب الفوسفور إلى باطن الأرض، أي إلى المياه الجوفيّة، لذلك أجرى اتصالات بمصلحة مياه لبنان الجنوبي، كون تلوّث المياه يعني تسرب الأمراض إلى الأهالي. ويرى أنّ الأمطار تؤدي إلى تسرّب الفوسفور نحو المياه، لافتاً إلى أنّ «مصلحة المياه قد وعدتني أنها ستأخذ اليوم عيّنات لاخضاعها للفحوص».
يبدو أنّ نكسة ميس الجبل الاقتصادية كبيرة فالبلدة تُعدّ سوقاً مفتوحة لتجارة السجّاد والمفروشات والأدوات المنزلية. ويتخطى عدد محالها التجارية الـ100. وكانت أسواقها مقصداً لكلّ اللبنانيين من مختلف القرى والبلدات اللبنانية، بسبب رخص أسعارها، وهي تتجه نحو الإنحسار. وكشف شقير أنّ العديد من تجّارها بدأوا بنقل أعمالهم نحو النبطية وصور وبيروت، بسبب تداعيات الحرب الحاصلة»، مشيراً إلى «أنّ بعضهم استورد بضائع بأكثر من 3 ملايين دولار. وكان التجار يعوّلون على حركة السوق بين شهري 9 و10، وإذ بالحرب تباغت الجميع، وتُشلّ الحياة كلّها».
يصف شقير الواقع «بالخطر للغاية، والخسارة كبيرة لميس الجبل، إذ حطّمت المعارك كل طموح بتطوير الأعمال التجارية وتوسيعها»، مؤكّداً أنّ «الواقع التجاري والاقتصادي قبل 7 تشرين الأوّل لن يكون كما بعده». ما تعيشه ميس الجبل يندرج على معظم القرى الحدودية التي نالت نصيبها من قنابل الفوسفور. وتحوّلت إلى حقل تجارب، شلّت الحركة التجارية. وأتلفت المزروعات ومواسم الزيتون، ووصل تهديدها إلى المياه الجوفية، لكن يبقى الأمل والتمنّي بتمديد الهدنة التي قد تحقّق الإستقرار والطمأنينة والهدوء، وتُعيد الحركة الاقتصادية إلى عافيتها.
رمال جوني – نداء الوطن