ما إن تصدرت المشهد السياسي في لبنان أنباء توسع الحرب المندلعة جنوب لبنان بين إسرائيل وحزب الله، حتى انقسم اللبنانيون بين رافضٍ ومؤيد لها ، كما انقسموا سابقاً على كل القضايا، وآخرها موجة نزوح الجنوبيين هرباً من نيران الحرب، فمنهم من رفع شعارات “بيوتنا مفتوحة إلهن”، وآخرون رفضوا استقبالهم ولو لم يكن على العلن.
ومع سقوط أول الشهداء المدنيين في الجنوب جراء القصف الإسرائيلي، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي، بحملة رفض لجر لبنان إلى حرب أخرى تحت عنوان “لبنان لا يريد الحرب”، وسرعان ما انتقلت هذه الشعارات إلى لافتات إعلانية انتشرت في شوارع بيروت، بينما ايّد قسم آخر من اللبنانيين الحرب لنصرة أهالي غزة.
تنوعت أشكال الرفض لدى اللبنانيين، تبعاً لأسباب سياسية، منها لا أحد يريد تكرار الماضي، أو اقتصادية نظرا لما يمر به لبنان من أزمة مالية حادة.وسام حسن
ناشط في الشأن العام يرى أنه من حيث المبدأ، للشعوب الحق في تقرير مصائرها، والتحرر من الظلم وبأن تعيش بحرية وباختيار أنظمتها السياسية.أما في لبنان، فنحن نعيش حالة اقتصادية متردية منذ عدة سنوات ، فلبنان لا يحتمل الحرب”، في ظل الواقع الطبي الصعب والأزمة الاقتصادية الحادة يقول لـ لبنان 24.
ويضيف “مما لا شك فيه لدى لبنان كل الحق بسيادته على كامل أراضيه ضمن مساحة ١٠٤٥٢ كلم² وضمن الحدود المعترف بها دوليا، لكن علينا أن نبحث في مدى جهوزية لبنان الدفاعية والهجومية في حال لجأنا إلى الحرب مع إسرائيل، وبالتالي أنا ضد أي حرب لسبب بسيط وهو عدم قدرة لبنان على دفع رواتب الجيش والقطاع العام وبسبب النقص الحاد بالأدوية والتجهيزات الطبية فكيف سيقاتل دولة أقوى منه عسكريا واقتصاديا وطبياً”.
رغم معالم الابتهاج وانطلاق المسيرات المؤيدة في بعض مناطق بيروت منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول، يتخوف الناشط “حسن” من امتداد شرارة الحرب إلى باقي المناطق اللبنانية حيث يرى أن “القضية الأولى والأخيرة للبنان في هذه الأيام المباركة هي انتخاب رئيساً للجمهورية ليستقيم عمل مؤسسات الدولة وينكفئ مجلس النواب إلى تشريعاته وليبحث مجلس الوزراء في أعماله ومشاريعه الانمائية”.
في المقابل، هناك رأي مخالف للناشط وسام حسن بعد اشتداد رقعة المعارك في الجنوب، وسقوط مدنيين بينهم أطفال نتيجة الغارات الإسرائيلية. ترى ريما المكحل، وهي ناشطة حقوقية، خلال حديثها لـ
إ
لبنان 24 “أن القضية الفلسطينية ليست مسؤولية الفلسطينيين وحدهم بل قضيتنا جميعاً، ويجب توحيد الصف دعماً لها”.
وتضيف: “لا أنكر أن لبنان يمر بأزمة مالية حادة، ولا أحد قادر على تحمل تبعات الحرب ولكن هناك أكثر من 5 آلاف طفل قتلتهم إسرائيل ومجازر تُرتكب يومياً بحق الفلسطينيين منذ أكثر من 70 عاماً، فواجبنا الدفاع عنهم ونحن لدينا قوة قادرة على ذلك وهي المقاومة، أثبتت أن لبنان يشكل قوة بوجه إسرائيل رغم كل ما يمر به، ولو لم يتدخل لبنان هل ستتركنا إسرائيل وشأننا؟”.
يعيش اللبنانيون يومياً حالة من الترقب والتوتر في ظل اشتداد حدة المعارك في الجنوب ، بينما هناك مساعٍ حكومية لبنانية، لمنع توسع رقعة الحرب وامتدادها لكافة المناطق اللبنانية.
يُذكر أنه خلال حرب تموز عام 2006 استشهد ما يقارب 1191 شخصاً معظمهم من المدنيين، فيما هجّر حوالى مليون شخص من منازلهم وتم تدمير 15 ألف منزل و900 معمل، إضافة إلى تدمير طرق وجسور وأجزاء من مطار بيروت الدولي، وقد قدرت الخسائر المادية حينها بـ3.5 مليار دولار أميركي، منها ملياران للمباني، و1.5 مليار للبنى التحتية.
لبنان 24