يعتبر “الكريستال ميث” مادة منشطة شديدة التأثير في جميع أعضاء الجسم، وهذا المخدر يتسبب بفقدان العقل، لكن الأكثر رعبا انه أصبح شائعا ويحتل المرتبة الأولى عربيا.
محليا، انتشر مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الالكترونية، “فيديو” لشابين يستقلان دراجة نارية، وكان واضحا عدم قدرتهما على الوقوف بتوازن والقيادة، أو حتى السيطرة على الدراجة، فوقعا ارضا وكأنهما مشلولان. هذا المقطع اثار جدلا واسعا، حيث بدا الشابان في حالة من الهلاك البدني، ولم يتمكنا من القيام لرفع الدراجة، فتهافت الناس لتقديم المساعدة وحملهما.
بالموازاة، تعددت المخاوف من ظهور مادة مخدرة تؤدي الى مثل هذه العوارض، وفي هذا السياق كانت الأجهزة الأمنية التي لم تستطع تحديد تاريخ “الفيديو “اكدت أن يكون هذان الشابان تحت تأثير المخدر “كريستال ميث”. ووفقا لمصادر امنية، “فان هذا النوع بدأ يتفشى بسرعة قصوى بين الشباب تحديدا”.
وكانت الاجهزة الامنية قد حذرت من وجود صنف مخدرات جديد وخطر عوارضه قاتلة، ويتم ترويجه في المناطق الشعبية والأسواق اللبنانية، وتحديدا في محافظتي بيروت وجبل لبنان. وكشف المصدر الأمني، “ان عددا كبيرا من الموقوفين بتهمة التعاطي مدمنين على هذا النوع من المخدرات تحديدا “.
اكدت الدكتورة المتخصصة في الصحة العامة ليا أبو نعوم لـ “الديار” ان “الكريستال ميث” هو “ميثامفيتامين” المستخرج من مادة “الامفيتامين”، وهذا المخدر نشط ويؤذي صحة العقل، ويستعمل كوسيلة لمضاعفة الطاقة والنشاط والنشوة الجنسية”.
وأشارت “الى ان المقلق في هذا الامر هو انفلاش المخدر على نطاق واسع في لبنان، وخاصة بين فئة الشباب الصغار، وهذا يرجع الى ان تركيبته الصناعية تشتمل على مواد تدخل الى السوق المحلي بطرق غير شرعية، تحت مسمّى مواد طبية أولية”.
وأوضحت “ان الميثا امفيتامين” هي المادة الخام التي ينتج منها “الكريستال ميث”، والتي تعد من أقذر أنواع المنشطات تأثيرا في سلامة الجهاز العصبي، ويكفي تناول هذه المادة مرة او مرتين لتعاطيها بإفراط. كما “تخربط” معدلات الدوبامين، الذي هو ناقل عصبي وهرمون يوصل الرسائل الكيميائية بين الخلايا العصبية في الدماغ او بين الدماغ وبقية الجسم. ويؤدي اخذ هذا النوع من المخدرات لأوقات طويلة الى الإصابة بالتلف الدماغي والاضطرابات النفسية الأخرى، بالإضافة الى الشلل الدماغي والاصابة بالذهان”.
وشددت أبو نعوم “على ان مدمني هذه المادة قد يتعرضون لخطر الإصابة بالغيبوبة والجلطات، لافتة الى ان الميثامفيتامين الكريستالي تم تركيبه اول مرة في اليابان في العام 1919، وكان يعتقد حينذاك انه سيوظف في استخدامات طبية لمداواة العديد من المشكلات الصحية مثل “النوم القهري” والادمان على الكحول، لكن تم حظر انتاجه في الخمسينيات ، الا ان بعض شركات الادوية الطبية استمرت في تصنيعه وبات موجودا في المنطقة العربية، كما يدخل الى لبنان بطرق ملتوية ليُباع في السوق السوداء، والامر الأخطر انه تم تطوير سلالات اقوى منه”.
وفي هذا المجال علمت “الديار” بوجود اوكار تروّجه في منطقة النبعة – برج حمود، المشرفية، الدورة ومناطق لبنانية أخرى، وان عصابة منظمة تتولى تسويقه تحت مسمى “مسحوق لتصنيع مواد لتنظيف المنازل والغسالات”. إشارة الى ان سعر الغرام الواحد منه يباع في لبنان ما بين الـ 10 و15 دولارا.
واكدت أبو نعوم انه “يمكن طرد هذا السم من الجسم من خلال شرب كمية كبيرة من الماء فقط، الى جانب تناول الأطعمة الغنية بالألياف، التي تحسن من وظيفة الجهاز الهضمي وتساعد في تسريع عملية ابطال مفعول “الكريستال ميث”، واشارت الى “ان التخلص من هذا العقار قد يؤدي الى عواقب صحية خطرة، لأنه يبقى في البول 9 أيام من آخر جرعة تعاطاها المدمن، لكنه يبقى في الدم مدة تتراوح من 24 الى 36 ساعة، ويمكن الكشف عنه في تحليل المخدرات، لكنه يستقر في الشعر لفترة تزيد على 90 يوما”.
ولفتت الى “انه يمكن اعتبار التمرين البدني نشاطا او مجهودا جسديا يحفز الجسم على حرق الدهون ، ويسرع من عملية طرد التفاعلات الكيميائية، أيضا يمكن للمعاقر تناول الأعشاب المدرة للبول كالقرفة والزنجبيل”.
وقالت الاختصاصية النفسية غنوة يونس لـ “الديار” ان “العوامل البيئية قد تكون سببا من أسباب تعاطي الشباب المخدرات، لذلك يتناولها البعض كآلية للتعامل مع ضغوطات الحياة”. اضافت “طبعا الجانب النفسي يؤدي دورا أساسيا في انحراف الفرد ، نتيجة الخلل في الذات جراء عبء العمل او معوقات داخل المنزل، فتتراكم الأحمال والمشقة المعيشية والاعتداءات الجسدية المبكرة على الاولاد”.
وتابعت “قد يكون ادمان الاقران او الاهل عاملا لانغماس المراهقين في معاقرة هذه الملوثات، لذلك ينبغي للأجهزة الأمنية مراقبة الحوانيت والمقاهي، حيث يتم وضع مسحوق “الكريستال ميث” في النرجيلة، فهذه الأماكن تتيح الوصول الى هذه المواد القاتلة بسهولة”.
ونصحت يونس الاهل “بالتشجيع المستمر للمدمن ومساندته والوقوف دائما بجانبه، والايمان بقوته وقدرته في الشفاء. كما ان التدخل السريع مهم جدا، والتكاتف العائلي يساهم بشكل كبير في نجاة المتعاطي، الى جانب وضع خطة لمتابعة تطورات حالته باستمرار مع طبيب نفسي متخصص، وحثه على الاهتمام بالنواحي الروحانية، وتفريغ طاقاته الكامنة وتغيير روتينه اليومي والتخلص من الأفكار السوداوية”.
ندى عبد الرزاق – الديار